سيؤدي استخدام مساعدة الرياح في الطيران إلى تخفيض حرق الوقود وتخفيض التلوث أيضاً.

تستهلك الطائرات التي تحلق على ارتفاع عالٍ وقوداً أكثر مما كانت عليه في السابق، وتسبب المزيد من التلوث أيضاً. توصلت دراسة جديدة إلى أن التغييرات البسيطة في المسار للاستفادة بشكل أفضل من الرياح، يمكن أن تترجم بتحسينات كبيرة في كلا الجانبين (استهلاك الوقود والتلوث).

إن سفر الطائرة من مدينة لندن في إنجلترا إلى مدينة نيويورك في الولايات المتحدة، ينتج ما يقرب من طن من ثاني أكسيد الكربون. وهذا يزيد من الغازات المسببة للاحتباس الحراري. ولكن هناك طرقًا للحد من تأثير الطيران على المناخ. فقد تم التوصل لابتكار جديد يساعد الطائرات على الإفادة من الرياح عالية الارتفاع كلما سنحت لها الفرصة.

إنه ليس أمراً سُمح لهم بفعله حالياً. ولكن هذا ما قد يحدث قريباً.

الغازات الدفيئة

تتبع معظم الطائرات التي تعبر المحيط الأطلسي واحداً من عدة مسارات ثابتة متباعدة بشكل كبير. والسبب أن الرادار لن يكن قادراً على تتبع الطائرات في جميع الأمكنة فوق المحيط الأطلسي. ولكن شبكة جديدة من الأقمار الصناعية في مدار أرضي منخفض، يمكن أن تغير ذلك قريباً. وسيسمح بتتبع هذه الرحلات عبر مسارها.

تقول كاثي ويلز، وهي طالبة دكتوراه في الرياضيات أشرفت على الدراسة وتعمل في جامعة ريدينغ في إنجلترا: "بدلاً من الاضطرار إلى الحصول على هذه المسارات الثابتة التي تفصل بين الطائرات، يمكن لشركات الطيران اتباع مسارات أكثر مرونة".

كانت ويلز جزءاً من فريق في إنجلترا قام بحساب أسرع الطرق الممكنة لطائرات الركاب. استخدم الفريق خوارزميات الكمبيوتر، ومجموعات من التعليمات المتدرجة التي تساعد في حل المسائل الرياضية. يختلف وقت السفر باختلاف الرياح التي تواجهها الطائرة. على سبيل المثال، يمكن أن تحصل الرحلات المتجهة شرقاً على دفعة قوية من التيار الهوائي القوي الذي يتدفق من الغرب إلى الشرق عبر المحيط الأطلسي، في حين أن الطائرات المتجهة غرباً تفوت هذه الميزة. وتحرق الرحلات الأسرع وقوداً أقل. كما يؤدي انخفاض الاحتراق إلى انبعاثات غازات دفيئة أقل.

ما هي الخوارزمية؟

من أجل الدراسة الجديدة، قام الفريق بتحليل 35000 رحلة متجهة شرقاً وغرباً بين مطار كينيدي في نيويورك ومطار هيثرو في لندن. تختلف التيارات الهوائية كثيراً في الشتاء، حيث تصل سرعتها أحياناً إلى أكثر من 320 كيلومتراً (200 ميل) في الساعة. هذا يعني أن أوقات الرحلات المثلى ستختلف أكثر في هذا الوقت من العام. لذا نظرت الدراسة الجديدة في جميع الرحلات الجوية التي تمت على مدار ثلاثة أشهر، بدءاً من الأول من شهر كانون الثاني لعام 2019.

وأظهرت المجموعة، وسطياً، أن الطرق التي تحقق أفضل استخدام لمساعدة الرياح كانت تستغرق وقتاً أقل مما تستغرقه الرحلات الفعلية. حيث كان من الممكن أن توفر رحلة واحدة متجهة شرقاً سدس الوقود الذي أحرقته فعلياً.

التغيير القادمTop of Form

Bottom of Form

التغيير قادم

من المعروف أن صناعة الطيران لديها "بصمة كربونية" عالية. وهو مقياس للغازات المسببة للاحتباس الحراري التي تنبعث منها. تتوفر عدة طرق لتقليص هذه البصمة، لكن معظمها مكلف وسيستغرق الكثير من الوقت. على سبيل المثال، يمكن لمصنعي الطائرات إعادة تصميم طائراتهم. أو يمكن لشركات الطيران التحول إلى الوقود المصنوع من مصادر متجددة، مثل النباتات. كما يقوم بعض الباحثين بتصميم واختبار الطائرات التي تعمل بالكهرباء الهجينة والهيدروجين.

لكن الأمر يتطلب عقوداً ومليارات عديدة من الدولارات لتصميم واختبار وطيران أساطيل جديدة من الطائرات. في المقابل، يمكن أن يؤدي تغيير مسار الرحلة إلى خفض التكاليف والطاقة على الفور. تقول إيرين ديدوسي التي تعمل في جامعة دلفت للتكنولوجيا في هولندا.: "إن تخفيض (استهلاك) الوقود هو مكسب للطرفين. فهو يسمح لصناعة الطيران بتوفير المال الذي ينفق على الوقود ويخفض الانبعاثات". وتضيف: "إن توفير ولو 1-2% فقط من الوقود يعتبر أمراً مهماً بشكل عام. فكيف إذا كان استخدام شيء بسيط للغاية مثل الرياح يساهم في تخفيض استهلاك الوقود بمقدار السدس.. إنه أمر مهم جداً".

لا تُظهر الدراسة الجديدة مدى نجاح ركوب الرياح لجميع الطائرات في جميع الأجواء وفي جميع أنحاء العالم. لكنها تشير إلى أن جعل مسارات الطيران أكثر مرونة، يمكن أن يقلل من استخدام الوقود وانبعاث ثاني أكسيد الكربون في بعض الأماكن.

وقبل أن يحدث ذلك، قد تحتاج الخوارزمية التي استخدمتها هذه الدراسة إلى بعض التعديلات. إذا اختلفت أوقات الرحلات اعتماداً على الرياح، فستصبح جدولة رحلات الربط وإدارة المدارج والبوابات أكثر تعقيداً. وسيتعين على الباحثين تحديد أفضل مسارات الطيران التي تأخذ مسائل الجدولة هذه في الاعتبار. قد يرغبون أيضاً في معرفة ما إذا كان الطيران على ارتفاعات مختلفة يمنحهم خياراً أوسع للطرق المرنة في الأوقات التي يرغب فيها معظم الناس بالطيران.

توفر خدمات الحركة الجوية الوطنية (NATS) مراقبة الحركة الجوية للمملكة المتحدة. وقد اهتمت بالدراسة ودعت ويلز لشرح نتائج الأبحاث الجديدة لهم. وبعد أسبوع واحد فقط من نشر دراسة فريقها الجديدة، قالت NATS إنها ستحل مؤقتاً نظام مسارات الطيران. وستعمل مع شركات الطيران ونظيرتها الكندية (NAV CANADA) للسماح لهم باختيار المسارات التي من شأنها الحد من استخدام الوقود بشكل أفضل.

فهل أصبحنا على وشك تمكين طائراتنا من ركوب الرياح؟!

---

ترجمة عن موقع Science News