تقوم جهات كثيرة، وكل بحسب هدفها بتعقب الأشخاص عبر الإنترنيت. وبهذا يصبح المرء معرضاً لشتى أنواع الاستغلال.

تخيّل أن تستيقظ يوماً وترى بياناتك الشّخصيّة، من دون أخذ إذنك، على مواقع التواصل الاجتماعي، أو تحتجزكَ الشّرطة لأنّك زرتَ أحد المواقع وبحثتَ في موضوعٍ يُحظّرُ البحث عنه، وحتّى إن وضعتَ تعليقاً لرأيٍ خارجَ رأي الجماعة. كلّ هذه التأويلات هي أسباب للتعقبِ عبرَ الإنترنيت الذي اختلفت أشكاله وفقاً لكلِّ عصرٍ.

تطوّرت أساليب التعقب عبر الإنترنيت، وأصبحت هاجساً لعمل الكثير من الجهات، وخاصّةً الحكومات الغربيّة المتقدمة الخاشية دوماً من فقدان سيطرتها على الشّعوب.

متعقبون

الحوسبة السّحابيّة:(cloud computing)

تمثل الإنترنيت في الجهاز، وتسمح بتخزين المعلومات واسترجاعها، كملفات عملك وصور أفراد عائلتك وأصدقائك أو حتى الأغاني والأفلام المفضلة لديك، بالإضافة إلى توثيق إنجازاتك ومهامك التي قمتَ بها على حاسوبك[1].

يعمدُ مئات المعلنين ووسطاء البيانات إلى مراقبتكم أثناء قيامكم بتصفحِ شبكةِ المعلومات، فببحثكم عن معلومات حول السّكرِ في الدم ستعتبرون مرضى محتملين بالسّكري من قبل شركات تضع مقتطفات عن الناس استناداً إلى حالتهم الطبيّة، ومن ثمّ تمكن شركات الأدوية والمروجين لهذا الموضوع من ولوج تلكَ المعلومات.

طرقه المتنوعة وتقنياته

نصطدم دون اكتراث بالعديد من طرق التعقب في حياتنا اليوميّة وأجهزتنا الرقميّة المتمثلة بترسانة تجسس من طرقها: تقنيات ملفات تعريف الارتباط (كوكيز)، ويب بيكونز، فلاش كوكيز، بيكسل تاغ[2].

توجد ثلاثة أمثلة شائعة لتقنيات التعقب وهي:

-ملفات تعريف الارتباط: عبارة عن أجزاء من المعلومات التي يضعها موقع ويب على محرّك الأقراص الثابتة بجهاز الكمبيوتر الخاصّ بك عندما تقوم بزيارة الموقع، قد تتضمن الملفات نقل المعلومات بين الموقع والزائر بشكلٍ مباشر أو بين طرفين آخرين أحدهما نيابةً عن الموقع، ليتمّ جمع وتخزين البيانات عن الزائر.

-ملفات تعريف الفلاش: تتضمن تخزين التفضيلات وعرض محتويات بناءً على ما يشاهده الشّخص في المواقع، ويستخدمها غالباً المعلنون وموفرو الخدمات من الجهات الخارجية لغربلة معروضاتهم المرسلة للزبائن بغرض الترويج.

-إشارات الويب: هي أجزاء صغيرة من البيانات المضمنة في الصّور، على صفحات المواقع، وقد تتضمن إشارات الويب نقل المعلومات عنك إلى الموقع الذي زرته وتخزينها أو إلى طرف آخر وفقاً لسياسة الخصوصيّة[3].

كيف تتجنب التعقب؟

لا يمكن تجنب التعقب بشكلٍ تامّ، وذلك لتعدد المواقع والمتصفحات المستخدمة. ولكن هناك عدّة أمور تحدّ من هذا التعقب، أوّلها أن تضبط إعدادات الخصوصية (ملفات الارتباط) في المتصفح الخاصّ بك، بحيث تمنع أيّ طرف ثالث من إنشاء ملفات تعريف الارتباط، ويتمّ مسح جميع الملفات المخزنة بعدَ إغلاق المتصفح وتحديد خيار الخصوصيّة والأمان، بالإضافةِ إلى أنَّ معظم المتصفحات تسمح بتمكين المتصفح الخفي لمنع جهاز الكمبيوتر من تخزين ملفات تعريف الارتباط وبيانات البحث من مواقع الويب. تمّ إثبات أنّ استخدام الشّبكة الافتراضيّة الخاصّة فيبين هي أفضل طريقة لتشفير كلّ تحركاتك على الإنترنيت، إذ إنّها تغلّف اتصالك بطبقة تشفيرٍ، ما يمنعُ الجهات الخارجيّة من مراقبةِ نشاطكَ. وآخر خيار هو تعطيل الوصول إلى تحديد الموقع الجغرافي[4].

مهامّ التعقب أو التجسس

يمكن أن تتحول البيانات إلى سلعة، وتُباع إلى معلنين وشركات، بل وحتى حكومات في بعض الأحيان.

إحدى وسائلِ جمع البيانات هي فحص صندوق المراسلات الواردة للمستخدِم في مواقع البريد الإلكتروني المجانيّة مثل جي ميل من غوغل.

وللتعقب مهامّ تجسسية تمّ تصنيفها لثلاث:

تجسس الهجوم: ينفذ من أجل التجسس على العدو من خلال اختراق منظومة حواسيبه ومواقعه الإلكترونية ومهاجمة شبكات العدو بالفيروسات والتخريب وتدمير منظوماته الإلكترونية. وهذه من أكثرِ طرق التجسس اتباعاً بين الأطراف التي ينشب بينها صراع سياسي.

تجسس الرقابة: هذا الأسلوب تقوم به الدول في غالب الأحيان، من خلال مراقبة وسائل التواصل الاجتماعي ومراقبة حركة الأموال ومراقبة إيميلات وحواسيب المشتبه بهم، وحتى مراقبة حركة عجلات الشرطة والجيش ضمن منظومة جي بي إس.

تجسس الوقاية: لصدّ تجسس العدو وتحصين شبكة حواسيب الدولة والأجهزة الأمنية لحماية الشبكات من الفيروسات وأي محاولات تخريبية. ويتمثل ذلك بالتحول الرقمي. وهذا النوع بالذات يأتي رداً على النوع الأول أي نوع التجسس الهجومي[5].

وجد المتسللون أنّ استخدام بيانات شخصيّة هو الطريقة الفضلى بخرق دفاعات مؤسسة ما، فقد قام متسللون صينيون باختراق شركة آر إس إيه الرّائدة في الأمن الكمبيوتري، المتطوّر. لقد ألقى المتسللون طعماً لمواقع التواصل بهدف الحصول على معلومات عن موظفين فرديين ضمن الشّركة، وتفاصيل ذلك أنهم أرسلوا للموظفين بريداّ إلكترونياً بعنوان (مخطط التجنيد للعام 2011) بحيث بدا البريد قانونياً بما يكفي لدرجة قيام أحد الموظفين بسحبه من ملف بريد تلقائي (mail junk) وعند فتحه أدخلَ ذلك الملف برنامجاً تجسسيّاً لجمع المعلومات عن جهاز الموظف. ومن هناك تمكنَ المهاجمون من دخول عدّة أجهزة في المؤسسة من خلال التحكم عن بعد. باختصار لقد تسللوا إلى ملفات عائدة لأشخاص لا لمؤسسات[6].

استشراف تعقبي شائع

شرائح النّانو تكنولوجي أو (ID 2020) تناقلت العديد من الصّحف العالميّة أنّ بيل غيتس صاحب شركة مايكروسوفت يعمد إلى إصدار شرائح نانوية تتم زراعتها في جسد الإنسان أثناء أخذه للقاح كورونا، للتحكم فيه ومحاكاة انفعالاته وتحركاته. وبعد الهجوم الكبير من النّاس المعتقدين أن ذلك اقتحاماً للخصوصيّة وتهديداً للبشرية، سارعت جهات إعلاميّة أخرى لنفي الخبر واعتبارهِ استشرافاً يمكن تحقيقه مستقبلاً لأغراض تطوّريّة لازمة[7][8].

نظارات غوغل

أطلقت شركة غوغل عام 2013 نظاراتها المتطوّرة، والتي هي بمثابة حاسب خفيف الوزن يتنقل مع الإنسان، وأعادت تطويرها عام 2017 بميزات متقدمة أكثر، ولكنها من أكثر المنتجات التقنية الحاملة طابع التعقب عبر الإنترنيت، لأنها تصوّر كلّ ما تراه أمامها دون أن يشعر الطّرف الآخر، وحتّى إنّها تخزن كلّ نشاطات مرتديها[9].

إن كنتَ قد صادفتَ أثناءَ تصفحكَ عبارتي (تابعني على تويتر أو غرد هنا) فهي مفتاح سماحك للتعقب وتخزين معلوماتك. فاحذر في نشاطاتك عبرَ الانترنيت، خاصّةً إن كانَ عملكَ حسّاساً للغاية.

-----

المراجع:

[1] التعاون عبرَ الإنترنيت، أوليغ عوكي، ص6.

[2] فضيحة فيس بوك: ماهي الجهات الأخرى التي تتعقبنا على الإنترنيت؟ بي بي سي العربية، 11نيسان عام 2018

[3] تقنيات التتبع عبر الإنترنيت والإعلان، USالعربيّة.

[4] ما هو التعقب عبر الإنترنيت وكيف يمكن تجنبه؟، أكاديميّة سايبر أربس، 24 أيلول عام 2020.

[5] ما هو التجسسّ الإلكتروني وماهي أساليبه وطرق مكافحته؟ المهندس أحمد بطو، سايبر ون، 3 تموز عام 2021.

[6] سلطة شبكات التعقب عبرَ وسائلِ الاتصال، جوليا أنغوين، ترجمة حسان البستاني، ص10، الطبعة الأولى عام 2015.

[7] الشّرائح الإلكترونيّة تهدد الحياة البشريّة، نادين مصطفى الكحيل، صحيفة النهار، 1حزيران عام 2020.

[8] ما حقيقة التحذير من شريحة سيحقن بها كلّ البشر تحت مسمّى لقاح كورونا، هالة حمصي، صحيفة النهار، 21 نيسان عام 2020.

[9] أبرزها نظارات غوغل.. صور من محطات فشل عمالقة التقنية، عبد الرحمن السّليمة، الجزيرة نت، 13 كانون الثاني عام 2018.