القريب كل القرب في فوائده الجمة التي تحيط بنا، والبعيد عن معظمنا بتفصيلاته والعلوم التي تخللها ليدير دفتها نحو أفق واسع. إنه علم النانو الذي نراه في الطب والصناعة والتكنولوجيا والتقنيات، وبه تم النهوض باختراعات كثيرة غيرت ولا تزال مجرى التطور.

مع العلوم الأخرى

"كان لتداخل تقنية النانو الحيوية مع الكيمياء الحيوية وعلم الوراثة (الجينات) وعلم الأحياء الجزيئي، أعمق الأثر في تطور طرق التشخيص والكشف المبكر عن الأمراض والمشاكل الصحية مع معرفة الأسباب المؤدية إلى المرض معرفة دقيقة. وأدى هذا بطبيعة الحال إلى تحقيق طفرة تكنولوجية كبيرة في مجال صناعة الأدوية وابتكار طرق جديدة وفعالة في عمليات توصيل الدواء إلى خلايا معينة من خلايا الجسم والانفراد بتقديم تقنيات حديثة ومتقدمة، لقهر السرطان ودحره موضعياً من دون أدنى تدخل جراحي، فضلاً عن الابتكارات المتعلقة بموضع هندسة زراعة الأنسجة في جسم الانسان، خاصةً في مجال الطب وجراحة اللثة والأسنان"[1].

المصطلح

يعود مصطلح النانو إلى العالم الياباني "نوريو تانيجوشي" أستاذ في جامعة "طوكيو" عام 1974. وأطلقه على عمليات هندسة المواد الدقيقة في المستوى النانو متري[2].

النانو

اللفظ مشتق من الكلمة الإغريقية "نانوس" وتعني القزم، ويقصد بها كل شيء صغير، وتعني كعلم تقنية المواد المتناهية في الصغر أو التكنولوجيا المجهرية الدقيقة أو تكنولوجيا المنمنمات. وتقنية هذا العلم هي تطبيق لكل العلوم وهندستها لإنجاز مخترعات مفيدة[3].

طب النانو

إيصال الدواء إلى الأنسجة: يرافق المريض الآخذ لجرعات دوائية هاجس الأعراض الجانبية ومدى معدل استهلاك فعال للدواء، وهذا ما يحققه علم النانو في تحسين التوافر الحيوي للدواء من خلال تواجد الجرعة المتلقاة في المكان المستهدف من الجسم، فضلاً عن مساهمة تقنية النانو في موضوع تغليف الكبسولات الدوائية[4].

النانو طبياً

التشخيص الطبي والعلاجي: يتم في التطبيقات الطبية لتقنية النانو تحضير الجسميات متناهية الصغر والأجهزة المعتمدة عليها، بحيث تتخاطب وتتفاعل مع الأنسجة والخلايا الحية على المستوى الجزيئي وليس على مستوى الخلايا بدقة عالية وتحكم وظيفي، بالإضافة إلى دخوله في تقنيات التصوير بالرنين المغناطيسي والأشعة السينية والموجات فوق الصوتية[5].

تشخيص وعلاج السرطان: من خلال تقنية التشخيص السابقة تم التمكن من الحصول على صور متطورة من الناحية الطبية للأورام والخلايا السرطانية[6].

جسيمات نانوية

وباستخدام الجسيمات النانوية تم الجمع بين التشخيص والعلاج.

طب وجراحة العين: تستعمل الأغشية النانوية الرقيقة في تغشية العدسات العينية وذلك بجعلها أقل جذباً للجراثيم وأقل قابلية للخدش، فضلاً عن إجراء عدة أبحاث لزرع قرنية اصطناعية وشبكيات متطورة في العين[7].

طب وجراحة الأسنان: يوجد تطبيقات سنية نانوية في مجال التخدير الموضعي من خلال حقن روبوتات ضمن اللثة وعند وصولها إلى اللب يمكن للطبيب التحكم بها وإيقاف الحساسية السنية في السن المراد علاجه، بالإضافة إلى تحسين المتانة البنيوية والناحية الجمالية[8].

الجراحة العامة وجراحة الأوعية الدموية: المرور عبر الأوعية الدموية شغل هاجس العلماء ليتخلصوا من مخاطر كثيرة، فاستطاعوا صنع نانو روبوت بحجم ميكرون واحد يستطيع المرور عبر الأوعية، ويمكن متابعة عمل الروبوت داخل الجسم من خلال الرنين المغناطيسي، وانبثق عن هذا العلم نانو مساعد في العمليات الجراحية لإجراء عمليات دقيقة ذات طابع خطر[9].

لحم اللحم: عند تقطيب الشرايين بالطريقة التقليدية يتدفق دم، لذا تم ابتكار تقطير سائل أخضر يحوي على قشور نانوية مطلية بالذهب على طول خط التماس[10].

علم الكلى النانوي: هو فرع مهم من فروع طب النانو، يساهم في دراسة تكوين بروتينات الكلى على المستوى الذري واستخدام جزيئات النانو في علاج أمراض الكلى[11].

هندسة الأنسجة بإصلاح الخلايا: أهم تطبيقاتها الخلايا الجذعية، حيث قام علماء من جامعة "نورث ويست" الأميركية بدمج مركبين عن طريق تقنية النانو، ما أدى إلى صنع مركب موجود أصلاً في مفاصل وغضاريف الإنسان. بعد ذلك تم حقن الخلايا الجذعية داخل هذا الكيس الذي استخدم كناقل للخلايا الجذعية، وأدخلت الخلايا بواسطته إلى المفاصل المصابة لأحد المرضى وكانت النتائج مبشرة[12].

ابتكارات في علم النانو

الأذن النانوية: هي عبارة عن جسيمات ميكروسكوبية مجهرية من الذهب لا يزيد قطرها عن 60 نانو متر، تمتلك القدرة على سماع الأشياء الأكثر خفوتاً مليون مرة أكثر مما نسمعه نحن بالأذن العادية، فبهذا الاختراع العائد للدكتور "جوشين فيلدمان" وزملائه من جامعة "لودفيش ماكسميليان"، هناك خطوة فعالة لفتح مجال جديد من الدراسات المجهرية الصوتية.

تتلخص فائدة هذا الابتكار في القدرة على التعرف على التغيرات التي تحدث في الخلايا الناجمة عن الأمراض، بحيث أنها تستشعر الأصوات من (-60) ديسبل[13].

مغانط نانوية: مادة مغناطيسية جديدة يمكنها تخفيض استهلاك الدول للعناصر الأرضية النادرة والتي تنتجها "الصين". ويفتح هذا الاكتشاف الجديد باباً للتفوق على المغانط الدائمة، حيث أن المادة الجديدة تتألف من جسيمات نانوية تحتوي ذرات الحديد والكوبالت والكربون في حجم مجال مغناطيسي يصل إلى 5نانو متر تقريباً. ويمكن لهذا المزيج بعد تجانسه من تخزين معلومات تصل إلى (790) كلفن[14].

صواريخ نانوية: مثالٌ للعلاج البؤري طوره العلماء الروس على هيئة جسمات نانوية صاروخية يتم إطلاقها على الأورام السرطانية موضعياً باستخدام المغناطيس والموجات فوق الصوتية، ويفيد ذلك بتقليل الآثار الجانبية الناجمة عن العلاج بالمواد الكيميائية[15].

الألياف النانوية: تتخذ عدة أشكال منها السداسية والحلزونية والألياف الشبيهة بحبة القمح، وتتميز بأن مساحة سطحها بالنسبة إلى حجمها كبير جداً (عدد ذرات السطح كبيرة بالنسبة إلى العدد الكلي للألياف). وهذا ما يكسبها خواص ميكانيكية مميزة كالصلابة وقوة الشد، وتم إدخالها مجال الطب كزراعة الأعضاء والتئام الجروح وغيرها[16].