حوار مفتوح وطاولة مستديرة تضم ممثلي القطاعات الإنتاجية والوزارات في قاعة رضا سعيد والأساتذة الجامعيين في جامعة دمشق، بهدف طرح مشكلاتهم البحثية التطبيقية، بغية وضع أولويات الأبحاث.

توجه جديد للارتقاء بالبيئة المحفزة للبحث العلمي والابتكار والتكنولوجيا، والخروج من دائرة القوالب النمطية، والبحث عن سبل جديدة لمواكبة التقدم العلمي، وتوفير أسس تحقيق التنمية  المستدامة، وذلك من خلال اتباع فلسفة جديدة للتشبيك بين جامعة دمشق التي يفترض أن ينطلق منها البحث العلمي نحو التطبيق، وبين الجهات والقطاعات المختلفة التي تتلقى هذه الأبحاث للاستفادة منها.

المسألة اليوم تأخذ خطاً عكسياً؛ حيث جلس ممثلو القطاعات الإنتاجية والوزارات على طاولة الحوار المستديرة في قاعة رضا سعيد مع الأساتذة الجامعيون في جامعة دمشق، ليطرحوا مشكلاتهم البحثية التطبيقية، بغية وضع أولويات الأبحاث، في خطوة تعتبر نقلة نوعية، بحسب الدكتور مجدي الجمالي مدير الهيئة العليا للبحث العلمي، والذي بيّن أن الجامعات السورية والمراكز والمعاهد، هي المراكز الحيوية لإنتاج الأبحاث، باعتبارها الحاضن الرئيسي للبحث العلمي، وهي مستعدة لاستثمار إمكاناتها المتميزة في خدمة حاجات القطاعات لتطويرها، الأمر الذي يستلزم ضرورة تبني منهج لتخطيط استراتيجي مبدع على المستوى الوطني، خاصة بعد أن أخذت الجامعة زمام المبادرة. إن جميع الأبحاث المطلوبة قيد التنفيذ، والباب مفتوح على مدار العام لاستقبال مطالب لأبحاث حول مشكلة معينة.

د. ماجدة مفلح

وعلى مدى خمسة أيام من تاريخ 13/6/2021 حتى 17/6 طرح ممثلو الجهات الحكومية مشكلاتهم البحثية التطبيقية. وقد أشارت الدكتورة ماجدة مفلح المدير العام للبحوث الزراعية، إلى أولويات بحثية، منها ما تم توجيهه على طلاب الدراسات العليا في الجامعات، وقسم منها توجه للناحية التطبيقية للهيئات البحثية، منها 54 بحثاً في قطاع الثروة الحيوانية.

قطاع الزراعة

وبينت مفلح أهمية إيجاد حلول للمشاكل التطبيقية التي تهم وزارة الزراعة، خاصة بعد الخسائر الكبيرة لهذا القطاع في ظل الحرب على سورية التي أدت إلى تدمير الكثير من القطاعات الزراعية والهيئات البحثية وكل ما يتبع الزراعة. هناك حاجة لأبحاث تتعلق بالإنتاج النباتي والإنتاج الحيواني، وهناك الكثير من المشاكل التي تعترض القطاع الحيواني، أهمها أن غالبية الحيوانات التي كانت موجودة قبل الأزمة تم فقدانها، إضافة إلى انتشار العديد من الأمراض التي دخلت من الحدود نتيجة إدخال حيوانات بشكل غير شرعي. وبالتالي ظهرت لدينا العديد الأمراض الحيوانية. وكذلك الأمر بالنسبة إلى الإنتاج النباتي، فقد تم دخول العديد من أنواع النباتات بشكل غير مرخص أو موصى عن طريق الدولة، وهذا أدى إلى وجود العديد من الأشجار غير المناسبة للبيئة السورية. وتتابع الدكتورة مفلح: قمنا خلال الفترة الماضية بتحديد مشاكلنا، على سبيل المثال نحتاج إلى أبحاث تتعلق بالتغيرات المناخية التي أثرت على المحاصيل بشكل كبير جداً، وتم انزياح في المناطق الاستقرار في سورية، وانخفاض نسبة الأمطار الذي أدى إلى انخفاض في المحاصيل. وهذا دعانا إلى البحث مع جهات مختلفة لتحديد ما هي الإمكانيات لرصد واقع المشكلة مع حلها.

الصناعة

بحسب الدكتور جمال العمر معاون وزير الصناعة، فإن هنالك الكثير من المشكلات والمواضيع البحثية إضافة إلى المعاناة والتحديات التي تواجه القطاع الصناعي جراء الحصار الجائر المفروض على سورية، و"التي تتطلب حلولاً لتكون عوناً لنا في استخدام الكوادر الفنية المميزة في سورية لإنتاج ما تم بحثه نظرياً، وذلك بعد ظهور الحاجة الملحة لقطع تبديل وخطوط إنتاج لغالبية الشركات والمصانع، إضافة إلى موضوع تطوير المنتجات، خاصة أنه يوجد مذكرة تفاهم للتعاون في المشاكل البحثية في مجال الصناعات النسيجية بين الوزارة وجامعة دمشق منذ عدة أعوام. ونأمل أن يستمر هذا التعاون في مختلف المجالات الصناعية". ولفت الدكتور جمال إلى وجود 16 مجالاً بحثياً تطبيقياً يمكن بدء العمل بها على أرض الواقع، وهناك مشكلات تتعلق بإعادة تأهيل الشركات التي دمرت جزئياً أو بالكامل، وهناك مشكلة تأمين الموارد وتأمين بعض القطع التبديلية وبعض الآلات، لإعادة العملية الإنتاجية بشكل جزئي.

الموارد المائية

المهندس أسامة الأخرس، معاون وزير الموارد المائية، أكد أن استخدام نتائج البحث العلمي عملية حيوية للمحافظة على تطور القطاع، وقد كان هناك عدة محاولات مع وزارة التعليم العالي من خلال برنامج تعاون بحثي بدأ العمل به منذ عام 2016 ومع مركز البحوث العلمية الزراعية ومع مركز بحوث الطاقة، ولكن اليوم لا بد من التشبيك مع الزملاء المستقبليين، أي الطلاب الجامعيين، وخاصة أنه في قطاع الموارد المائية تبرز تحديات كبيرة ولاسيما التحديات الناتجة عن التغيرات المناخية التي نواجهها اليوم، وبالتالي لا بد من أبحاث تطبيقية تخدم إدارة المورد المائي بشكل عام وحمايتها واستخدامها بشكل أمثل، وحلول لمشكلات شبكات الري والصرف الصحي.

ولفت الأخرس إلى وجود العديد من الأبحاث على مستوى الماجستير والدكتوراه تتم بالتنسيق ما بين الوزارة والجامعة، وقد تبنت الجامعة هذه الأبحاث، وبيّن أن نسب العجز بالمياه بشكل وسطي سنوياً يصل إلى 1.5 مليار متر مكعب ما بين الداخل إلى المخزون المائي والمستهلك، يعني بحدود 10% من مخزون المياه، مما يشير إلى أننا نسير نحو مشكلة مياه حقيقية.

المالية

معاون وزير المالية الدكتور رياض عبد الرؤوف تحدث عن أبرز المشاكل التطبيقية المقدمة من وزارة المالية في مجال الإيرادات العامة، والإنفاق العام، والتأمين والمجال المصرفي. ومن هذه المحاور: دور السياسة المالية في التنمية الاقتصادية وإعادة الإعمار، تأثير الإعفاءات الضريبية على جذب الاستثمارات، أدوات الدفع الإلكتروني كبديل عن نظام الفوترة وأثرها على الحصيلة الضريبية، تطوير آليات إعداد الموازنة العامة للدولة وإجراءات تنفيذها والرقابة عليها، إمكانية التحول إلى موازنة البرامج والأداء والخطوات اللازمة لذلك، آليات ترشيد الإنفاق العام وإجراءات الرقابة على النفقات العامة، تطوير حلول لمشكلة التشابكات المالية بين مؤسسات القطاع العام، الدور الاقتصادي لقطاع التأمين والعوامل المؤثرة فيه، التنظيم المؤسساتي والفني الأمثل للتأمين الصحي، تطوير الإطار التشريعي لإدارة المصارف العامة،  مدى ملائمة المنتجات المصرفية لاحتياجات الاقتصاد السوري.

الاقتصاد

بينما كانت المتطلبات البحثية لوزارة الاقتصاد والتي عرضت على الطلاب والأساتذة الباحثين بحسب الدكتور لؤي صوقار، هي أبحاث تتعلق بجذب قطاع الأعمال لتفعيل قانون الاستثمار رقم /18/ لعام 2021 في التنمية الاقتصادية، أثر الاستثمار الصناعي في المناطق الحرة على التنمية، استخدام نماذج Gtap وMirage  للتنبؤ بآثار الاتفاقيات التجارية، استخدام أدوات الاقتصاد القياسي لتقييم السياسات الاقتصادية، دور التمويل في تنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة.

التنمية الإدارية

وتحدث ممثل وزارة التنمية الإدارية الأستاذ بشار خير عن المشاكل التطبيقية المتعلقة بمشروع الإصلاح الإداري وجودة الأداء المؤسساتي وسياسات إدارة الموارد البشرية والتدريب. وتمثلت المشاكل البحثية بالنسبة إلى وزارة السياحة وفقاً للمهندسة رامه الشيخ رئيس مركز الدراسات والاستشارات، حول الأبحاث التطبيقية البحثية المتعلقة بتحديث منظومة التعليم والتدريب السياحي والفندقي، ورفد سوق العمل بالكوادر المؤهلة، معالجة واقع المشاريع السياحية المتعثرة والمتضررة، تجديد وتأهيل الفنادق المملوكة للدولة، والارتقاء بأنظمة الإدارة والتشغيل للمستويات الدولية التنافسية.

الدكتور إياد مقلد مدير التخطيط والتعاون الدولي في وزارة الصناعة،  أشار إلى أهم التحديات التي تعاني منها وزارة الصناعة ومؤسساتها والمواضيع البحثية التي يأملون إيجاد الحلول المناسبة لها؛ مثل معالجة المياه الصناعية في الشركات العامة الصناعية، إعادة تدوير النفايات بكافة أنواعها وإجراء أبحاث خاصة لاستثمار مخلفات وعوادم عمليات الإنتاج، استخدامات الطاقات المتجددة والبيئة، استخدامات النانو تكنولوجي في صناعة النسيج والإسمنت، تصنيع الأجهزة الطبية والقطع التبديلية،  وإعادة إنتاج أصناف الأقطان التي فقدت خلال الحرب، تحسين مواصفات المنتجات الزراعية لتحسين مردوديتها الصناعية..

الأشغال العامة والإسكان

وبيّن معاون المدير العام لشركة الدراسات الهندسية المهندس مضر دنيا، أهم المواضيع البحثية  لوزارة الإشغال العامة والإسكان، والتي تتمثل بهيكلية المواصلات والربط الإقليمي، دراسة هيكلية مداخل المدن والواجهات البحرية، وضع الآليات التنفيذية للخطط الإقليمية حسب القطاعات والجهات الإدارية. ولفت دنيا إلى أهمية إيجاد حلول بحثية تتلخص بمعالجة المناطق العشوائية المتضررة خلال الأزمة، ظاهرة العشوائيات والسكن غير المرخص، وتقنيات البناء الحديثة واستخدام نواتج الهدم وتدوير النفايات التي من الممكن إعادة استخدامها في إعادة الإعمار، شبكات الغاز المنزلي، التحليل الديناميكي للمنشآت.

وتحدث دنيا عن أهمية تطبيق البيم في إشادة وتنفيذ مشاريع البناء والتشييد، لتضافر كل الاختصاصات الهندسية، استخدام التقنيات عن بعد في رصد الزلازل والتغيرات المناخية والطبيعية والحيوية، واستخدام نظم المعلومات الجغرافية والحيوية.

الاتصالات والتقانة

واستعرض الدكتور محمد علي محمد مدير السياسات والاستراتيجيات في وزارة  الاتصالات والتقانة، أهم المواضيع والمحاور البحثية المقدمة من الوزارة إلى الورشة؛ منها كشف الاحتيال في مجال الاتصالات، تحديد الاختراقات الأمنية على مسارات الكوابل الضوئية، تأثير ظاهرة الخفوت على الوصلات الميكروية، تحسين مردود الألواح الشمسية، التعرف الآلي على المتغيرات والظواهر الطبيعية من الصور الفضائية، النمذجة الرقمية للأحواض المائية السطحية والجوفية.

الكهرباء

أما معاون مدير عام مركز بحوث الطاقة في وزارة الكهرباء المهندس سنجار طعمة، فقد تقدم بعرض عن أبرز المشكلات والتحديات التي تواجه وزارة الكهرباء في هذه المرحلة  في مجال محطات التوليد الكهروحرارية مثل:  تقنيات تحسين أداء المراجل في سورية، الجدوى الاقتصادية من تحلية مياه البحر، التشغيل الأمثل للمحطات الكهروحرارية مع المحطات الكهرومائية، ربط مجموعات التوليد الصغيرة بشبكات التوزيع، تحسين الاحتراق في محطات التوليد البخارية والحد من الآثار البيئية، تعديل نظم التحكم في محطات التوليد.

أما في مجال رفع كفاءة الطاقة، فقد تمت الإشارة إلى بعض المواضيع البحثية، منها رفع كفاءة مراجل التدفئة باستخدام الطاقة الشمسية، دراسة الاستخدام الأمثل لأجهزة الإنارة مع البطاريات، توصيف صناعة البلوك وتحديث تأثير مختلف مكوناته على خصائصه الفيزيائية والحرارية، المواصفات الطاقية لأجهزة التدفئة بالطاقة الكهربائية، دراسة إمكانية الاستفادة من حجر البازلت في تشييد الأبنية في سورية بدلاً من البلوك الصناعي التقليدي.