تكمن الفكرة في محاولة جمع الإشارات اللاسلكية غير المرئية التي ترسلها أبراج الهواتف الخلوية للاستفادة منها في تشغيل الأجهزة الإلكترونية من دون بطاريات أو أسلاك.

قد تساعد التكنولوجيا الجديدة يوماً ما في تمكين الإنترنت من مد الأشياء بالطاقة.

بداية القصة

قبل بضع سنوات، كانت ألين عيد تجلس في مطعم تتناول البوشار مع جيمي هيستر. ولكن القصة لم تكن مجرد تناول وجبة خفيفة، بل كانا في حيرة من أمرهما بشأن مشكلة صعبة. كيف يمكنهما الاستفادة من قوة الإشارات غير المرئية التي ترسل البيانات إلى الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر والأجهزة الأخرى؟ فكرا أنهما إذا تمكنا من إدارة هذه العملية، فقد يصبح باستطاعة البشر يوماً ما تشغيل أجهزتهم الإلكترونية من دون بطاريات أو أسلاك. وأثناء جلسة عصف ذهني لهما، تبلورت فكرة.. هذه الفكرة أصبحت الآن حقيقة واقعة.

جوهر ابتكارهما هو أداة خاصة تساعد في جمع الإشارات اللاسلكية التي ترسلها أبراج الهواتف المحمولة. يسمى الجهاز بعدسة روتمان، وهو يشبه إلى حد ما العنكبوت المعدني المسطح. تتذكر عيد قائلة: "كنا متحمسين للغاية. كنت أعرف أن الأمر سينجح".

من هما ألين وجيمي؟

ألين عيد طالبة دكتوراه في الهندسة الكهربائية في معهد جورجيا للتكنولوجيا في أتلانتا. وجيمي هستر هو الشريك المؤسس لشركة التكنولوجيا أثيراكسون في أتلانتا. تشارك هو وعيد الفكرة مع أستاذهما، مانوس م. تينتزيريس، الذي أعجب بها.

الرتيلاء

لا يعمل حصاد الطاقة اللاسلكية بشكل جيد في المسافات البعيدة. إنها مشكلة تعرفها أيضاً مهندسة الكهرباء هينا تبسم من جامعة يورك في تورنتو في كندا، والتي تعمل على حل هذه المشكلة أيضاً.

تنقل الموجات اللاسلكية والموجات القصيرة البيانات من أبراج الهواتف المحمولة إلى هواتفنا وأجهزتنا الأخرى. تسمى المنطقة التي يغطيها كل برج بالخلية. يتصل هاتفك الخلوي بأقرب برج لتبادل البيانات. استخدمت الشبكات الخلوية الأولى موجات الراديو لإرسال واستقبال البيانات. تستخدم شبكات الجيل الخامس موجات قصيرة عالية التذبذب. يمكن لهذه الموجات حمل المزيد من البيانات ونقلها بشكل أسرع. وفي حين أن ذلك يمكن أن يساعد في توفير الطاقة، فإن هذه الموجات لا تغطي مجالاً واسعاً، وذلك لأن المباني وأشياء أخرى تعيقها، إضافة إلى أن الرطوبة في الغلاف الجوي التي تمتصها أيضاً، مما يقلل من قوتها كلما زاد البعد عن الأبراج.

فهم الموجات وأطوالها

يقول الأستاذ مانوس: "عندما تصل موجات الطاقة إلى الهاتف أو أي جهاز آخر، فإنها تلقي بالبيانات ثم تستمر في طريقها. وتصبح الطاقة التي تم استخدامها لنقل هذه البيانات بلا فائدة. وهذا هدر - ما لم يحولها الجهاز الجديد إلى كهرباء".

تقول عيد: إن استخراج الطاقة أمر ممكن عبر الطيف الكهرومغناطيسي. ولكن لا يمكنك الحصول على قدر كبير من الطاقة من الترددات المنخفضة. ولكن تعد شبكة الجيل الخامس ذات المدى المليمتري مثيرة، لأن الأبراج الخلوية تستخدم قدراً أكبر من الطاقة لتفجير هذه الترددات العالية. وبذلك يمكن أن يحصل هوائي الحصاد على مزيد من الكهرباء من هذه الإشارات.

يرسل برج الجيل الخامس الأنموذجي إشارات قصيرة لحوالي 180 متراً. لتجميع طاقتها من حافة هذه المسافة، يجب أن يشير هوائي الاستقبال لنفس الاتجاه الذي تأتي منه الموجات بالضبط. وتقول عيد: لكن لكي يكون عملياً، يجب أن تعمل آلة حصاد طاقة الجيل الخامس من أي مكان داخل خليته، بغض النظر عن الطريقة التي يشير بها جهاز الاستقبال. كانت عيد وهستر يفكران في كيفية حصاد الطاقة من هذه المسافة ومن العديد من الاتجاهات المختلفة.

الجيل الخامس والتكنولوجيا الرقمية

لقد حلوا المشكلة بعدسات روتمان، والتي كانت موجودة منذ فترة طويلة. لكن المهندسين استخدموها فقط لإرسال الإشارات وليس لاستقبالها. تقول تبسم، إن استخدامها كجهاز استقبال هو "تكنولوجيا جديدة بالتأكيد".

تشبه العدسة قليلاً الرتيلاء المعدنية المسطحة. تمتد "الأرجل" العنكبوتية من جانبين من الجسم المركزي. على جانب واحد، تؤدي هذه الأرجل إلى ثمانية هوائيات صغيرة. على الجانب الآخر، تؤدي إلى ستة منافذ شعاع. تلتقط الهوائيات الموجات الدقيقة وتكثفها باتجاه نقطة واحدة في أحد منافذ الشعاع تلك مع اتجاه الموجات القادمة. ويحول جزء آخر من الجهاز الموجات الدقيقة التي يستقبلها إلى طاقة كهربائية.

منافذ الشعاع الستة تشبه ست عيون من أصل ثماني في العنكبوت الحقيقي. تقول عيد: "يمكن لنظامنا أيضا أن ينظر في ستة اتجاهات مختلفة".

اختبر الباحثون أجهزتهم في المختبر على مسافة 2.8 متر. لم يكونوا قادرين على اختبارها بنفس الطاقات العالية التي يستخدمها برج الجيل الخامس. لكنهم جمعوا معلومات كافية لمحاكاة كيفية عمل الجهاز في العالم الحقيقي. وتوصلوا إلى أنه يمكن لهذا الجهاز أن يولد ستة ميكرو واط من الطاقة على ارتفاع 180 متراً.

وتخشى تبسم أن يكون هذا التقدير مبالغاً فيه جداً، حيث يبقى هاجسها الرئيسي بأن أشياء مثل المباني والأشجار والأشخاص ستحجب الإشارات، مما يحد من مقدار هذه الطاقة التي تصل إلى الجهاز.

إنترنت الأشياء

ستة ميكرو واط ليست قوة كبيرة. يحتاج شحن البطارية الأنموذجية لأحد الهواتف المحمولة الحالية، إلى حوالي 6 ملايين ميكرو واط (6 واط) من الطاقة. ومع ذلك، سيكون للاختراع الجديد طاقة كافية لتشغيل معظم أجهزة الاستشعار والرقائق الدقيقة.

مع ظهور إنترنت الأشياء، تنتشر أجهزة الاستشعار والرقائق الدقيقة في كل مكان. يمكن للإلكترونيات منخفضة الطاقة قياس جودة الهواء أو التربة. يمكنها مراقبة جوانب السلامة للجسور أو المباني. يمكنهم تحديد الحرارة أو الإضاءة في المنزل وحتى تتبع صحة شخص ما. لكن البطاريات التي تشغل هذه الأجهزة الإلكترونية تحتوي على معادن ثقيلة ليس من السهل صنعها أو التخلص منها بأمان. وتعتبر عيد إن إيجاد طريقة لتشغيل إنترنت الأشياء من دون بطاريات سيكون مفيداً للبيئة.

بقي أن نقول إن هذه الرتيلاء يمكنها تسلق أي مكان. فهي جهاز خفيف الوزن وقابل للانحناء، ويمكن وضعه في أي مكان، مثل الملصق، فهو بحجم بطاقة اللعب، ولكنه يستخلص الطاقة من الهواء.