من فتاة فقيرة وعاملة في أحد بيوت العائلات الثرية، إلى إحدى أشهر المناضلات لتحرير المرأة، وأول امرأة نادت بذلك قبل قاسم أمين بسبع سنوات.

لم يكن في مقدور العائلة الفقيرة أن ترسل ابنتها الصغيرة إلى المدرسة. وبدلاً من ذلك، فقد كان على رب الأسرة أن يرسل ابنته كعاملة عند إحدى أسر البيكوات الغنية المالكة والحاكمة. وهناك نالت اهتمام سيدة المنزل المثقفة، فعلمتها القراءة والكتابة، وحرضتها على طلب العلم.

تقول زينب فواز: "مضى زمان والمرأة منا - نحن الشرقيات - مغلق أمامها باب السعادة، لا تعرف نفسها إلا آلة بيد الرجل يُسيِّرها أنَّى سار، ويديرها كيف شاء... وسد أبواب التعليم، وعدم الخروج من المنزل، وبحرمانها من حضور المحافل النسائية العامة، إلى حد أنه كان يخيل لها أن تلك الأفعال من الموبقات".[1]

ولدت زينب فواز في تبنين إحدى قرى جبل عامل في الجنوب اللبناني، في العام 1846. وبسبب قراءاتها الكثيرة ونهمها للمعرفة والعلم، انكبت على مكتبة السيدة التي تعمل لديها، وتفتحت عيناها على الطريق الذي تريد سلوكه.

تزوجت زينب من أحد رجال البيك. وخلال فترة قصيرة وجدت نفسها مرغمة على ترك الزوج الأمي، لتشق طريقها، وتصبح أول امرأة تدعو إلى تحرير المرأة في العالم العربي، قبل قاسم أمين، الذي تأخر عنها بمناداته بتحرير المرأة. لقد نشرت زينب رسائلها (الزينبية) عن المرأة وحقوقها في الصحف المصرية، قبل عام 1892، أما قاسم أمين فقد نشر كتابه تحرير المرأة في العام 1899.

انتقلت زينب فواز إلى مصر، إلى البيئة الأكثر انفتاحاً وتحرراً من بيئتها. ووجدت نفسها ناشطة تحقق طموحاتها الفكرية. بدأت الكتابة في الصحف، وكانت مقالاتها أعظم إنتاج أدبي وفكري نسائي في ذلك الوقت.

شاركت في المؤتمرات العالمية الخاصة بالمرأة، وأكدت على وجوب إطلاق المرأة في كل مجالات الحياة، ورأت أن نضال المرأة العربية جزء من نضال نساء العالم من أجل المساواة والحرية.

كتبت زينب في موضوعات كثيرة، في الصداقة والوطنية والجوع والمرض، وتميزت بمواقفها الجريئة، التي تدعو إلى طرد الاستعمار: «لماذا تصبرون، ولأي شيء تنتظرون؟ إني ليحزنني ما أراه في حالة أبناء الوطن من الذل والامتهان».

قيل عنها: «إذا عدنا إلى ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي (التاسع عشر)، فستقابلنا سيدة ملأت كتاباتها أسماع ذلك الزمن، مقالات ومناظرات وتأليف كتب ومشاركة في القضايا السياسية والاجتماعية، مع التركيز القوي على قضايا المرأة وحقوقها، هي زينب فواز. وهي معاصرة للأديبة والشاعرة عائشة التيمورية، وسبقت باحثة البادية بعقود».

جاءت زينب إلى دمشق وتزوجت من الكاتب السوري أديب نظمي، ولكن هذا الزواج لم يستمر لأكثر من ثلاث سنوات. وعادت بعدها إلى مصر لتتابع حياتها الفكرية والأدبية.

توفيت زينب فواز عام 1914 في مصر، بعد مرض ألمّ بها، ودفنت ودفن معها حلم العودة إلى مسقط رأسها تبنين.

كتبت زينب الرواية والقصة والمسرحية والشعر والسيرة والمقالة. ومن أعمالها: (الهوى والوفاء)، (الدر المنثور في طبقات ربات الخدور)، (الرسائل الزينبية)، (كشف الإزار عن مخبئات الزار)، (حسن العواقب أو غادة الزهراء)، (الملك قورش أو ملك الفرس).

---

المراجع

[1]الرسائل الزينبية، زينب فواز، مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة، القاهرة، 2012، ص13.