ساهم فرفوريوس الصوري في ابتكار فلسفة خاصة، أطلق عليها الأفلاطونية المحدثة، نسبة إلى معلمها الشهير أفلوطين. وجمع فرفوريوس محاضرات معلمه ووضعها في كتاب اسمه [التاسوعات]، فبدا واضحاً في الكتاب أنه من الصعب التفريق بين آراء أفلوطين وبين آراء فرفوريوس الصوري. اهتم فرفوريوس كثيراً بالنفس الإنسانية، وحاول أن تكون شروحاته ميسرة عنها، ومن ثم فقد أولى جوهر الأشياء عناية خاصة في كتاباته وشروحاته.

أعجب الفيلسوف لونجينوس، وهو مستشار الملكة زنوبيا، بنبوغ مالك/ ملخوس وسرعة تعلمه للغتين اليونانية واللاتينية، وبقدرته على فهم الفلسفة والمنطق، فأطلق عليه لقب [فرفوريوس] وهو يعني [الذي يرتدي الأرجوان]؛ ومنذ تلك اللحظة أصبح هذا اللقب هو الاسم الذي عرف به في الثقافة العالمية.

ولد مالك/ ملخوس في بلدة البثنية في سهل حوران عام 233 للميلاد، وينتمي إلى قبيلة السميذع العربية. انتقلت عائلته إلى تدمر ومن ثم إلى صور وأنطاكيا. وهناك درس تفسير الكتب المقدسة والشعر والفلسفة والمنطق الصوري لأرسطو. وزار حران، بعد ولعه بشاعرها برديصان الرهاوي، وتعلم في معابدها تعاليم الفيثاغورية العرفانية، التي دفعته إلى تأليف كتاب عن فيثاغورث هو [حياة فيثاغورس ووصاياه]، حيث أصبح هذا الكتاب منبع الثَّقافة عند صابئة حران.

عاش فرفوريوس زاهداً في حياته، ممتنعاً عن تناول اللحم وشرب الخمر والاقتراب من النساء. وقد سمع بأفلوطين الذي انتشر صيته كثيراً، فذهب إلى روما، ولازمه منذ عام 262، وصار تلميذه الأثير ، إلى درجة أن الفلاسفة صاروا يقولون: "إن أفلوطين يزهو بريش فرفوريوس".

ساهم فرفوريوس الصوري في ابتكار فلسفة خاصة، أطلق عليها الأفلاطونية المحدثة، نسبة إلى معلمها الشهير أفلوطين. وجمع فرفوريوس محاضرات معلمه ووضعها في كتاب اسمه [التاسوعات]، فبدا واضحاً في الكتاب أنه من الصعب التفريق بين آراء أفلوطين وبين آراء فرفوريوس الصوري.

كان صاحب فضل كبير على فلسفة أفلوطين؛ فهو الذي قام بتحرير التاسوعات وكتابة حياة صاحبها, وبالإضافة إلى ذلك فقد كتب عن "أخبار الفلاسفة" ووصل فيه إلى الحديث عن أخبار أفلاطون. ومن أهم مؤلفاته: كتابه "المدخل إلى المقولات" الذي عرف في التراث العربي بـ"إيساغوجي" وكتب أيضاً عن التنجيم في كتابه: "المدخل إلى تنجيم بطليموس"[1].

في روما، كان فرفوريوس يدرِّس اللغات اليونانية واللاتينية والسريانية، معتمداً في منهاجه على أشعار هوميروس وهسيود، وعلى فلسفات أفلاطون وأرسطو وأبيون الإسكندري وفيلون الإسكندري.

ترك فرفوريوس عدداً من الكتب الهامة، منها [بحث في كهف الحوريات]، وهو كتاب خاص بالشعر، لم يعرفه العرب، ولكن السريان عرفوه واستفادوا منه كثيراً. وفي مجال الفلسفة، اشتهر بأنه من أعظم شرّاح الفلسفة الأرسطية، وألف كتاب [نقاط البدء] تعرض فيه لفلسفتي أفلاطون وأرسطو. ومن ثم كتب [الكلام على السماع الطبيعي لأرسطو] وهو ثمان مقالات، فسر فرفوريوس منه المقالات الأربع الأولى. وغيرها من الكتب، أهمها [تفسير كتاب الأخلاق لأرسطو] وهو اثنتا عشرة مقالة شرحها فرفوريوس بالسريانية، ثم نقلها حنين بن اسحق إلى العربية. ومن الكتب الهامة أيضاً: [رسالتان في الرد على الكاهن المصري أيونابيوس] شرح فيه مذاهب أفلاطون وأرسطو في العلم الإلهي، وقد انتصر له وفسره أبو بكر محمد بن زكريا الرازي.

اهتم فرفوريوس كثيراً بالنفس الإنسانية، وحاول أن تكون شروحاته ميسرة عنها، ومن ثم فقد أولى جوهر الأشياء عناية خاصة في كتاباته وشروحاته، فقال: "إن تغير صفة جوهرية للشيء تجعل منه شيئاً آخر، وتتغير صفة جوهرية، تثير في الشيء اختلافاً ولكن تبقى حقيقته كما هي".

توفي في جزيرة صقلية عام 305.[2] وهي شبه الحالة التي كانت تحصل للمتصوفة المسلمين، والتي تدعى الوجد.