المعهد العالي للعلوم التطبيقية والتكنولوجيا، هو مؤسسة سورية حكومية للتعليم العالي أحدثت في عام 1983، بهدف إعداد أطر متميزة مؤهلة للبحث العلمي والتطوير في مجال العلوم التطبيقية والتقانة، لتساهم بفاعلية في التنمية العلمية والصناعية والاقتصادية في القطر.

يظهر محور التميز لدى المعهد العالي للعلوم التطبيقية والتكنولوجيا من فكرة التركيز على النوع وليس على الكم، إذ إنه يحتضن حوالي 340 طالباً وطالبة، موزعين على الاختصاصات الهندسية الستة التي يمنحها المعهد وهي: نظم إلكترونية، اتصالات، ميكاترونكس، علوم وهندسة مواد، معلوماتية، هندسة طيران بفرع المعهد العالي بحلب، بإشراف أكثر من 60 أستاذاً وباحثاً أكاديمياً. وعليه فهو يحقق نسبة ذهبية من أستاذ إلى طالب، بحيث يوجد تقريباً أستاذ لكل أربعة طلاب، مما يقدم فرصة كبيرة للطالب للقيام بمشروعه البحثي بنفسه ضمن مخابر المعهد المعدة لذلك.

الدكتور شادي البيطار مدير التعاون العلمي والإعلام والنشر في المعهد العالي للعلوم التطبيقية والتكنولوجيا يقول إنه ومنذ عام 2010 بدأ المعهد يمنح شهادات ماجستير بخمسة اختصاصات رئيسية، ولكل منها عدة اختصاصات فرعية، كما يمنح درجة الدكتوراه في اختصاصات موازية لبرامج الماجستير. يمكن للطالب الدراسة بإيفاد داخلي مع التزام لصالح مركز الدراسات والبحوث العلمية أو لصالح وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، أو الدراسة على نفقته الخاصة بدون التزام، وذلك مقابل أقساط أقل بكثير من أقساط الجامعات الخاصة، بشرط تحقيق الطالب لشروط القبول، إذ يحق للطالب التسجيل على مفاضلة المعهد العالي في حال كان بين الـ 15% الأوائل على القطر في الشهادة الثانوية، ويقبل بعد اجتيازه امتحان القبول. يركز المعهد العالي على الجانب البحثي التطويري من خلال رفد مؤسسات الدولة بمشاريع بحثية وتطويرية، والمساهمة في تأهيل كوادر لمركز الدراسات والبحوث العلمية وللتدريس في الجامعات الحكومية.

د. شادي بيطار1

حصيلة مشرفة

مشاركات المعهد العالي في الأنشطة الأكاديمية متنوعة. وقد تحدث عنها الدكتور بيطار لافتاً إلى مشاركات المعهد بمعرض الباسل للإبداع والاختراع على مدى ثلاث سنوات والحصول في أعوام 2015 و2016 و2017 على الجائزة الذهبية، والمشاركة الأكاديمية في كلية الهمك، ومنها على سبيل المثال معرض المشاريع الجامعية الذي يقام لتشجيع النشاطات الطلابية، وهناك المشاركة بالمسابقات البرمجية للكليات الجامعية، والتي نتج عنها فريق علمي يمثل مع فرق الجامعات السورية الأخرى سورية في المسابقة العالمية التي أقيمت قبل أيام في روسيا.

وفي المقابل، حصل طلاب المعهد العالي في مسابقة الأولمبياد العالمي للروبوت على المركز الثامن عالمياً من أصل 75 مشاركاً، وعلى المركز الرابع في عام 2018 وعلى المركز الأول على مستوى سورية، كما حصل الطلبة على المركز الأول في المسابقة البرمجية في عام 2018، مبيناً أن جميع هذه المشاركات تهدف إلى العالمية وتمثيل البلد بطريقة مشرفة وتطوير معارف الطلاب.

حواضن تكنولوجية

اعتمدت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الاختصاصات الهندسية في المعهد العالي ضمن البرامج الأكاديمية الخاصة بالمتميزين، وفي الوقت نفسه يشارك كوادر المعهد العالي ضمن اللجان العلمية لاختصاصات الرياضيات والفيزياء والكيمياء والروبوتيك في الأولمبياد العلمي السوري التابع لهيئة التميز والإبداع.

يشير مدير التعاون العلمي والإعلام والنشر في المعهد أنهم استقبلوا هذا العام 19 طالباً متميزاً من أصل 30 طالباً. ومن المعروف أن الطلبة المتميزين يدخلون ببرامج خاصة بهم تحت إشراف هيئة التميز والإبداع من الصف العاشر، وللحفاظ على هذه الكوادر، فقد تم توقيع اتفاقية مع الهيئة لاستقطاب الطلاب الذين أوفدوا لمتابعة دراستهم، وهم أساساً كانوا قد درسوا في المعهد، حيث سيمكنهم العمل في مركز الدراسات والبحوث العلمية بالإضافة إلى الحواضن التكنولوجية الأخرى التي يتم تحضيرها حالياً من قبل هيئة التميز والإبداع، ليقدموا أبحاثاً علمية تخدم منتجات وصناعات مختلفة يحتاجها الوطن.

مسابقة الروبوتيك

يبين الدكتور بيطار أن مسابقة الروبوتيك والأنظمة الذكية التي نظمتها هيئة التميز والإبداع، هي النسخة الأولى لها، وتهدف إلى تشجيع الطلاب والباحثين على عرض مشاريعهم في هذا المجال وربطها مع الحاجات الصناعية والإنتاج. وقد تقدم إلى المسابقة أكثر من 30 مشروعاً هندسياً وبحثياً، وتأهلت عشرة مشاريع هندسية وأربعة مشاريع بحثية إلى النهائي، حيث تم تقييم الأعمال المقدمة من قبل لجان تمثل مختلف الجامعات السورية. وأشار إلى أن المعهد شارك بمشروعين هندسيين الأول: طرف صناعي بديل من فوق المرفق مدعم بالذكاء الصنعي للطالبين (نبيل سمعان وعبد المسيح سابا) وكان تحت إشرافه مع كل من المهندس نزار فليون والمهندس باسل نحاس، والثاني: هو عبارة عن روبوت أسطواني متعدد الأشكال ومخصص لعمليات الاستكشاف للطالب عبد الرزاق السلامة وإشراف المهندسين جميل ليوس وغدير شعبان. ورغم المنافسة الشديدة بين المشاركين من الجامعات الثلاث دمشق وحلب وتشرين، فقد حصل مشروع الروبوت الأسطواني على المرتبة الرابعة، وبالتشارك مع جامعة تشرين حصل مشروع الذراع البديل من فوق المرفق على المرتبة الثالثة.

مشاريع بحثية

الملفت هذا العام أنه تم افتتاح فئة خاصة في المسابقة للمشاريع البحثية لطلاب الماجستير والدكتوراه في مجال الروبوتيك والأنظمة الذكية. وبحسب المشرف العلمي، فقد قدم الطالب طارق ساعاتي بحثاً مميزاً حول موضوع تخطيط المسار لروبوت متحرك في بيئة ديناميكية متغيرة باستخدام تقنيات الذكاء الصنعي، وحصل هذا البحث على المركز الأول بجدارة من بين الأبحاث الأربعة المتأهلة للتقييم في المسابقة. كما لفت إلى أن هذا البحث يُمكن من استخدام مجموعة روبوتات في معمل صناعي، بحيث لا يحدث تصادم مع العاملين في بيئة العمل أو مع الروبوتات الأخرى، وهي مبادرة ناجحة مع أنها الأولى للمعهد في هذه المسابقة.

وقال بيطار: الأفكار البحثية التي يطرحها طلاب المعهد العالي تدل على وجود طاقات كامنة وباحثين يعملون بشكل أكاديمي، متمنياً أن تكون المشاركة أوسع في النسخة الثانية من هذه المسابقة، وخاصة أن التطبيقات في عالم الروبوتيك واسعة جداً، وبالتالي هو ليس للتطبيق في المصانع فقط، بل يمكن تطبيقه بالزراعة والصناعة وإطفاء الحرائق وغيرها من الأمور.

54 مخبراً

وتحدث مدير التعاون العلمي للمعهد عن وجود 54 مخبراً في أقسامه الستة، ولكل قسم مجموعة مخابر متخصصة، منها مخبر الاتصالات ومخبر إلكترونيات ومخبر هوائيات ومخبر تحكم والاستطاعة والميكاترونكس والشبكات.. إلخ، ويكون العمل ضمن محاور البحث العلمي في كل قسم. وقال إن المعهد يساهم بشكل عملي في اتجاهين؛ الأول هو موضوع الحكومة الإلكترونية والرقمنة من خلال مديرية التطوير البرمجي والخدمات المعلوماتية التي أخذت مشاريع عديدة مع وزارة الزراعة والعدل ومع رئاسة مجلس الوزراء لأتمتة أعمالها، وهناك برامج تعمل على فرز المهندسين والبيوع العقارية، إضافة إلى مشاركة المعهد باللجان مع وزارة الاتصالات من أجل مشروع الحكومة الإلكترونية، والذي يهتم بتنظيم وإدارة وتقديم الخدمات للمواطن بكل سهولة من دفع الفواتير والحصول على الأوراق الثبوتية وغيرها.

والثاني: هو المساهمة في مجال الطاقة من خلال المشاريع في تدوير النفايات واستخراج الوقود البديل والمساهمة مع الشركات المستثمرة لإنتاج المستحلب الذي يستخدم في محطات الكهرباء ومعامل الإسمنت للتخفيف من استهلاك الوقود وإحداث الوفر، إضافة إلى المشاركة في ورش عمل عديدة على مستوى الداخل والخارج.