تكمن خطورة المتحور لكونه يتسبب بطفرات وبائية وبزيادة عدد الإصابات على مستوى دول العالم، فهو أكثر قدرة، قياساً بالفيروس الأصلي والمتحورات الأخرى، على خداع الجهاز المناعة لدى البشر مما يقلل قدرة الجسم على مواجهته.

ترى الجهات الصحية على مستوى بلدان العالم أن متحور دلتا يزيد من خطر فيروس كورونا على صحة البشر، فيما تستمر محاولات العلماء الكشف عن طبيعة هذا المتحور الجديد وأسباب خطورته العالية.

وبحسب تقرير نشرته مجلة "نيتشر" العلمية، فإن خطورة المتحور تظهر لكونه يتسبب بطفرات وبائية في آسيا وأفريقيا وبزيادة عدد الإصابات على مستوى دول العالم، فهو أكثر قدرة، قياساً بالفيروس الأصلي والمتحورات الأخرى، على خداع الجهاز المناعة لدى البشر مما يقلل قدرة الجسم على مواجهته. وهو يحتوي على أشواك تزيد بمقدار 75 في المائة عن متحور ألفا الذي اكتشف أول مرة في جنوب أفريقيا، والذي بدوره يحتوي على أشواك (تلتصق بخلايا الرئة) أكثر بنحو 50 في المائة من نسخة كورونا الأصلية التي ظهرت في ووهان الصينية. وهذا ما يجعله أكثر خطورة وسرعة على الانتشار. ويوضح تقرير المجلة أن الخبراء يتفقون على أن معظم المتغيرات المكتشفة من فيروس كورونا تختلف من ناحية مدى فعالية الانتشار، وليس بمدى قدرتها على التسبب بأعراض شديدة.

متحور دلتا

السبيل الوحيد

على المستوى المحلي يطلق الدكتور نبوغ العوا الأستاذ في كلية الطب البشري بجامعة دمشق وعضو الفريق الوطني للتصدي لكورونا، رسائل تحذيرية للمواطنين يؤكد فيها ضرورة العودة للكمامة وأخذ اللقاح لأنه السبيل الوحيد للوصول إلى حالة التعافي والتخلص من هذا الوباء، مستغرباً عزوف قسم كبير من الناس عن أخذ اللقاح دون أي سبب جوهري. علماً أن المتحور دلتا الحالي من أشرس سلالات كورونا، بدليل استمرار هذه الهجمة ثلاثة أشهر، على عكس الهجمات السابقة التي تم تجاوزها خلال شهر واحد، مؤكداً: أن استهتار الناس بالإجراءات الاحترازية وعدم أخذ اللقاح وعدم الوعي، ساهم في انتشاره. وقد أفادت الدراسات العلمية بأن متغير دلتا نما مؤخراً بسرعة أكبر ودخل إلى منطقة الحلق ورئتي المصابين بمستويات أعلى، مقارنة بالمتغيرات السابقة من الفيروس. ففي دراسة علمية نشرتها مؤخراً مجلة فايرولوجيكال أظهرت بأن الحمل الفيروسي الذي بينته الفحوص الأولى للمصابين بالمتحور دلتا، أعلى ألف مرة مقارنة بالفحوص الأولى التي أجريت إبان الموجة الأولى في العام 2020. وهذا يعني أن دلتا يتكاثر سريعاً داخل جسم المصاب، والمصابون به ينشرون كميات أكبر بكثير من الفيروس مما يزيد احتمالات انتقال العدوى.

نقطة الخطورة

الدخول بالمنفسة يعني أن المصاب في المرحلة الأخيرة وقد لا يجدي معه شيئاً، وبحسب الدكتور العوا فإن مهمة الأطباء ألا يصل المريض إلى هذه المرحلة، وخاصة أن هذا المتحور الرابع مميت جداً، وقد ظهر في الهند منذ أربعة أشهر وتسبب في موت الكثير من الناس، فهناك تغير في الأعراض والخصائص عن الفيروس الذي ظهر في الهجمات الأولى، إذ نقصت مدة الحضانة من سبعة أيام إلى 24 ساعة، ومن شدة الإصابات ظهر ما يسمى الفطر الأسود الذي هو بالأساس مرض يرتبط بالمناعة.

وبيّن العوا وجود جهل طبي في بعض الأمور المتعلقة بأعراض الفيروس. فعلى سبيل المثال إن الذوق لا يتأثر بالكورونا ولكن هناك تأثير على حاسة الشم، وقد تحدث حالات هلوسة شمية تؤثر على الذوق ويجب معالجتها حتى لا تصبح مشكلة دائمة، كما أن أدوية المضادات الحيوية لا تنفع للكورونا. لافتاً إلى أنه كلما ارتفع عدد البؤر كان الإنذار أشرس والطريق إلى الموت معبداً، ولا نستطيع أن نقول سيطرنا على المرض إلا عندما يصبح المنحنى مسطحاً.

يصيب الأطفال

يعود الدكتور العوا إلى التوصية مرة أخرى باستخدام الكمامات، والتباعد الاجتماعي وغيرها من التدابير الرامية للحد من انتشار الفيروس. وخاصة في الأماكن الداخلية والمزدحمة مثل الأفران والمؤسسات وباصات النقل الداخلي، والمدارس والجامعات التي تعتبر عالية الخطورة، نظراً للتزايد الكبير بالإصابات الذي نلاحظه من جراء تفشي دلتا ووجود بؤر في عدد من المناطق، وخاصة أن المتحور الأخير لم يستثن أحداً فهو يصيب الأطفال، بينما الهجمات السابقة لم تكن تصيب المراحل العمرية الصغيرة. وهذا أمر مخيف لكون الطفل لا تظهر عليه كامل أعراض الكورونا، ولكنه يعتبر ناقلاً جيداً للأهل والمحيطين به. ومن هنا حذر العضو في الفريق الوطني للتصدي لكورونا بضرورة الالتزام بالشروط الاحترازية خلال استمرار العملية التعليمية، وقال: إن الكورونا لن ولم ينته، لأن غالبية المدارس غير ملتزمة بالشروط الصحية، والكثير منها لا يوجد فيها كمامات أو مياه لغسل اليدين، ومن المتوقع أن يكون أشرس وأقوى.

ويرى العوا: أن أي طالب تظهر عليه أعراض السخونة والسعال والرشح أو الحرارة يجب عزله في البيت لأكثر من أسبوع، وعدم تركه في المدرسة لكونه ناقلاً جيداً لزملائه، حتى وإن كان ذلك كريباً أو رشحاً عادياً، لأن الأعراض غالباً تبدأ على شكل كريب عادي ثم تتحول إلى كورونا، متمنياً على الناس الذين لديهم طفل مريض أو مرشح تركه في البيت تحت المراقبة.

الفطر الأسود

يؤكد الأطباء في المشافي الوطنية أن الفطر الأسود موجود منذ عقود، وقد كانت تظهر بعض الحالات التي تعد على الأصابع في الأعوام السابقة نتيجة لنقص المناعة وخاصة عند المصابين بأمراض السكري أو السرطان نتيجة لمعالجتهم بالجرعات الكيماوية التي تقضي على المناعة لدى المريض. يبين الدكتور العوا: أنه من حيث المبدأ الطبي لا علاقة للفطر الأسود بالكورونا، كل واحد منهما مرض خاص ولكن كثرة الإصابات بالكورونا تسببت في ارتفاع عدد المصابين بالفطر الأسود الذي نلاحظه على قطع الخبز الرطبة أو الخضار المتروكة خارجاً، ولكنه لا ينتقل إلى الأشخاص الذين لديهم مناعة قوية، في حين يدخل إلى الجيوب الأنفية لمن لديهم مناعة ضعيفة ويتسبب بانسداد بالأوعية الدموية وموتها، فيتحول تحت العين إلى اللون الأسود وتصبح قبة الحنك بقعة سوداء، ثم ينتقل إلى العين ليسبب العمى ومنها ينتقل إلى الدماغ، ولهذا نجده يظهر عند مرضى الذين تنخفض لديهم المناعة، في حين لم نكن نراه قبل جائحة كورونا وضعف المناعة التي سببه الفيروس للناس.