تنتشر الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة كالنار في الهشيم.. فمن الذي ينشرها؟ وهل تنشر رغم معرفة الناشر بزيفها أم بدون علمه؟

من يشارك الأخبار الكاذبة؟

يعتبر الأشخاص المندفعون والذين يميلون إلى المحافظة أكثر عرضة لمشاركة القصص الإخبارية المضللة. حيث يكون لديهم رغبة في خلق الفوضى ولا يردعهم الراغبون بالتحقق من الأخبار.

وقد وجد علماء السياسة والباحثون السلوكيون ووسائل الإعلام أن المحافظين السياسيين مسؤولون إلى حد كبير عن انتشار المعلومات المضللة. ومع ذلك، لا يشارك جميع المحافظين أخباراً زائفة أو لا يؤيد جميعهم مثل هذا السلوك. إن مثل هذه التعميمات الكاسحة تهدد بإدانة كل من يؤمن بالقيم المحافظة، وهذا بدوره ينطوي على مخاطرة باستقطاب أكثر خطورة.

تناول البحث مشاركة المعلومات المضللة محدداً رئيسياً آخر للسلوك الفردي وهو الشخصية. فهناك عدة أنظمة لتحديد سمات الشخصية وقياسها، ولكن أحد أكثرها استخداماً هو نظرية العوامل الخمسة، والتي غالباً ما تسمى الخمسة الكبار، والتي تنظم السمات في خمس فئات: الانفتاح على التجربة، والضمير، والانبساط، والقبول، والعصابية. في هذا الإطار، ركز البحث بشكل خاص على الضمير، الذي يرصد الاختلافات في انتظام الناس، والتحكم بالانفعالات، والتقليدية والموثوقية.

اعتقد الباحثون أن الضمير يمكن أن يساعد في تفسير الصلة بين المحافظة السياسية وتبادل الأخبار المزيفة. وتوقعوا أن ينشر منعدمو الضمير من المحافظين تحديداً معلومات مضللة أكثر من غيرهم من المحافظين الآخرين أو منعدمي الضمير من الليبراليين. وقرروا التحقيق من العلاقة بين الشخصية والسياسة ومشاركة الأخبار المزيفة من خلال سلسلة من ثماني دراسات، شارك فيها 4642 مشاركاً.

أولاً، قام الباحثون بقياس الأيديولوجيا السياسية للناس ومستوى ضمائرهم من خلال التقييمات التي سألت المشاركين عن قيمهم وسلوكياتهم. ثم عرضوا على نفس الأشخاص سلسلة من القصص الإخبارية الحقيقية والمزيفة المتعلقة بكوفيد، وطلب منهم تقييم مدى دقة القصص. ثم سألوهم عما إذا كانوا سيفكرون في مشاركة كل قصة. والنتيجة أن كلاً من الليبراليين والمحافظين رأوا أحياناً أن القصص الكاذبة حساسة – ولكنها قد تتماشى مع معتقداتهم. بالإضافة إلى ذلك، يتشارك الأشخاص من جميع المعتقدات السياسية أخباراً كاذبة، لكن هذا السلوك كان ملحوظاً أكثر بين معدومي الضمير من المحافظين مقارنةً بأي شخص آخر في الدراسة.

في دراسة ثانية، قام الباحثون بتكرار هذه النتائج ونشرا أخباراً مزيفة تحتوي على ميول سياسية قوية ولاحظوا تأثيراً أكبر. ومرة أخرى، لم ينخرط الليبراليون عبر طيف الضمير، إلى جانب المحافظين ذوي الضمير الحي، في نشر المعلومات الزائفة بمعدل مرتفع. لكن المحافظين منعدمي الضمير كانوا ناشرين دائمين للأخبار المزيفة.

ما الذي يفسر الميل الاستثنائي للمراكز التجارية منخفضة التكلفة لمشاركة الأخبار المزيفة؟

لاستكشاف هذا السؤال، صمم الباحثون تجربة لم يجمعوا فيها فقط معلومات حول سياسات وشخصيات المشاركين، بل أجروا استبيانات لتقييم رغبتهم في خلق الفوضى، ودعم القضايا المحافظة اجتماعياً واقتصادياً.

لسوء الحظ، تشير نتائج البحث إلى أن سمات الشخصية والدقة في القصص الإخبارية لن تحل مشكلة المعلومات المضللة. حيث اتضح أن هناك شركات معدومة الضمير تشارك الأخبار المزيفة لبث الفوضى عمداً.

باختصار، تحتاج شبكات التواصل الاجتماعي إلى إيجاد حل مختلف عن مجرد وضع علامات تحذيرية على القصص الكاذبة. حيث ستستمر مشكلة تناقل الأخبار المضللة والتي تطال أموراً حياتية مهمة أحياناً، كتداول معلومات خاطئة عن كوفيد 19 مثلاً. وفي غضون ذلك، سيدفع مجتمعنا ثمن نشر معلومات زائفة ستنعكس علينا وتؤدي إلى عواقب وخيمة ومدمرة أحياناً.

----

ترجمة عن موقع: Scientific American