تكنولوجيا البيم، تعني تحويل المبنى أو المنشأة إلى شكل رقمي، والتعامل مع بيانات المنشأة بكل سهولة وسلاسة. وتشمل الخطة المستقبلية دراسة موسعة لواقع الخطط الدرسية في الجامعات السورية، وأين يمكن إدراج تكنولوجيا البيم فيها، وذلك بهدف الحصول على منهج دراسي خاص يتضمن البيم، وكتب جاهزة ومدرسين قادرين على التدريس، وطلاب مؤهلين.

شهدت الأيام الأخيرة حركة متسارعة نحو التحول الرقمي، والاعتماد على تكنولوجيا الرقمنة في مختلف القطاعات والمجالات، بهدف إغناء وتطوير المعارف العلمية في مختلف الاختصاصات وفقاً للمستجدات العالمية في العصر الرقمي، الذي بدأ يتغلغل وينتشر لدينا عبر نوافذ وأبواب عديدة. لابد من تسليط الضوء على استعددنا لاستخدام التقنيات الرقمية، ليس فقط في مجال الأتمتة والحكومات الإلكترونية أو التجارة والائتمان، بل أيضاً في مجال البحث العلمي والتدريسي في الجامعات، وعلى وجه الخصوص في الكليات الهندسية، وفي تغيير تفكيرنا نحو نمط الصناعة الرقمية التي ستكون صديقة لكل المهندسين في أبحاثهم وتصاميمهم، وخاصة تقنية تكنولوجيا البيم التي دخلت إلى سورية في الأعوام الثلاثة الأخيرة. وتكنولوجيا البيم، تعني تحويل المبنى أو المنشأة إلى شكل رقمي، والتعامل مع بيانات المنشأة بكل سهولة وسلاسة.

تحدثت الدكتورة سونيا أحمد، رئيسة اللجنة المركزية للابتكار وتطبيق التقانات، حول واقع البيم في الجامعات السورية الحكومية والخاصة، وما هي المساحة الحالية لتدريسه وتعريف الطلبة به، مبينة وجود تطبيق للبرنامج في جامعة تشرين بشكل أفضل من الجامعات الأخرى. وهذا يستدعي الحاجة لتأهيل الكوادر الطلابية في مجال البيم منذ السنة الأولى في الهندسات بشكل عام، وصولاً إلى مرحلة الماجستير والدكتوراه، مشيرة إلى ضرورة وضع خطة للتعاون بين نقابة المهندسين والجامعات والقطاع العام والخاص لتدريب المدرسين والأساتذة والطلاب على تطبيق تكنلوجيا البيم، وتشكيل فريق عمل مسؤوليته إعداد كتب خاصة بهندسة معلومات البناء، وإشمال هذه المعلومات في الخطط الدرسية الحالية.

تكنولوجيا البيم2

وبينت أحمد أن الخطة المستقبلية تشمل دراسة موسعة لواقع الخطط الدرسية في الجامعات، وأين يمكن إدراج تكنولوجيا البيم فيها، إلى جانب التقنيات الأخرى التي يدرسها الطلبة، وذلك بهدف الحصول على منهج دراسي خاص يتضمن البيم، وكتب جاهزة ومدرسين قادرين على التدريس، وطلاب مؤهلين.

هيئة البناء الرقمي

وحول مجال التحول الرقمي وكيفية وضع الخطط والبرامج لتبني البيم في سورية سواء في الجامعات أو في القطاعات الأخرى التي لها علاقة بالتشييد والبناء، بيّن الدكتور محمد شعبان، نائب رئيس لجنة الابتكار، ضرورة وضع النقاط على الحروف فيما يخص مشاكل صناعة البناء في سورية، وكيف أن تطبيق تكنولوجيا البيم يوفر ما يقارب 80% من المشاكل التي قد تحدث في حالات التشييد، لافتاً إلى دور الحكومة في تعديل القوانين والأنظمة التي تعيق الانتقال إلى مستويات متقدمة في الصناعية الإنشائية، وأهمية استحداث هيئة للبناء الرقمي، ورصد ميزانية بالتحول الرقمي في مجال البناء، مع تخصيص محور كامل للحديث حول دور الجامعات في إدخال البيم في المناهج الدراسية لكليات الهندسة بكافة الاختصاصات، وتشجيع البحث العلمي في مجال البيم، مع ضرورة مراجعة الخطط والمناهج للكليات الهندسية، والعمل على توحيدها، بما يضمن إدراج البيم وربطه مع التقانات والنظم الأخرى التي تدرس في الجامعات.

وتحدث شعبان عن بعض التحديات المتعلقة بتسرب الكثير من الكوادر خلال فترة الحرب على سورية، وعن ضرورة تعويض ذلك بالتدريب على التطبيق الذي يحلّ الكثير من المشكلات المتعلقة بمشاريع البناء من حيث الجودة والتكلفة، معتبراً أن نشر ثقافة البيم في الوسط الهندسي تشكل إحدى التحديات الهامة، وتتبعها ضرورة تطوير قانون التعاقد بما يتناسب مع هذه التكنولوجيا، على غرار ما يحدث في الدول المتقدمة.

البيم وخطط إعادة الإعمار

ومع أن البعض يعتبر أن سورية تأخرت في تطبيق البيم، إلا أن هناك توصيات لإشراك هذه التقنية في جميع خطط الإعمار القادمة. وقد أكد المهندس عامر مردني عضو لجنة الابتكار وتطبيق التقانات الحديثة البيم، على أنه بمجرد تشكيل اللجنة المركزية للابتكار وتطبيق التقانات في سورية، يعتبر خطوة رائدة في عالم التحول الرقمي، والتي تم إحداثها وتبينها من قبل الحكومة. وإن البدء بقيام ندوات علمية حوارية حول التحول الرقمي في تكنولوجيا البيم، هو بمثابة إعلام قوي على أننا في سورية قادرين على الانطلاق في تكنولوجيا البيم، وخصوصاً أن الكوادر السورية هي التي تقدم هذا الإبداع في الخارج. كما أن افتتاح ماجستير البيم في جامعة دمشق (تعليم مفتوح)، يعدّ خطوة رائدة لم يسبقنا إليها أحد في الشرق الأوسط كجامعات.

وبين مردني أن الخطة المقترحة لتطوير البيم في سورية، هي أننا وبعد أن أقمنا بدراسات تحليلية للجامعات السورية وللشركة العامة للدراسات وضمن مجهود استمر 4 سنوات وخروج هذه اللجنة إلى النور في العام الفائت، أصبحت لدينا بيانات تحليلية جعلتنا قادرين على تطبيق التحول الرقمي ضمن تطبيق البيم في سورية. ووجدنا أننا نملك الإمكانيات للعمل. وهناك شركات هندسية في سورية تجري عقوداً خارجية للدراسات في تكنولوجيا البيم بكوادر سورية، وبالتالي يمكن أن يقام ذلك ضمن البلد بكل بسهولة، ولا نحتاج إلا لقرار حكومي ودعم في التأكيد على التطبيق، لأننا في النهاية نمتلك البنية والكفاءات والخبرات العالية التي تستفيد منها دول أخرى. فعلى سبيل المثال يعتبر الخبير والمهندس السوري وهبي معاد من المستشارين الستة على مستوى العالم في مجال تكنولوجيا البيم.

جاء ذلك ضمن لقاء علمي، يعتبر الخطوة الأولى في هذا المجال الرقمي، والذي عقد تحت عنوان "التحول الرقمي في صناعة البناء والتشييد (تكنولوجيا البيم بين الواقع والطموح)". وتم خلاله عرض نماذج عن أبنية بدأت تعتمد هذه التقنية العلمية، كما هو حال برج خزانة تقاعد نقابة المهندسين في حماة، وتجربة ماروتا سيتي. وقد حضر اللقاء مجموعة من الطلبة والباحثين والمستثمرين والأساتذة الجامعيين والمهندسين المعماريين.