بحث للدكتور سعود كده، متعلق بتصنيع ساحبة غازات ذكية للاستخدامات المخبرية الكيميائية. والذي بيّن أن أهداف البحث تصنيع الساحبة المخبرية بنظام معالجة ذكي تفاعلي وفق أحدث الطرق العالمية المتبعة وبما يحقق قواعد الجودة العالمية في مجال التصنيع.

كي لا يحتاج المستقبل العلمي للبحث عن قرارات توافقه وإنما لقرارات تدعمه، يسعى الباحثون في مشروع قادرون نحو مفهوم مختلف للتعليم الجامعي انطلاقاً من غدٍ علمي أجمل يمكن الباحثين من إنجاز ما لديهم بسهولة ويسر. في هذا الإطار تحدث الدكتور سعود كده، عضو الهيئة التدريسية في قسم الكيمياء بكلية العلوم في جامعة طرطوس، عن بحثه المتعلق بتصنيع ساحبة غازات ذكية للاستخدامات المخبرية الكيميائية، والمقدم من الفريق البحثي لمشروع قادرون بعد اعتماده من قبل الهيئة العليا للبحث العلمي بدمشق لتمويله. مبيناً أهداف البحث لتصنيع هذه الساحبة المخبرية بنظام معالجة ذكي تفاعلي وفق أحدث الطرق العالمية المتبعة وبما يحقق قواعد الجودة العالمية في مجال التصنيع، وذلك عن طريق استخدام أفضل التقنيات الإلكترونية والبنى التصميمية بما يحقق الأمان المخبري المطلوب للعاملين في هذا المجال.

ركيزة أساسية

وحيث أن الساحبات المخبرية تعتبر إحدى الركائز الأساسية في بنية المخابر التي لا يمكن الاستغناء عنها لدرجة يمكن اعتبارها إحدى البنى التحتية الهامة لتصميم وإنشاء المخابر الكيميائية والجرثومية. يشير الدكتور كده إلى أن الجديد في هذا البحث يأتي من خلال محورين: الأول هو تصنيع هذه التقنية محلياً بأرقى مواصفات الصناعات العلمية في هذا المجال وبما يتيح إمكانية تلبية متطلبات السوق المحلية والسوق المجاورة عن طريق مواصفات منافسة للمنتجات عالمياً. والثاني هو إضافة بعض التقنيات الحديثة بما يترك بصمة للصناعة المحلية تميزها عن منافساتها الأجنبية. لافتاً إلى الأهمية العلمية للبحث من كونه سينجز بنظام الفريق المتكامل والمتخصص، وأنه يعتمد في بنيته الرئيسية (إضافة للباحثين) على عدد من طلاب المرحلة الجامعية الأولى والبالغ عددهم 20 طالبة وطالبة، بعد أن تم تأهيلهم لدخول مضمار البحث العلمي، ليكونوا مؤهلين لإنجاز العمل، وخاصة أن البعض منهم كان له تجربة سابقة في تصنيع جهاز الماء المقطر المنزوع الشوارد والحمض النووي الذي صنع من قبل مشروع قادرون عام 2019 بشكل منتج نهائي بتقنيات التحكم عن بعد، والذي أثبت فعاليته من خلال إجراء الاختبارات الكيميائية والجرثومية عليه من قبل هيئة الطاقة الذرية في دمشق حيث بلغت فعاليته 99,7% ليصبح قيد الاستثمار في مخابر كلية العلوم بجامعة طرطوس.

مشروع قادرون

وأوضح سعود أنه في نهاية البحث سيكون لدينا إضافة للساحبة الذكية، فريق بحثي طلابي قادر على استيعاب المفردات العلمية وتطبيقها فعلياً على أرض الواقع، مما يرفع من كفاءة الطلبة في الجامعات ويعزز مفهوم التعليم العالي ويطورهُ نحو منهجية مختلفة تحقق الربط الفعال بين الجامعة والمجتمع أكاديمياً وتطبيقياً، كما ستستخدم في هذا البحث طرائق التوثيق العملي وفق أهم الأسس المتبعة عالمياً.

الأهمية التطبيقية

لأن معظم القطاعات بحاجة إلى هذا النوع من الصناعات العلمية، يوضح الباحث سعود الأهمية التطبيقية لاختيار البحث والمتمثلة في تقديم شكل مطور من الساحبات المخبرية، تؤمن أقصى درجات الحماية المخبرية للعاملين في هذا المجال، إذ إن الساحبة المنجزة ستكون قادرة على التفاعل إلكترونياً (عن طريق مجموعة حساسات متنوعة مثل حساسات الانبعاثات السامة وحساسات الحركة والحريق) مع جو العمل والعاملين فيه لتحقيق أقصى درجة حماية ممكنة، والجديد في هذه الساحبة أنه سيتم تزويدها بنظام إخماد للحريق الكيميائي والكهربائي ذاتي التفاعل، بحيث يكون زمن الاستجابة بحدود 10 ثانية، وبالتالي فإن الساحبة يمكنها التعامل مع الحريق ذاتياً دون تدخل بشري. وهذا معيار مهم وجديد فيها.

وتبين الحاجة اليوم في سورية نتيجة الظروف التي تمر بها والحصار الجائر المفروض عليها، إلى توجيه الأبحاث العلمية نحو الحيز التطبيقي، الذي يؤدي بالإضافة لتطوير مفهوم البحث العلمي إلى تعزيز الاقتصاد الوطني عن طريق إحلال المستوردات من جهة، وفتح باب الصادرات من جهة ثانية، وبالتالي إعادة التوازن للميزان التجاري السوري مع الدول الأخرى، وهذا ما نسعى إليه من خلال مشروع قادرون.

تعزيزاً للكفاءات

ويتابع الباحث حديثه إلى البوابة المعرفية قائلاً: عندما تم اختيار البحث للدراسة الأولية قمنا بدراسة الجدوى الاقتصادية منه، حيث أن الساحبات المخبرية تلبي احتياجات المخابر الكيميائية والفيزيائية والجرثومية في الكليات والمعاهد العلمية، سواء كانت جامعات عامة أم خاصة، إضافة لتلبية متطلبات مخابر الهيئات العلمية المختلفة ومخابر وزارة الصحة والتموين والزراعة وأي مقر يستخدم المواد الكيميائية لها، إضافة لحاجة أسواق الجوار منها، كل هذه الجهات هي مستفيدة من مخرجات البحث الذي نقوم به، والبحث يلبي حاجتها ويعزز كفاءة عملها. إضافة إلى أن البحث يرفد المجتمع بشباب اكتسب خبرة عملية وتطبيقية في حقل الصناعات العلمية، وهؤلاء الشباب قادرون على إنشاء صناعات ومشاريع تؤدي لرفع السوية الصناعية ومضمونها، وهذا هو الأهم.

وأوضح أن الفترة الزمنية المحددة لإنجاز البحث قدرت بـ 240 يوماً، مع مراعاة الفترات الامتحانية للطلبة، بحيث لا يؤثر البحث على أدائهم الدراسي، ودراسة كل الصعوبات المتوقعة وطرق إيجاد البدائل لتجاوزها، لافتاً إلى بعض المخاوف التي قد يواجهونها والتي لا تتعلق بالفريق البحثي بل هي الصعوبات قد تظهر نتيجة الإجراءات الروتينية، أو احتمالية حدوث تضخم في الأسعار بشكل يفوق النسبة المحسوبة من قبل المشروع، والتي يمكن أن يعززها التأخر الإجرائي في الوثائق، آملاً أن يتم الالتزام بالفترات الزمنية المحددة لتزويد المشروع بمبالغ الدعم وفق مخططها الزمني، والذي كان واضحاً من خلال حرص جميع الأطراف على العمل عليه.

تجدر الإشارة أن الدكتور سعود عبد الحليم كده، هو مدير المشروع البحثي وعضو الهيئة التدريسية في قسم الكيمياء بكلية العلوم في جامعة طرطوس منذ عام 2018 وهو مدير مشروع قادرون. وقد شغل منصب المدير التنفيذي لشركة فارمالاينز للمستحضرات الطبية التجميلية في جمهورية مصر العربية.