إن مصطلح "الإنسان الهجين" هو مصطلح شخصي: فهو مريح أكثر من التسميات الأخرى مقارنةً بكلمة "معاق" أو "سايبورغ، وتعني نصف إنسان ونصف آلة". قد يحمل المصطلح سمة مستقبلية بالنسبة إلى العديد من القراء، لكن البشر الهجينين موجودون منذ العصور القديمة.

لقد مر الآن ثلاثة عشر عاماً منذ أن داس هاري باركر على عبوة ناسفة في أفغانستان، مما تسبب بفقدانه ساقيه. إلى جانب الألم الجسدي الذي كان يشعر به على مدى الأسابيع والشهور والسنوات اللاحقة، كان عليه أن يتكيف مع تغيير عميق في إحساسه بذاته. يقارن التجربة بتجربة غريغور سامسا، موضوع كتاب "المسخ" للكاتب فرانز كافكا - "غرابة عدم كونك ما اعتدت أن تكونه، لتصبح مختلفاً عمن حولك".

يستطيع باركر، المجهز بطرفين صناعيين بتقنية عالية، الآن المشي متأبطاً ذراع زوجته وحاملاً أطفاله على كتفيه. ظاهرياً، سيكون من السهل استنتاج أنه تكيف بشكل غير عادي مع الوضع - ويقول إن "كون المرء مبتوراً هو شعور طبيعي". لكنه لا يزال يعتبر نفسه شخصاً مختلفاً - "جسم جديد بهوية جديدة" فقد أصبح 12% منه آلة.

هذا التحول هو الذي يشكل الأساس العاطفي والفكري لكتاب باركر الجديد، "بشر هجينون"، الذي يبحث في أحدث التقنيات الطبية وآثار هذه التطورات على هوياتنا. إن مصطلح "الإنسان الهجين" هو مصطلح شخصي: فهو مريح أكثر من التسميات الأخرى مقارنةً بكلمة "معاق" أو "سايبورغ، وتعني نصف إنسان ونصف آلة".

قد يحمل المصطلح سمة مستقبلية بالنسبة إلى العديد من القراء، لكن البشر الهجينين موجودون منذ العصور القديمة. فكر فقط في المومياء تيبا خيتن موت، وهي ابنة كاهن مصري عاش منذ حوالي 3000 عام. فقدت إصبع قدمها الكبير بسبب الغنغرينا، الأمر الذي كان ستشكل عائقاً كبيراً في مشيتها (إذ يحمل إصبع القدم الكبير 40% من وزن أجسامنا ونحن ندفع أنفسنا نحو الأمام). لحل هذه المشكلة، ركبوا لها طرفاً اصطناعياً مصنوعاً من الخشب والجلد، مع وجود ثقوب يمكن أن تربط إصبع القدم الاصطناعي بقدمها. وخلال تلك الحقبة، صنع الرومان القدماء أطرافاً صناعية من البرونز والخشب.

تتمتع كتابات باركر بأسلوب أنيق وبليغ، خاصة عند وصف سيكولوجية التهجين - كيف يندمج العقل مع الآلة. نسمع أن يمكن للدماغ توسيع خريطة جسمه بسرعة ليشمل الأداة الموصولة به، مما يخلق الإحساس بأنه جزء مادي من الجسم عموماً. هذا هو السبب الذي يجعل السائقين ينحنون عندما تمر سياراتهم تحت حاجز منخفض - بمعنى ما، نشعر وكأننا جزء من السيارة. وكذلك يمكن لشيء ما مثل الهاتف الذكي أن يصبح امتداداً لأذهاننا - لأننا نعتمد عليه في تخزين الذاكرة والتواصل.

يشترك جميع البشر بميزة المرونة العصبية هذه. يقول باركر: "لقد تم إعدادنا للتوصيل والتشغيل" كما الآلات. لكن العلاقة العاطفية بين مبتوري الأطراف مثل باركر والأطراف الصناعية التي يرتدونها، هي بالضرورة أعمق بكثير من تجارب معظم الناس مع التكنولوجيا. فربما لا تكون ساقاه من لحم ودم، لكنهما أساسيتان لإحساسه بإنسانيته. يكتب: "عندما أكون بدونهما، أشعر بأن حياتي ناقصة".

جعلت الابتكارات المذهلة حياة باركر الحالية ممكنة. حيث يمكنه، مثلاً، التحكم بركبته اليمنى بواسطة معالج دقيق مزود بأجهزة استشعار متطورة يمكنها قياس القوى على الساق وتوجيه حركاتها. إنه، كما يقول، مثل وجود دماغ آخر داخل طرفه. ويتحفنا باركر بالحديث عن التطورات التكنولوجية الأكثر إثارة للدهشة، حيث يصف تقنيات مثل الهياكل الخارجية - المثبتة على الجسم - التي يمكن أن تسمح للأشخاص المصابين بالشلل بالمشي مرة أخرى، والجلد الآلي المزود بأجهزة استشعار يمكنها استعادة حاسة اللمس للأشخاص الذين يعانون من إصابات في النخاع الشوكي.

يتجنب باركر فخ المبالغة بالحديث عن مثل هذه النجاحات في وسائل الإعلام. فقد تحتفل الصحف والمواقع الإلكترونية بلا هوادة باستخدام العيون الإلكترونية التي يمكن أن تسمح للأشخاص الذين يعانون من إعاقات بصرية بالرؤية ثانية، على سبيل المثال، لكن باركر يلمح إلى أن دقة الرؤية منخفضة للغاية، وفي أحسن الأحوال، يمكن أن تساعد في التنقل ولكنها لا تخلو من المخاطر. تستخدم العيون الإلكترونية أقطاباً معدنية مزروعة في الدماغ لتوصيل إشاراتها. ويمكن أن يؤدي التفريغ الكهربائي إلى تلف الأنسجة العصبية، مما يضعف فعاليتها بمرور الوقت. قد يجد العلماء حلولاً لهذه المشاكل - مثل الأقطاب الكهربائية المغطاة بالخلايا الجذعية التي قد تتجذر في الأنسجة الحية - لكن التقدم يتم ببطء.

على عكس العديد من كتاب التكنولوجيا، يدرك باركر أيضاً عدم المساواة الاجتماعية المتأصلة في هذه الابتكارات. لا يمكن للمنظمات، مثل هيئة الخدمات الصحية البريطانية، الاستثمار في الأطراف الاصطناعية الأكثر حداثة، مما يعني أنه يجب شراء أحدث التقنيات بتكلفة باهظة. بالنسبة إلى البعض، قد تأتي الأموال اللازمة من خلال التأمين أو التعويض - ولكن إذا ولدت فقيراً، وكنت تعاني من اضطراب خلقي، فقد لا تستفيد أبداً من أي من هذه التطورات التكنولوجية في حياتك. ويستشهد باركر بوالدته التي (لا تزال تستخدم نفس التصميم القديم للساق الاصطناعية التي أعطيت لها منذ أكثر من أربعة عقود). ويشير باركر إلى أنه غالباً ما يكون الأشخاص الأكثر عرضة للإعاقة هم الأقل قدرة على تحمل كلفة العلاج الأفضل - والذي، بالطبع، يجعل من الصعب إيجاد طريق للخروج من شرك الفقر.

تلقى شكوك باركر الترحيب بشكل خاص عندما يلتقي ببعض أتباع حركة "ما بعد الإنسانية" الفلسفية التي تدافع عن استخدام التكنولوجيا للتغلب على حدود إمكانات عقولنا وأجسادنا وتطويرها. من بين خططهم العديدة، يقترحون أن يتم تزويدنا جميعاً بأدمغة يمكن أن تمنحنا وصولاً فورياً إلى مخازن المعرفة الواسعة، أو ربطنا بأدمغة أخرى لإنشاء اتصال توارد الخواطر. ويأمل بعض علماء ما بعد الإنسانية أن تسمح لنا التكنولوجيا بالتغلب على الموت - على سبيل المثال، عن طريق تحميل وعينا على ذكاء اصطناعي، حتى لا نعتمد على برامجنا ذات الأساس البيولوجي الهشة والتي تتأثر بالعمر.

هذه الأحلام بعيدة المنال حالياً، ولكن التحديات العملية لإنشاء هذه التكنولوجيا ليست ما يزعج باركر؛ بل تبدو الأهداف نفسها غير مرغوب فيها. حيث يقول: "لا أستطيع أن أتخيل تحميل مشاعر الألم والقلق والإحباطات على أقراص – فكيف سيكون عليه الشعور بعدم الشعور بالمطر على وجهي مرة أخرى، أو الشعور بالشوق العميق لعائلتي عندما نجتمع معاً". ويتساءل: "ألا تضيف إمكانية الموت معنى لحياتنا سيضيع مع الخلود التكنولوجي؟".

كشخص عاش "هجيناً" لأكثر من عقد من الزمان، لم ينس باركر أبداً حقائق الحياة اليومية، التي تشمل الألم والجمال معاً. قد تكون هذه جولة علمية رائدة، لكن تركيز الكاتب كان دائماً على قلب الإنسان وعقله.

----

ترجمة عن صحيفة: the Guardian