تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن حوالي 2.2 مليار شخص حول العالم لا يمكنهم الحصول على مياه الشرب النظيفة. ومع ذلك، يتوفر الماء في بعض الأماكن على بعد بضعة أمتار من الأشجار.

كشفت دراسة حديثة أجرتها جامعة فيرجينيا للتقانة، أنه يمكن للأشجار الاصطناعية مساعدتنا في الاستفادة من المياه الجوفية في المناطق القاحلة. وكشفت أيضاً أنه يمكن لهذه الأشجار مساعدة سكان المناطق الساحلية في استخراج المياه العذبة من المصادر المالحة.

إذا وضعت شلمونة في كوب من الماء، فإن بعض هذا السائل سوف يتسلق الأنبوب. لكن بدون مساعدة، ستتسلق تلك المياه مسافة صغيرة فقط. ابتكر الباحثون الآن جهازاً يمكنه محاكاة قدرة الأشجار على جعل المياه تتسلق ارتفاعات كبيرة؛ حيث يمكن أن يؤمن ذلك مياه الشرب للمجتمعات التي ليس لديها ما يكفي الآن.

الأشجار الاصطناعية1

تجد جزيئات الماء بعضها البعض جذابة حقاً. هذا هو السبب في أن أعداداً كبيرة منها تتجمع معاً لتشكيل قطرات مستديرة. ومع ذلك، في بعض الأحيان، تنجذب جزيئات الماء إلى مواد أخرى أكثر من انجذابها إلى بعضها. ولكن لكي يرتفع الماء أكثر من بضعة سنتيمترات، فإن هذا العمل يحتاج إلى مساعدة.

يوضح بوريكو أن النباتات تعرف سر هذه المساعدة. فعلى مدار اليوم، يتبخر الماء من أوراق النبات. وهذا يخلق شفطًا داخل نسيج يسمى نسيج الخشب (ZY-lem). هذا الامتصاص يسحب الماء والمواد المغذية من خلال الجذور لتغذية الأوراق والنمو. ويمكن لمثل هذا الامتصاص إيصال الماء إلى قمم الأشجار. صمم بوريكو وزملاؤه "شجرة اصطناعية لتساعد الأشخاص الذين يعيشون في المناطق الجافة على حصاد المياه حتى من أعماق الأرض".

داخل الشجرة

نشأت مهندسة الميكانيك نديدي آيغيلميو في قرية ساحلية صغيرة في أفريقيا، وتعمل اليوم مع د. جوناثان بوريكو في جامعة فيرجينيا للتقانة. تقول: "إن المكان الذي كنا نعيش فيه كان محاطاً بالمياه المالحة. لذلك، واجهتنا الكثير من التحديات للحصول على المياه العذبة للشرب". من هنا كان اهتمامها الكبير بصنع الأشجار الاصطناعية، التي يمكن أن تقدم يد المساعدة أيضاً لمن يعيشون في المناطق الجافة من العالم.

وقد قام فريق من جامعة فيرجينيا للتقانة مؤخراً بوضع أنموذج أولي لشجرة اصطناعية داخل صندوق بلاستيكي شفاف. وكان الجذع عبارة عن تسعة عشر أنبوباً بلاستيكياً صغيراً. بلغ القطر الداخلي لكل أنبوب حوالي ستة أضعاف قطر الرصاص في قلم رصاص. يحمل كل أنبوب الماء من وعاء إلى "ورقة" خزفية قطرها أكبر قليلاً من علبة الصودا. تماماً مثل الورقة الحقيقية. ويحتوي هذا القرص الخزفي على العديد من المسام الصغيرة. ويؤدي التبخر من تلك المسام إلى حدوث امتصاص يساعد في سحب الماء عبر الأنابيب.

يمكن أن تساعد الورقة في شجرة اصطناعية في سحب الماء من خلال أنابيب طويلة في التربة. وقد توصلت دراسة جديدة إلى أن ذلك يمكن أن يسمح للناس بالاستفادة من مياه الشرب من على بعد عشرات الأمتار تحت الأرض.

وقام الفريق أيضاً برش طبقة من الغرافيت (المادة التي يتكون منها الرصاص في القلم الرصاص) على الأوراق الاصطناعية. مما أدى لجعل سطح الورقة داكناً لزيادة درجة تسخينها في ضوء الشمس أو تحت مصباح ساطع. وعزز ذلك التبخر – لامتصاص مزيد من الماء. ومن ثم، أضاف الفريق وسادة تبريد لتبريد جزء الصندوق الذي يحمل الشجرة. وبذلك يتكثف بخار الماء هناك للوصول إلى ماء نقي.

محاكاة الطبيعة

يقول شيانمينغ داي وهو مهندس ميكانيكي في جامعة تكساس في دالاس، إن الأشجار الاصطناعية قد تكون قادرة على الاستفادة من المياه حتى عمق 100 متر تحت الأرض. وينصح بتجميع الأنابيب الهشة الطويلة لجذع الشجرة داخل أنبوب حماية أكبر. وبهذه الطريقة يمكن برأيه الارتقاء إلى أحجام أكبر.

يقول داي إن مثل هذه الأجهزة يمكن أيضاً تعديلها لمساعدة الناس على استخراج المياه العذبة من المياه المالحة. وذلك بتركيب غشاء يزيل الملح المذاب من الماء قبل دخوله إلى الطرف السفلي من الأنابيب. الأمر الذي برأيه من شأنه أن يساعد في منع بلورات الملح من التكون في الأنابيب وكذلك يمنع انسداد الورقة مع تبخر الماء.

يقول هادي قاسمي وهو مهندس ميكانيكي في جامعة هيوستن في تكساس، إن المفتاح لجعل هذه الشجرة موفرة للطاقة، هو تسخين وتبخير الماء داخل الورقة الاصطناعية فقط، وليس حوض الماء بأكمله. إذا كان عليك فقط تسخين كمية صغيرة من الماء، فستكون لديك حاجة أقل بكثير للطاقة".

وقد توصل باحثو جامعة فيرجينيا للتقانة إلى نتيجة مفادها أن كل متر مربع (حوالي 10.8 قدم مربع) من "الورقة" يمكن أن يولد حوالي 1.6 لتر (0.42 جالون) من الماء في الساعة.

هل تحمل هذه الدراسة حلاً لأزمة المياه مستقبلاً..!!

-----

ترجمة عن موقع Science News