وصل الباحث محمد مروان إلى العالمية من خلال أبحاثه في المجلات، وحصل على درجة محكم في مجالات علمية عالية. قام بنشر 18 بحثاً علمياً خارجياً خلال 4 سنوات، أهمها كان البحث الثالث لتصحيح خطأ علمي له علاقة بمعدلات الكم الكسري، والذي ورد في 98 بحثاً عالمياً وفي مجلات معروفة كثيراً.

يعشق الفيزيائيون البحث عن الاختراقات النظرية، ويفتشون عنها، كونها تمثل علامات مضيئة في طريق تفكيك الألغاز الفيزيائية المعقدة. وفي قسم الفيزياء بجامعة دمشق شكّل المعيد والموفد الداخلي محمد مروان الراعي حالة أنموذجية في نظرية التعقيد وتطبيقاتها في العلوم الفيزيائية والكيميائية، وصولاً إلى العالمية. فمن خلال رسالة الدكتوراه التي سجّل عليها تحت هذا العنوان، إضافة للحوسبة الكمومية، وصولاً لحصوله على درجة محكم في مجلات علمية عالمية، ومن ثمة تكريمه من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، وكذلك من جامعة دمشق، لما حصده من دلالات وعلامات فارقة في عالم التغيير الفيزيائي.

نقطة البداية

يبين الباحث محمد مروان الراعي لـ "البوابة المعرفية" أنه ومنذ إيفاده داخلياً كان لديه هدفان، الأول: هو رفع اسم جامعة دمشق والحصول على نقاط ترفع من الترتيب العالمي لها، بغض النظر على الجانب المادي. وثانياً لفت النظر إلى أن البحث العلمي لا يأتي فقط من الإيفاد الخارجي رغم تكلفته الكبيرة، إضافة إلى الحالة التشجيعية التي يقدمها رئيس الجامعة للباحثين الشباب. مشيراً إلى أنه بعد شهر ونصف ستكون مناقشة رسالته الدكتوراه التي تحمل عنوان (دراسة نظرية التعقيد وتطبيقاتها في العلوم الفيزيائية والكيميائية بالإضافة إلى الحوسبة الكمومية) والتي تمّ التسجيل عليها في عام 2018 لتبدأ بعدها رحلته بالنشر في المجلات الخارجية في منتصف عام 2019.

محمد مروان الراعي

وكانت البداية في مجلة (فيزيكس ليترز) وهي مجلة هولندية عريقة أول نشر لها كان عام 1963 حيث نشر عدداً من الأبحاث حول التطبيقات الفيزيائية في ميكانيك الكم الكسري التي لها علاقة بكتابة أكواد عددية لتطبيقات فيزيائية معينة، وتم اشتقاق عدد من العلاقات التحليل بالميكانيك الإحصائي. وكانت أهمية البحث الأول من كون المجلة لها عامل تأثير مهم وتتبع لدار نشر (ألسيفر). بعدها قام بنشر عدد من الأبحاث في مجلة اسمها (كيمكل فيزكس لترز) التي قدمت عدداً من أبحاث نوبل. أما البحث الثاني فكان حول قياس السعة الحرارية للمواد المعقدة، بمعنى قدرة تحمل المادة للحرارة.

الأهمية البحثية

قام الراعي بنشر 18 بحثاً علمياً خارجياً خلال 4 سنوات، أهمها كان البحث الثالث لتصحيح خطأ علمي له علاقة بمعدلات الكم الكسري، والذي ورد في 98 بحثاً عالمياً وفي مجلات معروفة كثيراً، ووفقاً لما أكده بأنه قام بتصحيح الخطأ ضمن مقال نشره في مجلة تابعة لدار نشر (سبرينغر ناتور) بيّن فيه كيفية ورود الخطأ وكيف يتكرر نشره في الكثير من الأبحاث العالمية، فكان ذلك أهمية كبيرة لباحث سوري يقوم بمعالجة خطأ فيزيائي عالمي.

وبيّن الباحث أن نظرية التعقيد التي يعمل عليها في رسالة الدكتوراه، تعتبر حديثة، فقد ظهرت عام 2005 وهي تربط كل العلوم مع بعضها البعض وليس فقط اختصاص الفيزياء والكيمياء، وعليه فهو لم يعمل على تعديل كود مبرمج سابقاً ليضيف إليه، بل بدأ بكتابة الكود من الصفر، وعمل على تطويره بحيث يجاري الأبحاث الدولية، فكان له أهمية كبيرة في رفع نقاط الترتيب العالمي لجامعة دمشق.

التوسع في النشر الخارجي

شكّل عمل الراعي الصعب مساهمات هامة في نظريته الجديدة للأنظمة المعقدة، وتوسع في موضوع النشر الخارجي مع بداية عام 2020 من منطلق أن الموفد الداخلي ليس أقل معرفة وذكاء من الموفد الخارجي الذي يكلف الجامعة أكثر من 300 مليون ليرة سورية. في حين هو لم يكلف جامعته أي مبلغ مالي. ففي الشهر الخامس من عام 2020 بحسب ما أكده الباحث، نشر بحثين، الأول عن (البولوميرات) في مجلة تابعة لدار نشر ألمانية اسمها سبرنيغر – ناتور؛ حيث كان المحرر الذي استلم البحث للتحكيم هو رئيس المجموعة البحثية عن المواد المعقدة في معهد (مكسبلانت الألماني) وهو معروف على مستوى العالم بمستواه في الفيزياء والكيمياء، وبعدها قام بنشر مقالة في مجلة هولندية تابعة لدار نشر (السيفر) وبهذا أصبح العدد خمسة أبحاث.

وأكد في تصريحه لـ "البوابة المرفية" أنه لم يتوقف عن العمل البحثي خلال أشهر الحظر المتعلقة بكورونا، بل توجه للقيام بأبحاث لبرمجة المعادلات المتعلقة بوباء كورونا في عدد من البلدان المختلفة، وتناول حالة انتشار الفيروس وعملية إعادة إنتاجه من خلال خمسة أبحاث على مستوى العالم إضافة إلى سورية، من خلال حسابات رياضية ودلالات إحصائية، وتبين معه أنه في سورية كل عشرة أشخاص يمكن أن ينقلوا العدوى إلى 22 شخصاً. لم يلق هذا اهتماماً في البداية لكون عدد المصابين كان قليلاً خلال فترة الحظر، ولكن بعد فكّ الحظر، ارتفع منحنى الإصابات، وكذلك كانت إعادة الإنتاج للفيروس في أمريكا هو 2.9 قياساً بعدد السكان.

دلالات التكريم

لأسباب علمية عدة تمّ تكريم المعيد محمد مروان الراعي من قبل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي متمثلة بالسيد الوزير الدكتور بسام إبراهيم، وأهمها: النشر في مجلات عالمية لأكثر من 18 بحثاً علمياً في مجال النظريات الحديثة للفيزياء، وإدراج اسمه ضمن قائمة أفضل 498 محكماً (مقوماً) علمياً في مجلة فيزياء الموائع التابعة للمعهد الأمريكي للفيزياء للعام 2020 وضمن قائمة أفضل 251 محكماً علمياً لمجلة فيزياء بلازما التابعة للجمعية الفيزيائية الأمريكية والمعهد الأمريكي للفيزياء، وضمن قائمة المحكمين (المقومين) العلميين في مجلة الشواش التابعة للمعهد الأمريكي للفيزياء في العام نفسه، إضافة إلى نشره عدداً من الأبحاث العلمية في مجلات علمية مرموقة. وحصل على 130 استشهاداً علمياً، فكان لذلك تأثير هام في حصول جامعة دمشق على الكثير من النقاط في الترتيب العالمي، في حين أن المطلوب من طالب الدكتوراه نشر ثلاث أبحاث فقط، واحد منها خارجي، وبحثين في مجلات داخلية خلال رسالته.

وقد أثنت الوزارة على هذا الإنجاز، وبيّن مدير البحث العلمي شادي العظمة أن ما نشره الراعي يشكل 10% من الأبحاث المنشورة في جامعة دمشق لعام 2021 وهي نسبة كبيرة بالنسبة إلى العدد الكبير بين طلاب الدراسات العليا والدكاترة.

أما التكريم الثاني، فهو من قبل جامعة دمشق متمثلاً برئيس الجامعة الدكتور يسار عابدين، وجاء لنفس الأسباب السابقة، إضافة إلى ظهور اسم مروان الراعي في مجلة البلازما التابعة للمجلة الفيزيائية الأمريكية والمعهد الأمريكي للفيزياء، اللذين أدرجا اسمه مع محكمين عادة ما يكونون أمريكيين أو صينيين.

لقطة بحثية

صدف أن حدثت مع الباحث الراعي عدة قصص، شكلت لديه بعض الصعوبات، أهمها: أنه كان يكتب أكواده في غرفة المعيدين المخصصة لهم، وكان قد استلم جهاز كومبيوتر محمولاً قديماً جداً من القسم، يقول: "حاولت الاستفادة منه مع أنه من الأنظمة القديمة والمنسقة. وبعد أربعة أشهر من الجهد والتعب، وفي الوقت الذي دعاني محرر في مجلة أمريكية للكتابة والنشر لديهم بعد مشاهدته لأبحاثي المنشورة، قام رئيس قسم الفيزياء بالدخول إلى غرفة المعيدين وأخذ الكومبيوتر المحمول مع الفلاشة التي عليها الأكواد، فضاع البحث وضاعت معه الجهود التي بذلتها، على الرغم من أنه كان مفيداً جداً لرفع نقاط الجامعة عالمياً في حال تمّ نشره. والمفيد في القصة أن رئاسة الجامعة عالجت الموضوع بحكمة وتمّ إنصافي". وشرح أن برمجة الأكواد تحتاج إلى كومبيوتر محمول ذي مواصفات عالية، فلم يرغب بتكلفة الجامعة بذلك، بل عمل ضمن الإمكانيات المتاحة، واستعان بكمبيوتر كلية الهمك في المعهد العالي لعلوم الليزر وآخر بقسم الفيزياء.

تخطي الصعوبات

تقدم الجامعة للمعيد تعويضاً لطباعة الرسالة بقيمة 25 ألف ليرة سورية، في حين يحتاج الطالب للطباعة أكثر من 300 ألف، عدا المصاريف الأخرى المتعلقة بالأمور الفنية والتحكيم، إضافة إلى أن الراتب الذي يعطى للمعيد لا يكفي للمواصلات. وعليه يقول الباحث مروان الراعي إنه لابد من إعادة النظر في التعويضات المادية التي تخص المعيدين، وكذلك في الراتب الذي يحصل عليه بعد حصوله على الرسالة وتعيينه عضو هيئة تدريسية؛ حيث يقلّ الراتب وفقاً لقانون تنظيم الجامعات لعام 2006، حيث يصبح الراتب أقل مما هو عندما يكون معيداً.

ومن جهة أخرى هناك صعوبة تخص جامعة دمشق وتتعلق بقرار التسوية الذي يخضع له المعيد بعد حصوله على درجة الدكتوراه؛ حيث يستغرق فترة زمنية طويلة تصل إلى ثلاثة أشهر.

نبذة

كان الباحث الراعي قد نال المرتبة الأولى على قسم الفيزياء لمدة أربعة سنوات، وعليه تعين معيداً في قسم الفيزياء. سجل رسالته للحصول على درجة الدكتوراه في الفيزياء النظرية، وأتقن العمل على عدد من برامج المحاكاة في الحوسبة، وقام بتحكيم أكثر من 165 مخطوطة لأبحاث عالمية في مجلات معظمها تقع في الربع الأول في سكوبس وكلاريفيت، شارك في تأليف كتاب فيزياء عملية 4 للكلية، وكتاب السنة التحضيرية الخاص بالفيزياء للكليات الطبية بسورية.