يعود تاريخ تأسيسها كلية الطب إلى عام 1903 عندما افتتحت المدرسة الطبية بفرعيها: الطب البشري والصيدلة بعد نضال مرير وجهود كبيرة من رجال الفكر العرب السوريين إبان الاحتلال العثماني، بعدها انتقلت المدرسة الطبية من دمشق إلى بيروت، وكان ذلك عام 1915 حيث شغلت هناك مقر الكلية الطبية اليسوعية خلال الحرب العالمية الأولى، ليعاد افتتاحها في دمشق بعد إعلان الهدنة عام 1918 باسم المعهد الطبي العربي الذي كان يضمّ الطب والصيدلة، مع اعتماد اللغة العربية في التدريس كرد على سياسة الاستعمار.

تُعدّ كلية الطب النواة الأولى لجامعة دمشق، إذ يعود تاريخ تأسيسها إلى عام 1903 عندما افتتحت المدرسة الطبية بفرعيها: الطب البشري والصيدلة بعد نضال مرير وجهود كبيرة من رجال الفكر العرب السوريين إبان الاحتلال العثماني، بعدها انتقلت المدرسة الطبية من دمشق إلى بيروت، وكان ذلك عام 1915 حيث شغلت هناك مقر الكلية الطبية اليسوعية خلال الحرب العالمية الأولى، ليعاد افتتاحها في دمشق بعد إعلان الهدنة عام 1918 باسم المعهد الطبي العربي الذي كان يضمّ الطب والصيدلة، مع اعتماد اللغة العربية في التدريس كرد على سياسة الاستعمار الذي حاول طمس معالم هذه اللغة العظيمة من جهة، ولقناعة المؤسسين أن طالب العلم أقدر على الاستيعاب والتفكير والتعبير باللغة التي تعلمها وألفها واعتاد على التحدث بها.

رحلة التألق

كان للبوابة المعرفية وقفة مع الذاكرة العلمية لهذه الكلية، وهي اليوم تقارب المائة والعشرين من عمرها، يبين الدكتور رائد أبو حرب العميد الحالي لكلية الطب البشري بجامعة دمشق أنه من دواعي الفخر والاعتزاز أن المعهد الطبي آنذاك لم يكن مؤسسة سورية هدفها تلبية حاجات القطر السوري من الأطباء والصيادلة وأطباء الأسنان والقابلات والممرضات فحسب، بل كان صرحاً عربياً فتح أبوابه لكل طالب علم من شباب الوطن العربي الكبير، فجاؤوا إليه من كل الأقطار ونهلوا من معينه، وانتشر خريجوه في كل أنحاء البلاد العربية، وشكلوا حتى أوائل الخمسينات أكبر نسبة بين أطباء البلاد العربية المشرقية جميعها. وفي عام 1920 انتخب الدكتور رضا سعيد لرئاسة المعهد، وأصدر المجلة العربية عام 1924 التي تعد إنجازاً عظيماً في ذلك الزمن. إلا أن الأمور الطبية والعلمية لم تقف عند ذلك، فقد تحول المعهد الطبي في عام 1946 إلى كلية، وتمّ تجهيزها بالمدرجات والمختبرات اللازمة للعملية التدريسية، وكانت الكلية وقتئذ تمنح شهادة دكتور في الطب وإجازة في الصيدلة ودكتوراه في طب الأسنان وشهادة في التمريض وأخرى في القبالة والتوليد. وبعد عامين إبان الوحدة بين سورية ومصر عُدّل اسم الجامعة السورية فأصبح اسمها جامعة دمشق.

كلية الطب

شهدت هذه الكلية تاريخاً حافلاً بالتطور، فتزايدت أعداد المباني والمنشآت والمستشفيات التعليمية، وزُوّدت الكلية بالمختبرات الحديثة وتقانات المعلوماتية ووسائلها المتطورّة، وبذلك تمّ توفير أفضل الشروط للقيام بالعملية التعليمية والبحث العلمي على أكمل وجه، وتشكّل المستشفيات التعليمية الحديثة التي كان آخرها مشفى الأسد الجامعي مركزاً حضارياً راقياً لتقديم الخدمات الطبية والتعليمية. ويمكن القول إن حقبة السبعينيات حفلت بحركة تجديد في البناء. وقد أعيد تنظيم الكلية بموجب المرسوم التنظيمي رقم 2364، وأحدث مركز الطب النووي الذي أصبح فيما بعد مؤسسة ذات طابع علمي وتعليمي إضافة إلى الخدمات العلاجية المجانية. وفي عام 1985 بدأ العمل بمركز زرع الكلية، إضافة لإحداث مركز جراحة القلب الذي صدر قانون تأسيسه عام 1974 ليفتح آفاق جديدة في مجال الجراحة المتطورة وإنعاش آمال الآلاف من المرضى القلبيين الذين تتوقف حياتهم على وجود مركز وطني من هذا النوع.

كبرى الاختصاصات

يوضح الدكتور أبو حرب أن كلية الطب البشري بدمشق من أعرق الكليات في الوطن العربي وهي تخرج طلاباً على مستوى وكفاءة عالية ومشهود لهم على التدريب الجيد والمعارف الواسعة والدقيقة والحديثة في فروع الطب المختلفة، إذ يوجد في الكلية عدة أقسام موزعة على اختصاصات متعددة أكبرها قسم الأمراض الباطنية الذي يحتوي على 11 شعبة لكل منها اختصاص تتوزع بين الهضمية والقلبية والصدرية والغدد الصم والكلية والطب النفسي والفيزيائية وأمراض المفاصل والعضلات، وكل شعبة من هذه الشعب تعادل قسماً من الأقسام الأخرى. ثم يأتي قسم الجراحة الذي يضم الجراحة العامة والبولية والصدرية والقلبية والأوعية والجهاز الحركي والعظمية، أما القسم الثالث والكبير أيضاً هو قسم طب الأطفال. وهناك بعض الأقسام الأخرى التي حجمها أصغر لكنها ذات أهمية كبيرة مثل قسم العينية والأذنية وأقسام العلوم الأساسية وتشمل النسج والتشريح والجنين وعلم ووظائف الأعضاء والجانب المخبري الذي يشمل قسم الكيمياء، وهي بمجموعها تشكل النواة الأساسية للتعليم والتدريب في كلية الطب البشري.

مخابر مميزة

لا تزال كلية الطب البشري في سورية تمثل الطموح الأول لدى الناجحين في الثانوية العامة. وبحسب السيد العميد فإن عدد المنتسبين إليها بشكل وسطي 1200 طالب وطالبة في كل عام، وعليه يتم توزيعهم على المخابر بحسب الأقسام الموجودة فهناك مخابر موجودة ضمن حرم الكلية للجنين والتشريح والفيزياء وعلم وظائف الأعضاء والأدوية، وهناك مخابر الكيمياء والكيمياء الحيوية للسنوات الرابعة والخامسة والسادسة، إضافة إلى الجانب العملي الذي يتم في المستشفيات الجامعية وعددها ستة مشافٍ تشمل: الأسد الجامعي والمواساة والأطفال وجراحة القلب ومستشفى البيروني والتوليد إضافة إلى مستشفى الجلدية الجامعي، وهي تعمل على تدريب الطلاب في هذه السنوات من الناحية العملية السريرية، إضافة إلى مخابر الكلية المخصصة للعلوم ما قبل السريرية وتشمل طلاب السنوات الأولى والثانية والثالثة.

وتحدث الدكتور أبو حرب عن مخبر جديد تم إنشاؤه لمهارات التعلم الطبي الرقمي والذي سيتم افتتاحه قريباً بعد أن تم تهيئة البنية التحتية له بالمساعدة مع الاتحاد الأوروبي الذي قدم لهذا المخبر تجهيزات عالية الدقة والكفاءة بعد أن هيأت الجامعة البنية التحتية للمخبر وأصبحت جاهزة لاستقبال هذه التجهيزات، يتكفل التخصص الجديد بعرض المحاضرات عبر الإنترنت، وتقديم دروس أنموذجية بصورة حية.

الطب باللغة العربية

يؤكد الدكتور أبو حرب أن تدريس الطب باللغة العربية له أهمية كبيرة، مع ضرورة أن يمتلك الطالب المعرفة باللغة الإنكليزية لكونها لغة العلم في العصر الحديث، لأن التدريس في جميع دول العالم يعطى بلغة الدولة. وإذا نظرنا إلى الكليات الطبية العريقة في العالم في جميع الدول، نجد أن الطب يدرس باللغة الأم مع إتقان الطبيب للغة الإنكليزية. ويشدد على إبقاء التعليم باللغة العربية لأن التعامل مع المريض هو باللغة العربية. أما إتقان الطبيب للغة الإنكليزية فهو ضروري أيضاً لمواكبة النشرات العلمية والمؤتمرات الطبية التي معظمها حالياً باللغة الإنكليزية.

الترتيب العالمي

يختلف التقييم بالنسبة إلى كليات الطب البشري عن غيرها من الكليات، فهو يعتمد على ركائز مختلفة ولا يعتمد على درجة التعليم ونوعيته، فهناك أمور عديدة تدخل في الحسبان على رأسها المنشورات العلمية العالمية ذات النقاط العالية وعدد الطلاب نسبة إلى عدد الأساتذة، والحسابات المتعلقة بالبنية التحتية للكلية والمخابر وعدد الطلاب في الجلسات العملية. وعليه يوضح عميد كلية الطب البشري التأثير المتعلق بعدد الطلاب الكبير في الكلية الذي أثر على الاعتمادية ودفعهم للتوجه نحو تشجيع البحث العلمي والنشر الأكاديمي الخارجي في دورات عالمية، والذي حقق تأثيراً فعلياً خلال السنوات الأخيرة في رفع التصنيف العالمي للكلية بشكل واضح مقارنة بالسنوات السابقة، ويعتبر العمل مستمراً للحصول على الاعتمادية العالمية لكلية الطب البشري، باعتبار نهاية عام 2023 هو تاريخ مفصلي لكلية الطب للإبقاء على الاعتمادية العالمية أو عدمها. ومن ضمن هذه الشروط هو رفع تصميم كلية الطب في جامعة دمشق، والتوسع بموضوع النشر الخارجي والتأكيد عليه لدى الطلاب هو جزء من رفع نقاط الاعتراف للكلية والنشر في دوريات عالمية باللغة الإنكليزية.

ولفت أبو حرب إلى الإنتاج الهام للكلية في البحث العلمي والذي يشمل أبحاث طلاب الدراسات العليا وطلاب الدكتوراه والأبحاث التي ينشرها المدرسون والأساتذة في الكلية، إضافة إلى الأبحاث التي ينشرها طلاب الطب وهم في المراحل الدراسية الأولى الجامعية، وهناك بعض الطلاب المتميزين الذين نشروا أبحاثاً ذات قيمة علمية عالية.

لمحة تعريفية

تجدر الإشارة إلى أن الدكتور رائد أبو حرب خريج كلية الطب البشري في جامعة دمشق دفعة عام 1985 اختصاص بالأمراض الباطنية، أوفد إلى فرنسا وحصل على شهادة الاختصاص في أمراض الهضم والكبد من جامعة باريس عام 1996 وخلال فترة الاختصاص حصل على عدة دبلومات اختصاصية في تصوير البطن بالأمواج فوق الصوتية، والأمراض النفسية الجسدية وكل ما يتعلق بالاختصاصات الدقيقة بالتنظير الهضمي والطرق الصفراوية ووضع الدعامات.

تم تعيينه مدرساً في جامعة دمشق ثم رئيساً للشعبة الهضمية في مشفى المواساة الجامعي حتى عام 2016 ورئيساً لقسم الأمراض الباطنية في الكلية حتى عام 2019 وفي عام 2020 عين عميداً لكلية الطب، ولا يزال على رأس عمله. للدكتور أبو حرب العديد من الأبحاث في دوريات عالمية وإقليمية، وشارك في جميع مؤتمرات الجمعية السورية لأمراض الهضم، وفي عدة مؤتمرات إقليمية في الدول المحيطة ودول أوروبا.