تفاعل حيوي بين جامعة دمشق والقطاعات الأخرى، وهو ما يوفر فرصاً لأعضاء الهيئة التدريسية وطلبة الدراسات العليا لتناول مشكلات حقيقية تعاني منها تلك المؤسسات، وتوظيف المنهجيات العلمية لمعالجتها.

بعد أن أدلت القطاعات الإنتاجية والوزارات بدلوها، ووضعت مشكلاتها المتعلقة بالأبحاث التطبيقية على طاولة الحوار أمام الجهات البحثية في جامعة دمشق في الشهر السادس من عام 2021، كان لا بد من توضيح حول واقع التجهيزات والمخابر والمستلزمات البحثية في بعض الكليات العلمية المعنية ككلية الصيدلة والكليات الهندسية، والتعريف بالمحاور البحثية التي يمكن العمل عليها للتشبيك بين الجامعة وما طرحه ممثلو القطاعات من مشكلات وتحديات.

إن هذا التفاعل الحيوي بين الجامعة والقطاعات الأخرى، سيوفر فرصاً لأعضاء هيئة التدريس وطلبة الدراسات العليا لتناول مشكلات حقيقية تعاني منها تلك المؤسسات، وتوظيف المنهجيات العلمية لمعالجتها، وبالتالي تصبح نتائج هذه البحوث ليست ذات قيمة علمية فحسب، وإنما ذات أهمية تطبيقية ومجتمعية.

د. مصطفى المواليد

أشار الدكتور مصطفى الموالدي عميد كلية الهمك بجامعة دمشق إلى أن اللقاءات العلمية بين الجامعة والقطاعات الإنتاجية تخفف من صعوبة التشبيك وتطور العلاقة بين الطرفين، خاصة أن كلية الهمك تضم 9 أقسام باختصاصات تخدم عمليات التطوير في مختلف المنشآت الصناعية والشركات وأماكن العمل. فعلى سبيل المثال: في قسم هندسة الطاقة الكهربائية يمكن تصميم وأتمتة شبكات التوزيع واختبارات تجهيزات التوتر وتطوير أنظمة تخزين الطاقة الكهربائية، وهذا يمكن التشارك فيه مع وزارة الكهرباء. وفي قسم هندسة التصميم الميكانيكي، يمكن البحث عن طرق جديدة لتحسين جودة المنتج الصناعي السوري وتحديث صناعة التعدين وتطوير برامج الدراسات العليا، والقيام بدراسات لإيجاد حلول لمحطات المعالجة والتحلية وأجهزة التهوية والتكييف.

وبيّن الموالدي استعداد الكلية لتبني ما تقدمه لها القطاعات من مشكلات؛ إذ يمكنها استقبال الكثير من المشكلات والأمور التي طرحت من قبل هذه الجهات في ظل وجود دكاترة ذوي كفاءة عالية. فمثلاً توجد معلومات حول 50 ألف منشأة معطلة غير عاملة بسبب مشاكل قد تكون صغيرة، وعليه يمكن الاستفادة من خبرات وكفاءة الأستاذة وطلاب الدراسات العليا لتأهيل بعض الماكينات والآلات والقيام بأبحاث تخدم هذه القضايا. وأشار إلى وجود 150 طالب دكتوراه في الكلية و600 مشروع تخرج لطلاب السنوات الأخيرة، وهناك 30 مشروعاً لطلاب ماجستير في الكلية، وجميعها أبحاث تخدم عملية التطوير.

وأكد الدكتور زهير صندوق عميد كلية المعلوماتية، أن أي حلول في الوقت الراهن لأي مشكلة تحتاج إلى المعلوماتية والتطبيقات الحديثة، لافتاً إلى أن المعلوماتية موجودة في كل المؤسسات وهي مهمة جداً لتطوير العمل انطلاقاً من وظيفتها في رفع الكفاءات  وخدمة القطاعات الموجودة، وبالتالي فإن البحث العلمي هو قيمة مضافة لهذه القطاعات بما تحتاجه، إذ تساهم كلية المعلوماتية في النهوض بالبحوث العلمية المختلفة التي تساهم في التقدم العلي التقني في المجالات كافة.

وتحدث الدكتور هاشم الوادي عميد كلية الهندسة المدنية، عن عشرات الدراسات والبحوث التي تقدمها الكلية في اختصاصاتها السبعة، ومنها دراسة استخدام أنظمة الذكاء الصنعي في البناء والتشييد، ودراسة مظاهر تلوث الهواء، واستخدام التقنيات الكهروكيمائية في معالجة تلوث المياه، ودراسة خارطة الأضرار وتطبيقها في إعادة الإعمار، لافتاً إلى جاهزية مخابر الكلية لخدمة العملية البحثية.

وتحدثت الدكتورة جميلة حسيان عميدة كلية الصيدلة، عن وجود أبحاث علمية كثيرة تتعلق بتطوير الأدوية ودراسة بعض المواد السامة في الهواء والماء والتربة، وهي أبحاث يقوم بها طلاب الصيدلة بشكل عام في مرحلة الماجستير والدكتوراه. وكي لا تبقى هذه النتائج حبيسة الأدراج، دعت حسيان للاستفادة من هذه الأبحاث والقيام بإسقاطها على الواقع، فعلى سبيل المثال هناك دراسات حول زيادة نسبة السرطانات في العمال الذين يعملون في معامل الإسمنت. وهذا ما تتم المطالبة به من أجل خدمة المجتمع.

وأشارت حسيان إلى أن الكلية تضم حوالي 500 طالب ماجستير ودكتوراه، وهم يتخرجون بالتتالي، وهناك 6 أقسام، وكل قسم يقدم بحثاً مختلفاً عن الآخر ويقدم شيئاً جديداً في تطوير الصناعة الدوائية، أو في مجال التحليل والوقاية من الوبائيات. وقد تمت الإشارة إلى وجود بعض المشكلات المتعلقة بقلة الإمكانيات، ووجود أجهزة بحاجة إلى إصلاح نتيجة نقص بعض القطع التي يجب استيرادها من الخارج، لهذا يتم إرسال الطلبة إلى جهات ومراكز بحثية في قطاعات مختلفة لمتابعة أبحاثهم العلمية.

بشكل عام لا تبدو المشكلة في موضوع البحث العلمي مرتبطة بنقص التجهيزات في الجامعات أو عدم وجود مشكلات حية ومتعددة في القطاعات الإنتاجية، وإنما هناك نقص في التشبيك بحسب ما أشار إليه الأساتذة في هذا التقرير. وبناء عليه أجريت اللقاءات العلمية مؤخراً في جامعة دمشق لتنظيم هذا الجانب العلمي التطبيقي.