يعتقد بعض العلماء أن الكواكب المارقة يمكن أن تتشكل من انهيار سحابة غازية أصغر من أن تؤدي إلى تكوين نجم، أو أنه يمكن طردها من نظامها الأصلي. لكن الآلية الأكثر احتمالاً لا تزال غير معروفة.

الكواكب المارقة هي أجسام كونية مراوغة لها كتل مماثلة لتلك الموجودة في الكواكب في نظامنا الشمسي ولكنها لا تدور حول نجم، بل تتجول بحرية من تلقاء نفسها. لم يُعرف الكثير عنها حتى الآن، لكن فريقاً من علماء الفلك، باستخدام بيانات من العديد من تلسكوبات المرصد الأوروبي الجنوبي (ESO) ومنشآت أخرى، اكتشف للتو ما لا يقل عن 70 كوكباً مارقاً جديداً في مجرتنا. هذه هي أكبر مجموعة من الكواكب المارقة التي تم اكتشافها على الإطلاق، وهي خطوة مهمة نحو فهم أصول وخصائص هؤلاء البدو الرحل الغامضين.

هذا ما تقوله نوريا ميريت رويج، عالمة الفلك في لابوراتوري دي بوردو، فرنسا - وجامعة فيينا، النمسا، والمؤلفة الأولى للدراسة الجديدة المنشورة في 22 ديسمبر 2021 في Nature Astronomy.

كواكب غامضة

عادةً ما يكون من المستحيل تصوير الكواكب المارقة الكامنة بعيداً عن أي نجم ينيرها. ومع ذلك، استفادت ميريت رويج وفريقها من حقيقة أن هذه الكواكب لا تزال ساخنة بما يكفي للتوهج خلال ملايين السنين بعد تكوينها، ما يجعلها قابلة للاكتشاف مباشرة بواسطة الكاميرات الحساسة على التلسكوبات الكبيرة. وجدوا ما لا يقل عن 70 كوكباً مارقاً جديداً بكتل مماثلة لكوكب المشتري في منطقة تشكل النجوم بالقرب من شمسنا، واقعة داخل منطقة برجي العقرب وحواء.

توضح ميريت رويج: لتحديد العديد من الكواكب المارقة، استخدم الفريق بيانات تمتد لحوالي 20 عاماً من عدد من التلسكوبات على الأرض وفي الفضاء. قمنا بقياس الحركات الدقيقة والألوان واللمعان لعشرات الملايين من المصادر في مساحة كبيرة من السماء. سمحت لنا هذه القياسات بالتعرف بشكل آمن على أضعف الأجسام في هذه المنطقة: الكواكب المارقة.

كواكب مارقة

يتراوح العدد الدقيق للكواكب المارقة التي اكتشفها الفريق بين 70 و 170، اعتماداً على العمر المفترض لمنطقة الدراسة. تم إنشاء هذه الصورة بافتراض عمر متوسط، ما أدى إلى وجود عدد من الكواكب المرشحة بين طرفي الدراسة.

استخدم الفريق الملاحظات من التلسكوب الكبير جداً (VLT) التابع لـ ESO، وتلسكوب المسح المرئي والأشعة تحت الحمراء لعلم الفلك (VISTA)، وتلسكوب المسح VLT (VST) والتلسكوب MPG / ESO 2.2 متر الموجود في تشيلي، جنباً إلى جنب مع المرافق الأخرى. تأتي الغالبية العظمى من بياناتنا من مراصد ESO، والتي كانت بالغة الأهمية لهذه الدراسة. كان مجال رؤيتهم الواسع وحساسيتهم الفريدة من العوامل الرئيسية لنجاحنا، كما يوضح هيرفي بوي، عالم الفلك في لابوراتوري دي آستروفيزيك دي بوردو، فرنسا، وقائد مشروع البحث الجديد. يقول: لقد استخدمنا عشرات الآلاف من الصور ذات المجال الواسع من مرافق ESO، والتي تتوافق مع مئات الساعات من الملاحظات، وعشرات التيرابايت من البيانات".

استخدم الفريق أيضاً بيانات من القمر الصناعي Gaia التابع لوكالة الفضاء الأوروبية، ما يمثل نجاحاً كبيراً للتعاون بين التلسكوبات الأرضية والفضائية في استكشاف الكون وفهمه.

تشير الدراسة إلى أنه يمكن أن يكون هناك المزيد من هذه الكواكب المراوغة الخالية من النجوم والتي لم نكتشفها بعد. يشرح بوي قائلاً: يمكن أن يكون هناك عدة مليارات من هذه الكواكب العملاقة العائمة تتجول بحرية في مجرة درب التبانة بدون نجم مضيف.

من خلال دراسة الكواكب المارقة المكتشفة حديثاً، قد يجد علماء الفلك أدلة على كيفية تشكل هذه الأجسام الغامضة. يعتقد بعض العلماء أن الكواكب المارقة يمكن أن تتشكل من انهيار سحابة غازية أصغر من أن تؤدي إلى تكوين نجم، أو أنه يمكن طردها من نظامها الأصلي. لكن الآلية الأكثر احتمالاً لا تزال غير معروفة.

سيكون المزيد من التقدم التكنولوجي هو المفتاح لحل لغز هذه الكواكب المارقة. يأمل الفريق في مواصلة دراستها بمزيد من التفصيل مع التلسكوب الكبير للغاية (ELT) القادم من ESO، والذي يجري إنشاؤه حالياً في صحراء أتاكاما التشيلية، ومن المقرر أن تبدأ عمليات المراقبة في وقت لاحق من هذا العقد. يقول بوي: هذه الأشياء باهتة للغاية ولا يمكن فعل الكثير لدراستها بمساعدة المرافق الحالية. سيكون ELT حاسماً لجمع المزيد من المعلومات حول معظم الكواكب المارقة التي وجدناها.

ملاحظات

من الصعب تحديد العدد الدقيق للكواكب المارقة التي اكتشفها الفريق لأن الملاحظات لا تسمح للباحثين بقياس كتل الأجسام التي تم فحصها. إن الأجسام التي تزيد كتلتها عن 13 ضعف كتلة المشتري هي على الأرجح ليست كواكب، لذلك لا يمكن إدراجها في العد. ومع ذلك، نظراً لأن الفريق لم يكن لديه قيم للكتلة، فقد اضطروا إلى الاعتماد على دراسة سطوع الكواكب لتوفير حد أعلى لعدد الكواكب المارقة التي تم رصدها. السطوع بدوره مرتبط بعمر الكواكب نفسها، فكلما كان الكوكب أقدم، كلما كان أبرد وأقل سطوعاً. إذا كانت المنطقة المدروسة قديمة، فمن المحتمل أن تكون أكثر الأجسام سطوعاً في العينة ذات كتلة أعلى من 13 مرة من كتلة كوكب المشتري، وأقل من ذلك إذا كانت المنطقة في الجانب الأصغر سناً. بالنظر إلى عدم اليقين في عمر منطقة الدراسة، تعطي هذه الطريقة عدداً تقديرياً من الكواكب المارقة المكتشفة بين 70 و 170.

تُظهر الصور مساحة صغيرة من السماء في اتجاه المنطقة التي يحتلها برج العقرب العلوي وبرج الحواء. إنها تركز على كوكب مارق تم اكتشافه مؤخراً، ما يعني كوكباً لا يدور حول نجم ولكنه بدلاً من ذلك يتجول بحرية من تلقاء نفسه. الكوكب المارق هو النقطة الحمراء الصغيرة الساطعة في منتصف الصورة.

عادةً ما يكون من المستحيل تصوير الكواكب المارقة بعيداً عن أي نجم ينيرها، ولكن بعد فترة وجيزة من تشكيلها، تصدر وهجاً خافتاً يمكن اكتشافه بواسطة الكاميرات الحساسة على التلسكوبات القوية.

تُظهر الصور مواقع 115 من الكواكب المارقة المحتملة، مظللة بدوائر حمراء، اكتشفها مؤخراً فريق من علماء الفلك في منطقة من السماء يحتلها برج العقرب العلوي والحواء. الكواكب المارقة لها كتل مماثلة لتلك الموجودة في الكواكب في نظامنا الشمسي، لكنها لا تدور حول نجم بل تتجول بحرية بمفردها.

-----

ترجمة عن موقع: scitechdaily.com