قامت مجموعة من الباحثين السوريين باختراع جهاز جديد لقياس تخثر الدم. ويتم الاعتماد عليه في الكثير من التحاليل المخبرية والكثير من الأبحاث الطبية لمعرفة الأمراض التي تتعلق بالدم أو بالأمراض الجرثومية التي يتم كشفها من خلال منحني تخثر الدم ومن خلال مراحل تشكل الخثرة وانحلالها، بالإضافة إلى الكثير من الأمراض التي يمكن أن تتعلق بسبب وراثي وليس بسبب مرضي أو جرثومي.

يصاب سنوياً ملايين الأشخاص بالجلطات الدموية الناتجة عن الخثرات، وتكشف الدراسات كيف أن هذا المنحى يتزايد يوماً بعد يوم، إذ من الممكن أن يحدث التخثر داخل الأوعية الدموية في حالات كثيرة منها الأورام الصلبة وسرطانات الدم وانحلال الربيدات، إصابة الأنسجة الضخمة، وتفاعلات نقل الدم وغيرها. وعليه يعمل الباحثون على مستوى العالم، في البحث عن طرق جديدة تماماً للكشف عن جلطات الدم، خاصة تلك المتعلقة بالأسباب الوراثية، ويعتبر التحدي الكبير في الطب هو توفر الأجهزة الطبية المستخدمة للكشف عن منحنى الخثرات.

هذا الأمر شكل هاجساً لدى مجموعة من الباحثين السوريين، ومن خلال الجهد الكبير الذي بذلوه توصلوا إلى جهاز جديد نحن اليوم في أشد الحاجة إليه والذي حمل عنوان: جهاز قياس تخثر الدم Thrombelastography TEG and ROTEM) وكان أحد الأبحاث الفائزة بالتمويل المادي من قبل الهيئة العليا للبحث العلمي.

الدماغ

قراءات طبية

جهاز محلي

تبدأ إشكاليات البحث بحسب الدكتور هاني عماشة أستاذ بقسم الهندسة الطبية كلية الهمك بجامعة دمشق من أثناء تصميم الحساسات التي منها قراءة الخرج وخاصة في تصميم جهاز قياس زمن تخثر الدم من نوع TEG لأنهُ يحتاج إلى أسلاك إجهاد عالية الحساسية ودقة والتي تتحسس لإجهادات صغيرة جداً، مشيراً إلى إمكانية حلها من خلال محاولة التصميم لهذا الحساس بطريقة أخرى تعتمد على السعة الكهربائية وتصميم مكثف كهربائي مستوي، أو من خلال استخدام حساس اهتزاز لتقدير قوة الخثرة الدموية من خلال عدد هزات الحساس.

يبين الدكتور عماشة أن الأهمية الأساسية لهذا البحث في وقتنا الحالي هو عدم توفر هذا الجهاز بشكل عام ضمن المخابر والمشافي، نظراً لغلاء وارتفاع سعره بشكل كبير، إذ إن الجهاز (جهاز قياس زمن تخثر الدم) يعتمد على قراءته في الكثير من التحاليل المخبرية والكثير من الأبحاث الطبية لمعرفة الأمراض التي تتعلق بالدم أو بالأمراض الجرثومية التي يتم كشفها من خلال منحني تخثر الدم ومن خلال مراحل تشكل الخثرة وانحلالها، بالإضافة إلى الكثير من الأمراض التي يمكن أن تتعلق بسبب وراثي وليس بسبب مرضي أو جرثومي. ولهذا كان من أهم أهداف العمل البحثي هو السعي والمحاولة لتصميم هذا الجهاز بتكلفة محدودة ومنطقية وإجراء بعض الأبحاث عن تخثر الدم من خلالهِ واستخدامهِ ضمن الجامعة لإجراء اختبارات ودراسات حول تخثر الدم.

تفاصيل بحثية

يوضح الدكتور عماشة: أن الدراسات السابقة لهذا البحث التطبيقي كانت حول تصميم جهاز قياس تخثر الدم باعتماد على طريقة ROTEM وكانت النتائج إيجابية بشكل جيد، والدراسة حول التصميم تساعدنا كثيراً لمحاولة تفادي الأخطاء ومشاكل التصميم، بالإضافة إلى ذلك يتضمن دراسات هامة جداً حول هذا الجهاز ومنحني تخثر الدم وكيفية تشكل هذا المنحني وقراءات عديدة للخرج المطلوب تحقيقه. وللحصول على نتائج موثوقة، قاموا بعملية المعايرة في معهد التقانة الحيوية لقياس بعض البارامترات. وقد تم أخذ الدم عن طريق البزل الوريدي، وإحضار عينة الدم، ويضاف إليها مادة سترات الصوديوم لكي تحافظ على العينة بوضعها الطبيعي دون تخثر. تم تثفيل هذه العينة وأخذ البلازما. ويوضع الكاشف في حمام مائي عند درجة حرارة 37c لمدة 15دقيقة ويوضع الكاشف مع العينة في الكوفيت ضمن الجهاز. ومددنا 50µl من البلازما مع 450µl ماء مقطر (أي أن نسبة التمديد 1/10) ثم نأخذ 100µl من البلازما الممددة ونضعها مع 200µl من الكاشف ونشغل الجهاز فنلاحظ انخفاض دوران المحرك بعد 3 ثوان أي بدء تشكل الخثرة عند هذه القيمة، ويستمر انخفاض دوران المحرك حتى 31 دقيقة عند نهاية التخثر. بعد ذلك نلاحظ عودة المحرك إلى سرعته الطبيعية. وهذا ما يدل انحلال الخثرة وأن هذه القيمة قريبة جداً من القيمة الحقيقية (30min ). وفي المرحلة الثانية عمل الباحثون على تمديد 50µl من البلازما مع 50µl ماء مقطر، ووضعت العينة الممددة مع 200µl من الكاشف، ما أدى إلى حصول التخثر بعد 1.5 دقيقة بسبب التمديد. بينما في المرحلة الثالثة أخذوا 1000 µl من البلازما مع 200µl من الكاشف. فكان من الملاحظ تشكل الخثرة مباشرة مع استمرار تناقص سرعة المحرك نتيجة ازدياد ممانعة الدم، وعليه أظهرت النتائج أنه يجب تمديد البلازما لكي لا تتشكل خثرة دموية مباشرة.

الجديد المعرفي

ما توصلت إليه المجموعة البحثية بحسب الدكتور هاني عماشة هو تصميم الجهاز كمنتج قابل للتسويق وبإمكانيات عالية الجودة وبسعر منطقي بالإضافة إلى وجودهِ بالشكلين الأساسين ( TEG وROTEM ) حيث تعتمد الكثير من الدراسات على إحدى النمطين، أي أن الدراسات التي يتم اعتمادها من خلال الـ TEG لا يمكن اعتمادها على الـ ROTEM والعكس صحيح. وكذلك في طرائق جمع وتحليل البيانات، حيث يتم اختبار خرج ونتائج الجهاز للكثير من العينات ومقارنتها مع عينات ونتائج سابقة ومعايرة الجهاز وخرجه للوصول للوصول إلى النتائج الأفضل وبأقل نسبة للأخطاء، ومن خلال مناقشة هذه النتائج وعمليات الاختبار مع أطباء ذوي اختصاص مخبري دمويات للحصول على النقد المناسب والإيجابي والسعي حول أن يكون منتجاً ذا كفاءة عالية وبنتائج ممتازة وبطريقة معيارية حول النتائج المثالية في حال حدوث أي انزياح بالنتائج والمحاولة للتخلص من المشاكل المسببة لهذا الانزياح من خلال التجربة والاختبار، ليكون جهازاً ذا كفاءة وإمكانية عالية، وأن تكون نتائجه ضمن القيم المرجوة والمتوقعة منه وبكافة مجالات المستفادة منه. وكذلك الحصول على بارامترات دقيقة لمنحني تخثر الدم وإمكانية تحليل البيانات الناتجة والكشف عن المرض المقابل من خلال خوارزميات ذكاء صنعي ولغة الآلة في مراحل لاحقة.

فريق العمل

تجدر الإشارة على أن فريق العمل الذي شارك في هذا الإنجاز العلمي يتألف من كل من الدكتور هاني عماشة، والدكتور مجدي الجمالي، والمهندسة دعاء حمرة وكل من (محمد الحوري ومحمد حبيب ومحمد أنور منصور وحسام خولاني وعمر الحلبي). وفي لمحة عن الدكتور هاني عماشة، فقد تخرج من جامعة دمشق (قسم الهندسة الإلكترونية والحاسبات) عام 1984 بمرتبة جيد جداً وترتيب الأول على الكلية وتم تعيينه معيداً عام 1985 وبعد عام تم إيفاده إلى بريطانيا لتحصيل درجة الدكتوراه باختصاص الحاسوب بالطب (إلكترونيات طبية). وبعد عودته إلى الوطن بتاريخ 1994 تم تعيينه مدرساً في قسم الهندسة الطبية، وهو على رأس عمله حالياً. وللباحث العديد من المنشورات العلمية والمشاركات في مؤتمرات عالمية مرموقة.