تنوعت الدراسات حول موضوع تقنيات التحول الرقمي ودوره في التنمية المستدامة، وكيفية إدارة وتحليل البيانات الضخمة، وقدرات خدمات الحوسبة السحابية وإدارتها ودعمها للتنمية المستدامة إضافة إلى قضايا التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي، والدفع الإلكتروني الذي يعتبر الحجر الأساس للتحول الرقمي، نظراً لدوره في دعم الإيرادات الضريبية وأهميته في الحد من أزمة السيولة والاكتناز النقدي. بخاصة بعد ما أثبتته الأبحاث المتعلقة بملف التكنولوجيا المالية وأهميتها لتحسين الإدارة المالية، مع ضرورة إيجاد ثقافة التحول الرقمي والخوف من التكنولوجيا ووعي أهميتها.

على هامش مؤتمر التحول الرقمي الثالث، الذي عقد في دمشق مؤخراً، أكد الدكتور أحمد غزال من جامعة دمشق أن التحول الرقمي جزء أساسي في الاقتصاد حيث تزيد المعاملات، وهناك تحول رقمي سطحي يتضمن ثقافة المؤسسة التي تعمل عليه، والقطاع المصرفي هو أحد المتأثرين في هذا التحول. وهذا يستدعي وجود أنموذج لأعمال مناسبة. ثم لفت غزال إلى ما نتج عن الدراسات الخاصة بالعوامل المشجعة للدفع الإلكتروني، وكيف أثرت الأدوات على السياسة الرقمية، وكيف يساهم التحول الرقمي في النمو الاقتصادي ويحسن الاقتصاد. وقال إن موضوع تحويل المصارف المالية إلى الدفع الرقمي أمر ليس بسيطاً؛ إذ نلاحظ كيف أن اقتصاد الأتمتة يتجه نحو تطوير أدوات الدفع ونحو البطاقات الائتمانية أكثر من البطاقات غير الائتمانية. وكيف أن النشرة الأساسية تلعب دوراً أساسياً في زيادة الطلب، وبخاصة أن الدراسات أشارت إلى منع الفائدة. وبالتالي فإن الحل المثالي هو رسم سياسات صحيحة كي نصل إلى التحول الرقمي الذي ينعكس إيجاباً على النمو الاقتصادي.

التحول الرقمي.. وسيم يوسف

وتحدث غزال عن العوامل المؤثرة في الاقتصاد السوري، والتي كشفتها هذه الدراسات، كالمضاربة على الليرة السورية، الأمر الذي يستدعي العمل على عوامل الدفع الإلكتروني، وأيضاً وجود معدل تضخم مرتفع، وعليه فإن التحول الرقمي يتطلب صداقة تنظيمية وإبداع إداري ينعكس إيجاباً على زيادة السيولة الربحية.

ومن كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية بجامعة دمشق، تحدث الباحث داوود غسان دحدل عن جوانب بحثية في موضوع الحوسبة السحابية التي تشكل أنموذجاً لتمكين الوصول من كل مكان إلى الشبكة وبشكل ملائم، وذلك عند طلب مجموعة مشتركة من موارد الحوسبة القابلة للتكوين مثل الشبكات والخوادم والتخزين والتطبيقات والخدمات. واستعرض ثلاثة نماذج أساسية تقوم شبكات الجيل الخامس بتقديمها.

وراهن وسيم يوسف، معاون رئيس الجامعة الافتراضية السورية لشؤون التطوير البرمجي، على مستوى الذكاء لدى الجيل الحالي الذي يمتلك ذكاء أعلى من مستوى ذكاء الأجيال السابقة. هذا الجيل يطرح أسئلة عميقة جداً ممكن أن تكون بمستوى الفضاء أو بمستوى طبقات الأرض أو على المستوى الإلكتروني، لافتاً إلى أن الجامعة الافتراضية السورية هي أكثر قرباً من الأنموذج الحديث للجامعات والذي يعرف بجامعات الجيل الرابع.

وفي مشاركة بحثية حول التنقيب بالبيانات في إدارة علاقات العملاء، قدم الباحث سليم صلاح القادرة، المدير التنفيذي لمزود خدمة الإنترنت (سوا)، دراسة حالة شركة مزود خدمة الإنترنت سوا، وأكد ضرورة تطبيق استراتيجيات التنقيب عن البيانات التي تناسب احتياجات كل مؤسسة، وتطوير النماذج القياسية التي تفيد أعمال الشركات.

قدمت الدكتورة علا مغوش من كلية التربية بجامعة دمشق، مشاركة بحثية بعنوان "توظيف تقنية الواقع المعزز (إي آر) في التعليم الإلكتروني ما قبل الجامعي لتفعيل بيئة تعليمية تفاعلية إلكترونية"، وأشارت إلى أن التعليم هو أساس تحقيق التنمية المستدامة، والتعليم الإلكتروني يحقق الهدف الرابع منها، وهو ضمان التعليم الجيد والمنصف والشامل للجميع، وتعزيز فرص التعلم مدى الحياة. ونوهت إلى ضرورة تطبيق نظام التعليم الإلكتروني كنمط تعليمي كامل، والعمل على تقديم المحتوى التعليمي الإلكتروني المعزز كخبرة تعليمية متكاملة وليس كمواد منفصلة.

وأشار الدكتور كادان جمعة من المعهد العالي للعلوم التطبيقية والتكنولوجيا، إلى تجربة المعهد في التحول الرقمي بالمؤسسات الحكومية، مشيراً إلى أن المعهد هو أول مؤسسة أسست هذه الخدمة؛ حيث يعدّ التعليم عن بعد من أولى الخدمات التي تمّ تطبيقها والتي تسمح بتقديم التعليم والدروس والمحاضرات للطلاب أون لاين.

كما تطرق جمعة إلى دور المعهد في التحول الرقمي في الجهات العامة، كأنظمة المحاكم في وزارة العدل، ونظام إدارة مخابر وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، ونظام ترقيم قطعان الثروة الحيوانية والحائز الزراعي في وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي، ونظام تحديد القيمة الرائجة من خلال إنجاز خارطة عقارية لسورية في الهيئة العامة للضرائب والرسوم، ونظام معلومات فرز المهندسين في رئاسة مجلس الوزراء، ونظام اليانصيب الإلكتروني في المؤسسة العامة للمعارض والأسواق الدولية. وقد أشار أيضاً إلى التحديات والصعوبات في التحول الرقمي في الجهات العامة، وإلى أن جميع هذه التطبيقات كانت مجرد أفكار، وقد تحولت إلى أبحاث علمية مطبقة على أرض الواقع.