خطوات لدعم التشاركية البحثية وتجميع العقول السورية للاطلاع على العروض المستفادة وتجارب الدول التي تجاوزت أزماتها بمختلف أنواعها بفضل امتلاك العلم والمعرفة والتكنولوجيا.

تتجه الأنظار اليوم نحو رسم سياسة وطنية شاملة للبحث العلمي والتطوير التقاني بما يلبي متطلبات التنمية المستدامة، وهذا بحد ذاته يحتاج لتشجيع الباحثين السوريين سواء كانوا في المغترب أو في الوطن للارتقاء بمستوى الاستثمار في البحث العلمي والاستفادة من الخبرات والمعارف لدى الجانبين في مختلف الاختصاصات العلمية التي تحتاجها سورية في مرحلة إعادة الإعمار.

في هذا السياق اعتبرت الأولويات البحثية التي وضعتها الهيئة العليا للبحث العلمي في سورية ضمن برنامج سورية ما بعد الحرب من أهم المحاور التي يتم التشبيك فيها بين الباحثين في الداخل والخارج لعام 2021 فقد لفت الدكتور مجدي الجمالي مدير الهيئة إلى أن اللقاءات العلمية التي يتم انعقادها بين الباحثين وجمعهم من جميع دول المغترب وفي الداخل من خلال عقد المؤتمرات ما هو إلا خطوات لدعم التشاركية البحثية وتجميع العقول السورية للاطلاع على العروض المستفادة وتجارب الدول التي تجاوزت أزماتها بمختلف أنواعها بفضل امتلاك العلم والمعرفة والتكنولوجيا التي هي ركيزة أساسية في صمود تلك الدول.

د سعيد أبو طراب

وبين الجمالي أن هذه اللقاءات العلمية تتميز بالمزج بين المحاضرات الفعلية الفيزيائية والمحاضرات الافتراضية  وهي تخدم اقتصاد المعرفة بمجالات مختلفة أهمها التكنولوجيا الحيوية وعلم النانو والأنظمة الذكية وإدارة التكنولوجيا والمعرفة  وتكنولوجيا الطاقة والبيئة وهي المواضيع التي تلامس الحاجات الحالية في البلد.

الدكتور إبراهيم غريبي رئيس وحدة المبادرة السورية للعلوم والتقانة النانوية يرى أن علم النانو هو العلم الموحد للعلوم والرافد الأساسي للتقدم الصناعي ولهذا فإن عملية التشبيك مع الباحثين السوريين في المغترب واستقطابهم أمر مهم للاستفادة من أبحاثهم في الوطن، فهناك  الكثير من الأبحاث التطبيقية وعشرات المنتجات التي يمكن طرحها إلا أنه لا يوجد من يتبنى ذلك في السوق. على عكس ما يحدث مع الباحثين في الخارج إذ أنه يجد من يقدم له الدعم في إظهار منتجه وطرحه في السوق. لافتا إلى أن الدعم الاقتصادي غير متوفر للباحث السوري في الداخل، وهذا ما يجب العمل عليه في المرحلة القادمة.

د قاسم الجباوي

بينما يرى الدكتور قاسم الجباوي رئيس قسم علم المواد بهندسة الميكانيك ضمن نفس السياق: أنه لا فرق بين الباحث في الوطن والباحث الخارجي من حيث مستوى الفهم أو التفكير وإنما الذي يختلف هي ظروف العمل، فالباحث الخارجي موجود في ظروف تتيح له العمل وتقدم له التسهيلات التي تمكنه من انجاز بحثه . في حين يواجه الباحثون في الوطن عشرات الإشكاليات التي قد تقف أمام انجاز أبحاثهم وتطبيق أفكارهم وأهمها الإشكالات المادية وتأمين المستلزمات والأجهزة، لافتاً إلى إمكانية حل جزء من هذه المشكلة عن طريق التشبيك مع الباحثين السوريين في الخارج بحيث يقوم الباحث المغترب بإجراء جزء من التجارب والأبحاث التي ليس لدينا إمكانية انجازها وأن نقوم نحن بمتابعة الجزء الآخر داخل الوطن.

ويبين الدكتور سعيد أبو طراب نائب عميد كلية هندسة المعلوماتية بدمشق أن جميع المحاور المطروحة لتطوير اقتصاد المعرفة اليوم مهمة جدا وأن تطبيق الأبحاث بشكل عام لا يعود بالفائدة على المكان الذي تطبق فيه فقط بل هي ذات فائدة عامة لكل الناس  وبالتالي أينما تم انجاز البحث فإن فائدته تعم على الجميع

د ياسر السلامة

وأوضح أبو طراب الفرق بين البحث والعمل الهندسي لتطبيق البحث فالبحث عبارة عن خطوة تحتاج للكثير من الوقت والعمل لكي نصل إلى النتائج ولكي تتحول إلى مشروع هندسي قابل للتطبيق. وعليه فإن ما يقام من لقاءات علمية ومؤتمرات تخص البحث العلمي القائم على اقتصاد المعرفة هو تنشيط لأفكار ومعلومات للوصول إلى نتائج أفضل وتحفيز للتشاركية مع الزملاء الباحثين في الخارج.

بدوره يرى الدكتور ياسر السلامة من جامعة الفرات أن وجود الباحث في المغترب مهم جدا في خلق تواصل فكري وعلمي وتقديم أحدث ما هو موجود وبخاصة في ظل الوضع الحالي في البلد وعدم قدرة الباحثين السوريين على السفر إلى الخارج والحصار الاقتصادي الجائر، وبالتالي فإن التواصل مع الباحثين السوريين في المغترب يدعم التقانات والخبرات الموجودة التي يتم افتقادها في المنطقة وبخاصة إذا كان التواصل حول المحاور التي تتماشى مع الاحتياجات المحلية.

عبد الكريم خليل

معاون المدير العام للهيئة العليا للبحث العلمي عبد الكريم خليل يبين أن التواصل مع الباحثين السوريين في المغترب عبر المؤتمرات وعن طريق النت وبكافة السبل مهم جدا ويأتي ضمن هدف واضح لتأسيس شركات بحثية تمس علوم وتكنولوجيا الوقت الحالي للعمل ضمن هدف واحد على المدى المنظور، بمعنى ماذا يعمل الباحث السوري في ذات التقانة في الخارج وماذا يعمل نظيره الباحث السوري في الوطن حول نفس الموضوع، حيث يتم التمازج بين الخبرتين وتوظيف النتائج التي يتوصل إليها الطرفين لخدمة المشاريع الاستثمارية.

لافتا إلى أن هذا التوجه يأتي ضمن خطة الهيئة لبناء اقتصاد المعرفة لرؤية سورية 2030 او برنامج سورية ما بعد الحرب.

أجريت هذه اللقاءات على هامش مؤتمر الباحثين السوريين المغتربين 2021 الذي أقيم في مكتبة الأسد الوطنية بدمشق ما بين 27-29/7/2021 تحت عنوان نمو اقتصاد المعرفة ودور الباحثين السوريين في الوطن والمغترب، متناولا محاور تتعلق بتكنولوجيا المعلومات والأنظمة الذكية والتكنولوجيا النانوية وإدارة التكنولوجيا والمعرفة.