يعد مخبر النانو في كلية العلوم بدمشق المقر الرئيس لنشاطات تقانة النانو في جامعة دمشق، والحاضنة الأكبر للنانو تكنولوجي في سورية.

بهدف استقطاب الباحثين المتخصصين ‏في مجال تقانة النانو على مستوى سورية، تم تأسيس مخبر النانو في قسم الفيزياء بكلية العلوم بدمشق منذ عام 2010 واحتضن العشرات من طلاب الدراسات العليا من ماجستير ودكتوراه،  وعمل على تحضير وتوصيف البنى النانوية بهذا القسم بإشراف الدكتور إبراهيم الغريبي.  الذي أوضح في لقاء خاص لـ "البوابة المعرفية"، كيف أن المخبر يضم عدداً كبيراً من التجهيزات المتعلقة بمجال توصيف وتحضير المواد النانوية بمختلف أشكالها. ويعتبر بمثابة المقر الرئيس لنشاطات تقانة النانو في جامعة دمشق، إضافة إلى كونه  النواة الأولى والحاضنة العلمية والبحثية الأكبر للنانو تكنولوجي في سورية. وأشار إلى وجود وحدة المبادرة السورية للعلوم والتقانة النانوية التي تأسست عام 2011 ‏مقرها قسم الفيزياء بكلية العلوم، حيث يشمل نطاق نشاطها جميع المحافظات السورية، وتعد النواة الأولى لتعزيز ونشر الثقافة العلمية في مجال العلوم النانوية ‏وتقاناتها.

مؤشرات واعدة

أكد الدكتور إبراهيم الغريبي: أن مخبر النانو خرّج خلال السنوات الماضية العديد من طلاب الدراسات العليا (ماجستير ودكتوراه) وحالياً يعمل فيه أكثر من 25 طالب وطالبة دراسات عليا مشاريعهم البحثية تحت إشرافه، بالإضافة إلى المساهمة بانجاز العديد من المشاريع العلمية مع مختلف الهيئات والمراكز البحثية والجامعات السورية، وسجل فيه عدد من براءات الاختراع، ونشرت من خلاله العديد من الأبحاث العلمية العالمية ليصل عددها أكثر من 57  نشرة و58 مشاركة في محافل ومؤتمرات عالمية ومحلية

مخبر النانو

مشاريع قيد التطبيق

هناك العديد من المشاريع البحثية التطبيقية المنجزة أو قيد الإنجاز في مخبر النانو، والتي تحدث عنها الدكتور الغريبي كونها تقام تحت إشرافه في قسم الفيزياء بجامعة دمشق بالتعاون مع وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي، والمركز العربي أكساد، والهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية، والهيئة العامة للتقانة الحيوية، والهيئة العليا للبحث العلمي، وكليات مختلفة ككلية الصيدلة وطب الأسنان وكلية الزراعة بجامعتي دمشق والفرات. وهي:  إنتاج سماد نانوي يتم تطبيقه حالياً في العديد من المحطات الزراعية كمحطة قرحتا والنشابية ومحطة بحوث حمص. وهناك مشروع بحثي يتعلق بقدرة بعض المواد النانوية على إحداث الطفرات الميريستيمية على قمح صنف أكساد 1105، ومشروع مبيدات نانوية لبعض الحشرات كالدودة القارضة والمنّ ودودة القطن على نبات الفاصولياء والباذنجان،  وكذلك مشروع  تأثير إضافة اليوريا النانوية على نمو نبات البانيكوم العلفي، ومشروع تأثير الأسمدة والمبيدات النانوية على نمو وإنتاج بعض النباتات بدعم الهيئة العليا للبحث العلمي، والتي يتم تطبيقها حالياً في مركز المكافحة الحيوية باللاذقية. وهناك أبحاث تتعلق بإنتاج مواد من أكاسيد ومعادن نانوية فعالة حيوياً، وأيضاً تطبق بدعم الهيئة العليا للبحث العلمي، وأخرى لتحسين جودة زيت الزيتون البكر خلال فترة التخزين بإضافة مستحلبات نانوية لمركبات الفينول المستخلصة من أوراق الزيتون، ومعالجة دودة النيماتودا ببعض المواد النانوية، وهو ما يطبق حالياً في الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية.

أبحاث نانوية شاملة

وأشار رئيس وحدة المبادرة السورية للعلوم والتقانة النانوية إلى أبحاث أخرى كثيرة كمعالجة فطريات أوراق الزيتون بالمواد النانوية ومعالجة اللشمانيا بالفضة النانوية، ومعالجة خلايا سرطان الكبد بالفضة النانوية، وتصنيع ألبسة مضادة للحريق مدعمة بألياف النانو، وتصنيع ألبسة ناقلة للكهرباء معززة بالغرافين، واختبار القدرة التجديدية لخلايا الحلزون النجمي على الخلايا البشرية باستخدام حصيرة من الألياف النانوية في الزجاج، وهو ما يطبق حالياً في الهيئة العامة للتقانة الحيوية. إضافة إلى أبحاث تتعلق بتحسين ثباتية الدواء بتغليف عبوته بالألياف النانوية، وإيصال الأدوية الموسومة بنقاط الكربون لتشخيص بعض أنواع السرطانات، وبطاقة ذكية نانوية لتغليف الأغذية، وهو يطبق حالياً في الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية قسم تكنولوجيا الأغذية، وإنتاج مواد نانوية من هيدروكسي اباتيت لتعويض الفقد العظمي، وكمامات نانوية مكونة من فلتر ألياف النانو المعززة بمواد نانوية عازلة وقاتلة للبكتيريا والفيروسات، والذي يطبق بدعم من صندوق دعم البحث العلمي في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي.

ولفت الغريبي إلى مشاريع أخرى تطبق في مخبر النانو، مثل إنتاج ضمادات نانوية لمعالجة الحروق والجروح المزمنة، والذي يطبق حالياً سريرياً في شعبة الجراحة والتجميل في مشفى المواساة تحت إشراف د.معن العيسمي، وإنتاج سقالة ألياف الكيتوزان النانوية للحفاظ على السنخ السني العظمي بعد قلع الأسنان، والذي يطبق حالياً سريرياً في مشفى جراحة الوجه والفكين في كلية طب الأسنان في جامعة دمشق.

محلية الصنع

وأكد الغريبي على وجود عدد هام  من المنتجات النانوية محلية الصنع والتي تحتاج إلى دعم وتشجيع من أصحاب القرار لتكون منتجاً وطنياً،  منها: ضمادات الحروق والجروح المزمنة، والمعقمات النانوية، السطوح ضد فيروس كورونا، والسماد النانوي والدهان النانوي والملابس والكرتون الكارهين للماء والزرعة السنية والكمامات النانوية والزجاج الناقل النانوي الشفاف، ومعقم الأسطح النانوي والتتش النانوي والجل النانوي، وغيرها من المنتجات، وعدد متنوع من البودرة النانوية كبودرة النانوهيدروكسي أباتيت، والفضة النانوية ونقاط الكربون النانوي، وحبر الغرافين النانوي، وبودرة الغرافين وهيدروكسي أباتيت النانوي وأكسيد الزنك النانوي، والتيتانيا النانوية وأكسيد المغنزيوم النانوي وأكسيد الغرافين وأكسيد الحديد النانوي الممغنط وأكسيد الزركونيوم و...إلخ، والتي يمكن إدراجها في العديد من التطبيقات كمواد التجميل وتعويض الفقد العظمي وإعادة الإعمار ومضادات ميكروبات، وفلاتر المياه وتنقيتها من الملوثات والمعادن الثقيلة...إلخ

مجالات واسعة للاستفادة

يدخل علم النانو في جميع المجالات الزراعية والصناعية والطبية وغيرها. ففي مجال الزراعة وكما بين رئيس مخبر النانو الدكتور إبراهيم: تتم الاستفادة منه في إنتاج الأسمدة النانوية والمواد المضادة للفطريات. وفي مجال الطاقة: الخلايا الشمسية السليكونية والصباغية والأغشية الرقيقة المضادة للانعكاس والأغشية الناقلة كهربائياً  والمواد الكربونية الناقلة كالغرافين، وتنقية المياه وإزالة الملوثات منها. أما في المجال الحيوي فيتم إنتاج المواد المضادة للبكتيريا والفيروسات والفطريات ومواد واسمة حيوياً كالنقط الكمومية، وفي الغذاء: هناك مواد نانو لتغليف الأغذية. أما في المجال الطبي يتم إنتاج الضمادات للجروح والحروق والزراعات السنية والدعامات العظمية، في حين يتم إعادة تدوير  الخرسانة المدمرة من خلال تعزيزها بالمواد النانوية في مجال الصناعة، كما يتم إنتاج مواد كارهة للماء ومضادة للاحتراق وناقلة للكهرباء مخصصة للغزل والنسيج.

ولفت الغريبي إلى العديد من المواضيع التي يمكن العمل عليها مستقبلاً مثل: الحبر الناقل، والزجاج الناقل، نقل الدواء، المواد المقاومة للخدش، المواد الواقية من الرصاص، فلاتر تنقية الهواء، هندسة الأنسجة، مواد عازلة للحرارة، البلوك الخفيف، المكثفات الفائقة، الموائع النانوية كموصلات كحرارية، الموائع المغناطيسية.

تحديات التوطين

تحديات وصعوبات تواجه الباحثين والتطبيقات البحثية بشكل عام، وتتمحور بحسب الدكتور الغريبي في عدم وجود  الدعم المادي الكافي، عدم توفر المواد الأولية اللازمة لتصنيع بعض المواد النانوية، والنقص في التجهيزات المتعلقة بتوصيف المواد النانوية المحضرة محلياً، عدم استغلال مخرجات البحث العلمي وربطها بالصناعة، عدم التعاون الفعال بين جميع الجهات العاملة في مجال تقانة النانو، عدم توفر مكان أو مركز خاص بالنانو كنواة للعمل الجماعي المساعد على توطين تقانة النانو في سورية.