مبادرة من جامعة دمشق لاختيار أبحاث علمية متميزة تتعلق بالطاقة وتوليد الكهرباء والبرمجة والتجهيزات الطبية واستخدام الروبوتات في مجال الوقاية من الحرائق.

ضمن تقليد علمي سنوي تحرص عليه جامعة دمشق، تم اختيار أكثر من 140 بحثاً علمياً متميزاً للمشاركة في الموسم الرابع لمعرض المشاريع الطلابية.

ولعل ما يتضمنه عام 2021 لهذه المبادرة من أبحاث تطبيقية في مجالات تتعلق بالطاقة الشمسية وتوليد الكهرباء والبرمجة والتجهيزات الطبية والأطراف الصناعية وأتمتة الآلات الصناعية وإعادة تأهيل الماكينات في المعامل واستخدامات الروبوتات في مجال الوقاية من الحرائق، ما هو إلا دليل على قدرة الشباب الجامعي على تحويل أفكارهم إلى تصاميم عملية تترجم سنوات دراستهم إلى مشاريع ملموسة تخدم متطلبات مرحلة الإعمار.

أبحاث .. رأس المال الفكري

الدكتور سعيد السابق عضو هيئة تدريسية في كلية الهندسية الميكانيكية والكهربائية والمشرف على اختيار المشاريع، أكد أن انتقاء المشاريع يتم من خلال اللجان العلمية المشرفة على مشاريع التخرج الخاصة بطلاب السنة الخامسة، وبعد مناقشتها يتم ترشيح المشاريع الأكثر تميزاً للمشاركة في المعرض، وذلك بهدف تشجيع الطلاب على الاختراع والابتكار وتحويل أفكارهم البحثية من الحيز النظري إلى الحيز التطبيقي، وإدخالها بشكل فوري إلى سوق العمل كمنتج وطني قابل للتسويق. وقال إن المشاريع تعود إلى مختلف الأقسام والاختصاصات التي تتضمن اختراعات مبدعة تحتاج إلى احتضان ودعم لتصبح منتجاً في سوق العمل، من خلال التواصل بين الشركات الصناعية والهيئة التعليمية المشرفة على هذه المشاريع، والطلاب الذين قاموا بتنفيذها.

وأضاف أن العديد من المشاريع البحثية التي عرضت في المواسم السابقة، قد نالت جوائز محلية ودولية، والكثير منها تم تبنيه من قبل جهات وطنية، لتصبح مشاريع منتجة على أرض الواقع، تسهم في دعم الاقتصاد الوطني.

حسين سلمان

وتحدث الدكتور طاهر قدار رئيس قسم الصناعات النسيجية وتقاناتها في كلية الهمك بدمشق، عن مشاركة طلابهم بثمانية مشاريع بموضوعات تطبيقية لها علاقة بالصناعة النسيجية، وهي جديدة بشكل كامل ومتقن، وجاهزة للاستثمار. وأكد أن الطلاب في أبحاثهم تجاوزوا مرحلة التجريب وفحص كفاءة الأجهزة؛ فهناك قسم من المشاريع يختص بقياس صلابة الأقمشة وأجهزة مبتكرة في مقاومة ثبات الألوان للاحتكاك، ومشروع خاص لمعالجة الأقمشة بالليزر لتحسين كفاءة الصباغة، وهي أجهزة عادة يتم استيرادها إلى المعامل من الخارج.

وبين قدار أنه نتيجة التشبيك مع الجهات المعنية ودعوتها للمشاركة في هذه المعارض العلمية وخاصة وزارة الصناعة، فقد تم في العام الماضي عدد من المشاريع ومنها مشروع نُفذ في شركة السجاد بدمشق، بعد أن قام الطلاب بتجهيزه وإضافة التحسينات التي جعلته يضاهي الأجهزة العالمية.

د. سعيد السابق

ومن بين المشاركين كان المهندس حسين السلمان من قسم هندسة الحواسيب والأتمتة، والذي قال إن مشروعه عبارة عن نظام طبي متكامل يتألف من قسمين: الأول روبورت نقّال يقوم بتوزيع الأدوية والطعام إلى غرف المرضى، والثاني عبارة عن نظام طبي يقيس البارامترات الحيوية لجسم الإنسان. وقد تم اختيار ثلاثة بارامترات، وهي درجة الحرارة ونسبة تشبع الأكسجين بالدم والضغط. وقد اعتمد العمل على دارة توضع فيها الحساسات لتعطي قيماً مرجعية للطبيب؛ بحيث إذا زادت درجة الحرارة عن حرارة المريض أو زاد الضغط أو نسبة تشبع الأكسجين لديه كانت قليلة، يعطي هذا الجهاز اهتزاراً للطبيب، والذي بدوره يمكن أن يعطي الدواء إلى الروبوت ليأخذه إلى غرفة المريض المطلوبة. وكانت أمنيته أن يحصل اختراعه على رضا الجهات الطبية للاستفادة منه، كونه يوفر الكثير من الوقت والجهد على الكادر الطبي، ويمكن استخدامه في المستشفيات.

أما المهندس محمد سليمان زين العابدين حسون من المعهد العالي للعلوم والتكنولوجيا قسم الاتصالات، فقد أكد أن مشروعه يتعلق بمكانية تحديد الموقع بالاعتماد على الشبكة اللاسلكية وبخاصة بالأبنية الداخلية التي يكون فيها نقل الجي بي إس ضعيفاً، حيث يتم الاعتماد على شبكة الواي فاي لتحديد الموقع والحصول عليه بدقة. وأشار إلى أن هذا المشروع يخدم بشكل كبير موضوع إعادة الإعمار والجامعات الكبيرة أو المؤسسات الضخمة مثل المصانع والمستشفيات؛ إذ يمكن استخدامه للتعريف داخل البناء بطريقة تعتمد على مسافة الوصول بين المستخدمين.

د. طاهر قدار

وتحدث أيهم قطان، من هندسة الاتصالات، عن مشروعه المؤلف من جزأين أساسيين (الأول: تطبيق على الموبايل، والآخر على الكمبيوتر) ضمن برنامج مختص بالذكاء الصنعي، وهو تطبيق يتحكم بالأجهزة الإلكترونية والكهربائية الموجودة في المكان: منزل أو مكتب أو مصنع أو غيرها؛ بحيث يشكل عامل حماية كاملة عن بعد، من خلال التعرف على الأمر ومعالجته ومن ثم تنفيذه؛ حيث يمكن التحكم به عن طريق حساسات، ومنها الحرارة. وبالتالي هو نظام حماية في حال عدم وجود أشخاص في المكان، وهو موصول بالإنترنيت بحيث يمكن التحكم من أي مكان، كما أنه باستطاعة جميع شرائح المجتمع امتلاكه، لأنه يحتاج إلى توفر الأجهزة والإنترنيت فقط.

وكان مشروع المهندسة أماني حريري من قسم الاتصالات، هو التحكم بكرسي متحرك عن طريق الأوامر الصوتية، وهي فكرة تحاكي مصابي الشلل الرباعي الذين لا يستطيعون القيام بأي حركة جسدية؛ حيث تعطى الأوامر عن طريق وصل الكرسي مع البلوتوث بحيث يستقبل الأوامر بالتعرف على الكلام بالإضافة إلى حساسات لتجنب العوائق. هو مفيد جداً في المجال الطبي للأشخاص ذوي الإعاقة الحركية.

وتحدث المهندس محمد فارس عن مشروعه الذي هو عبارة عن تطبيق أنظمة حماية سلبية للسيارات، من خلال برنامج يعطي مؤشرات لمنع وقوع الحوادث، عبر تطبيق نظامين، الأول نظام تلقائي يساعد السائق في المدن ضمن السرعة العادية من الصفر إلى 40، إذ يحصل السائق على معطيات كاملة لما يوجد حول السيارة وأمامها، وفي حال وجود خطر يعمل نظام الكبح بشكل آلي للحماية. وأكد أن هذا البرنامج موجود في بعض الدول المتقدمة.

وبينت المهندسة تيماء ياسر عوض أن مشروعها عبارة عن روبوت خاص لإخماد الحرائق، وهو مزود بكاميرا تعطي مؤشراً عن مكان تواجده، حيث يمكن التحكم به في بيئة حراجية عن طريق البلوتوث، وهو قابل للتطبيق من قبل الجهات التي تعنى بحماية المنشآت والغابات، مشيرة إلى أن فكرة الاختراع جاء نتيجة للانتشار الكبير للحرائق خلال الفترة الماضية.

غالبية أصحاب المشاريع تحدثوا عن ضرورة الدعم والتسويق للاستفادة من اختراعاتهم، وخاصة أن الاختصاصات التي درسوا فيها تشكل الذراع الأساسي لتنشيط وتطوير سوق العمل وتحديث الآلات، مشيرين إلى أهمية التشبيك مع الجهات والقطاعات الوطنية المختلفة، مثل شركات الاتصالات والمؤسسات الصناعية، التي تقدم في الوقت نفسه فرصاً للطلاب للتدريب والتوظيف.

بدأت فكرة إقامة معرض للمشاريع المتميزة للطلبة الخريجين عام 2018 بمشاركة متواضعة لنحو 47 مشروعاً بحثياً، لكنها تطورات الفكرة في عام 2019 ووصل عدد المشاريع إلى 70 مشروعاً. وفي العام الماضي وصل عدد المشاريع المشاركة إلى 120 بحثاً علمياً قابلاً للتطبيق، ليكون الموسم الحالي مكللاً بالنجاح وهو يحتضن أكثر من 140 مشروعاً بحثياً تم اختيارها من أصل 800 مشروع تقدم بها الطلاب من كلية الهمك، مع مشاركات أخرى من المعهد العالي للعلوم والتكنولوجيا وكلية المعلوماتية والكلية التطبيقية.