تشكل التفاعلات الاجتماعية بصمات فريدة تجعل الناس مميزين. وإن الطريقة التي يتفاعل بها البشر على مواقع التواصل الاجتماعي قد تساعد الذكاء الاصطناعي في تحديد هوياتهم. ويستطيع الذكاء الاصطناعي تحديد البشر ضمن مجموعات بيانية.

عند جمع معلومات حول تفاعلات الشخص المستهدف من خلال هاتفه المحمول، إضافة إلى تفاعلات جهات الاتصال الخاصة به، تمكن الذكاء الاصطناعي من تحديد المستهدف بشكل صحيح من بين أكثر من 40000 مشترك مجهول في خدمة الهاتف المحمول، حسبما أفاد الباحثون في عدد 25 كانون الثاني من مجلة Nature Communications. وتشير النتائج إلى أن البشر يتواصلون اجتماعياً بطرق يمكن استخدامها لتحديدهم ضمن مجموعات بيانات يُفترض أنها لمجهولين.

ليس من المستغرب أن يميل الناس إلى البقاء ضمن دوائر اجتماعية محددة لتشكل التفاعلات المنتظمة نمطاً مستقراً بمرور الوقت، كما تقول جايديب سريفاستافا، عالمة الكمبيوتر من جامعة مينيسوتا في مينيابوليس والتي لم تشارك في الدراسة. "لكن حقيقة أنه يمكنك استخدام هذا النمط لتحديد الفرد، أمر مثير للدهشة".

وفقاً للوائح حماية البيانات العامة للاتحاد الأوروبي وقانون خصوصية المستهلك في كاليفورنيا، يمكن للشركات التي تجمع معلومات حول التفاعلات اليومية للأشخاص مشاركة هذه البيانات أو بيعها دون موافقة المستخدمين. المهم هو أن البيانات يجب أن تكون مجهولة المصدر. وقد تفترض بعض المنظمات أنها تستطيع تلبية هذا المعيار من خلال منح المستخدمين أسماء مستعارة، كما يقول إيف ألكسندر دي مونتغوي، باحث في الخصوصية الحاسوبية في إمبريال كوليدج لندن. مضيفاً: "تظهر نتائجنا أن هذا ليس صحيحاً".

Bottom of Form

افترض دي مونتغوي وزملاؤه أنه يمكن استخدام السلوك الاجتماعي للأشخاص لاختيارهم من مجموعات البيانات التي تحتوي على معلومات حول تفاعلات المستخدمين المجهولين. لاختبار فرضيتهم، قام الباحثون بتوفير شبكة عصبية اصطناعية - ذكاء اصطناعي يحاكي الدوائر العصبية للدماغ البيولوجي - للتعرف على أنماط تفاعلات اجتماعية أسبوعية لمستخدمين.

في أحد الاختبارات، قام الباحثون بتغذية الشبكة العصبية ببيانات من خدمة هاتف جوال غير محددة تفصّل تفاعلات 43606 من المشتركين على مدار 14 أسبوعاً. تضمنت هذه البيانات تاريخ كل تفاعل ووقته ومدته ونوعه (مكالمة أو رسالة نصية) والأسماء المستعارة للأطراف المعنية ومن بدأ الاتصال.

تم تنظيم بيانات تفاعل كل مستخدم في هياكل بيانات على شكل شبكة تتكون من تقاطعات تمثل المستخدم وجهات الاتصال الخاصة به. ربطت التقاطعات في سلاسل مترابطة مع بيانات التفاعل. وتم عرض شبكة التفاعل الخاصة بشخص معروف على الذكاء الاصطناعي، ثم تم تحريرها للبحث في البيانات المجهولة للشبكة التي تحمل أقرب تشابه.

نجحت الشبكة العصبية بربط 14.7 % فقط من الأفراد عندما تم عرض شبكات تفاعل تحتوي على معلومات حول تفاعلات هواتف مستهدفة بعد أسبوع واحد من أحدث السجلات في مجموعة البيانات المجهولة. لكنها حددت 52.4 % من الأشخاص عندما أعطيت ليس فقط معلومات حول تفاعلات المستهدفين ولكن أيضاً تلك المتعلقة بجهات الاتصال الخاصة بهم. عندما زود الباحثون الذكاء الاصطناعي ببيانات تفاعل المستهدفين وجهات الاتصال التي تم جمعها بعد 20 أسبوعاً من مجموعة البيانات المجهولة، تمكن الذكاء الاصطناعي من تحديد المستخدمين بشكل صحيح بنسبة 24.3 %، مما يشير إلى بقاء السلوك الاجتماعي قابلاً للتحديد لفترات طويلة من الزمن.

لمعرفة ما إذا كان بإمكان الذكاء الاصطناعي تحديد السلوك الاجتماعي في مكان آخر، قام الباحثون باختباره على مجموعة بيانات قريبة خلال أربعة أسابيع من بيانات من الهواتف المحمولة لـ 587 من طلاب الجامعات المجهولين، والتي جمعها باحثون في كوبنهاغن. وشمل ذلك بيانات التفاعل التي تتكون من الأسماء المستعارة للطلاب، وأوقات اللقاء وقوة الإشارة المستقبلة، والتي كانت تدل على القرب من الطلاب الآخرين. غالباً ما يتم جمع هذه المقاييس بواسطة تطبيقات تتبع جهات الاتصال الخاصة بكوفيد 19. بتزويد بيانات التفاعل للمستهدفين وجهات الاتصال الخاصة بهم، تمكن الذكاء الاصطناعي من تحديد الطلاب بشكل صحيح في مجموعة البيانات بنسبة 26.4 % من الوقت.

لاحظ الباحثون أن النتائج ربما لا تنطبق على بروتوكولات تتبع جهات الاتصال الخاصة بمحرك البحث غوغل ونظام إشعارات العرض من آبل Apple، والذي يحمي خصوصية المستخدمين من خلال تشفير جميع البيانات الوصفية للبلوتوث وحظر جمع بيانات الموقع.

ويختم دي مونتغوي بالقول: آمل أن يساعد البحث صانعي السياسات على تطوير استراتيجيات لحماية هويات المستخدمين. حيث تسمح قوانين حماية البيانات بمشاركة البيانات مجهولة المصدر لدعم البحث المفيد، ومع ذلك، ما هو ضروري لنجاح العمل هو التأكد من أن إخفاء الهوية يحمي بالفعل خصوصية الأفراد".

----

ترجمة عن موقع: Science News