مع توقع نفاد الوقود الأحفوري والارتفاع المتزايد في أسعار الطاقة، لاسيما الطاقة الكهربائية، ومخاطر التلوث التي اجتاحت العالم، أصبح من الضروري استخدام تقنيات الطاقة المتجددة، ومنها طاقة الرياح؛ إذ تعتبر طاقة الرياح من أحد أهم مصادر توليد الطاقة الكهربائية، وهي طاقة هائلة يمكن الحصول منها على ملايين الكيلووات من الكهرباء، من خلال الاعتماد على مزارع الرياح.

ضمن الاستخدام الاجتماعي، تطلق كلمة "طاقة" على كل ما يندرج ضمن مصادر الطاقة، إنتاج الطاقة، واستهلاكها وحفظ مواردها وتوافرها وأسعارها، الأمر الذي جعلها ضمن الاهتمامات الأساسية والمفتاحية لأغلب الباحثين في السنوات الأخيرة؛ حيث برز استهلاك الطاقة كأحد أهم العوامل المسببة للاحتباس الحراري، ما جعلها تتحول إلى قضية أساسية في ظل الأزمة المتصاعدة في استهلاك الطاقة.

تبين الدكتورة مي سعيد من خلال بحثها (دراسة تحليلية تجريبية لتأثير تسخين الهواء في الأنابيب متغيرة المقطع على السرعة والطبقة الحدية الحرارية والديناميكية) أنه مع توقع نفاد الوقود الأحفوري والارتفاع المتزايد في أسعار الطاقة، لاسيما الطاقة الكهربائية، ومخاطر التلوث التي اجتاحت العالم، أصبح من الضروري استخدام تقنيات الطاقة المتجددة، ومنها طاقة الرياح؛ إذ تعتبر طاقة الرياح من أحد أهم مصادر توليد الطاقة الكهربائية، وهي طاقة هائلة يمكن الحصول منها على ملايين الكيلووات من الكهرباء، من خلال الاعتماد على مزارع الرياح. وخاصة إذ تمكنا من تجاوز الصعوبات والتحديات التي تواجه إنشاء هذه المزارع الريحية، والتي تكمن في تأمين الحد الأدنى من سرعة الرياح اللازمة لعمل العنفات الريحية، عن طريق رفع سرعة الرياح المنخفضة إلى السرعة المطلوبة لدوران العنفات.

الطاقة

بدايات

مزارع الرياج

لا تعتبر الرياح مصدراً حديثاً للطاقة، إذ ترجع بدايات استخدام هذه الطاقة إلى حضارة مصر الفرعونية القديمة؛ حيث تم استخدمها في تسيير المراكب الشراعية، وكان ذلك في عام 3000 قبل الميلاد تقريباً. كما تم استخدام الطواحين في الحضارة البابلية القديمة لطحن الحبوب، والتي كانت تبنى على محور عمودي مع أشرعة تتحرك حول السارية الوسطى. ولم تتوقف استخدامات هذه الطاقة فقد كان العمل جارياً على تطويرها دوماً، إذ يعتبر تشارلز براش أول من استخدم الرياح لتوليد الكهرباء؛ حيث بني طواحين براش في كيفلاند بأوهايو في الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1920 وبعدها تم تطوير التوربينات ذات الأسلوب المروحي. إلا أن الاهتمام بطاقة الرياح توقف مع الحرب العالمية الثانية؛ حيث توجه العالم إلى الوقود الأحفوري. لتعود مرة أخرى إلى دائرة الاهتمام مع مصطلح مزارع الرياح عام 1980 والتي تحتاج إلى سرعة رياح ما يقرب 5.5 متر/ ثانية في أرض مكشوفة وبعيدة عن أماكن السكن.

طاقة نظيفة بكلفة قليلة

وبالعودة إلى الدراسة البحثية للدكتورة مي سعيد والتي كانت ضمن الأبحاث الفائزة بجائزة التمويل من الهيئة العليا للبحث العلمي، نجد أنه في الاستخدام الأمثل لطاقة الرياح حل لأهم المشاكل التي تواجه العالم والمتمثلة بالطلب المتزايد على الطاقة، وتلوث الهواء الجوي بغازات المصانع ومحطات توليد الطاقة، وذلك بالحصول على مصدر نظيف للطاقة، وكذلك استبدال محطات الطاقة ذات الحجم الكبير والكلفة التأسيسية الضخمة بمحطات ذات طاقة نظيفة وكلفة إنشاء أقل، وتأمين الطاقة الكهربائية للمناطق النائية. وأكدت الباحثة مي على أن الواقع في سورية، ومن خلال دراسة متوسط سرعات الرياح الذي يختلف بين مكان وآخر، أنه بشكل عام هناك سرعات تتراوح بين صغيرة ومتوسطة، لذلك اتجه البحث إلى حل مشكلة المواقع ذات سرعات الرياح المنخفضة كما هو الحال في المنطقة الساحلية، إضافة إلى أن واردات الرياح في فصل الصيف منخفضة وغير مجدية لبناء المزارع الريحية، لذلك تم من خلال البحث زيادة سرعة الرياح إلى السرعة المطلوبة لدوران العنفة الريحية، وذلك عن طريق خلق بيئة صنعية يتم من خلالها تسخير الأثر الحراري لأشعة الشمسي لتسخين الهواء.

تشير سعيد إن هذه المرحلة كفيلة بتحفيز الهواء ودفعه نحو برج متغير المقطع والذي يشكل مرحلة التسريع الثانية، ومن ثم الطاقة الحركية للرياح، التي تستخدم في تشغيل عنفة ريحية وتوليد التيار الكهربائي، ولكن هناك عوامل مؤثرة على سرعة جريان الهواء المار في البرج المتقارب، متمثلة بتشكيل الطبقة الحدية الديناميكية والطبقة الحدية الحرارية، وهذا ما يتم دراسة تأثيره على سرعة العنفة الريحية والطاقة الكهربائية المنتجة.

مصدر دائم للكهرباء

جاءت فكرة البحث من وحي الظروف الراهنة التي تشهد أزمة طاقية كبيرة نعاني منها في سورية، لذلك يشّكل البحث حلاً لمشكلة الكهرباء في سورية عن طريق تأمين سرعة الرياح الملائمة لعمل العنفات الريحية في المناطق منخفضة سرعة الرياح، وبالتالي توليد الطاقة الكهربائية. وهذا يؤمن تخديم دائم للطاقة لدى القطاع الصناعي وقطاع الكهرباء عن طريق تأمينه للمصانع ومحطات تحلية مياه البحر والمجمعات السكنية في المواقع ذات سرعات الرياح المنخفضة. إضافة لكونه مصدراً نظيفاً للطاقة الكهربائية وخال من التلوث. وفي الجانب التطبيقي، فإن منصة الاختبار الخاصة بهذا البحث يمكن استخدامها كمنصة تجارب للعديد من المقررات الدراسية في كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية جامعة تشرين.

شهادات ومؤلفات

تجدر الإشارة إلى الباحثة تحمل شهادة بكالوريوس في الهندسة الميكانيكية قسم هندسة القوى الميكانيكية جامعة تشرين، وحاصلة على شهادة الشهيد باسل الأسد للتفوق الدراسي في السنة الرابعة، وعلى شهادة الماجستير في الهندسة الميكانيكية اختصاص هندسة آلات حرارية. وفي الوقت الحالي تحضر لنيل درجة الدكتوراه باختصاص هندسة الآلات الحرارية. وهي على رأس عملها كعضو هيئة فنية تدريسية في كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية قسم هندسة القوى الميكانيكية جامعة تشرين. تحمل العديد من الخبرات الأكاديمية، وهي مؤلف ومشارك لعدد من المقالات المنشورة في مجلات علمية محكمة.