ما هو اللغز؟ ولماذا نستمتع عند حل لغز ما؟ هل ترتبط الألغاز وكيفية حلنا لها بحياتنا اليومية؟ وهل يستطيع الذكاء الاصطناعي اقتحام هذا المجال وتقديم يد العون فيه. يصمم الباحثون استراتيجيات متعددة لعامل ذكاء اصطناعي (AI) لحل لغز عشوائي مثل كانسة الألغام.

لعقود من الزمن كانت الجهود المبذولة في حل الألعاب تقتصر على حل الألعاب ثنائية اللاعبين (أي ألعاب الطاولة مثل الداما، والألعاب الشبيهة بالشطرنج، وما إلى ذلك)، حيث يمكن التنبؤ بنتائج اللعبة بشكل صحيح وفعال من خلال تطبيق بعض الذكاء الاصطناعي (AI ) من خلال تقنية البحث وجمع قدر هائل من إحصاءات اللعب. ومع ذلك لا يمكن تطبيق مثل هذه الطريقة والتقنية مباشرة على مجال حل الألغاز، نظراً لأن الألغاز تُلعب بشكل عام بشكل منفرد (لاعب واحد) ولها خصائص فريدة (مثل المعلومات العشوائية أو المعلومات المخفية). بعد ذلك، نشأ سؤال حول كيف يمكن لتقنية الذكاء الاصطناعي الاحتفاظ بأدائها في حل ألعاب ثنائية اللاعبين، ولكن بدلاً من ذلك تطبيق هذا الأداء على أحجية اللاعب الفردي؟

لسنوات كان يُنظر إلى الألغاز والألعاب على أنها قابلة للتبديل أو أنها جزء واحد من الآخر. لكن في الحقيقة قد لا يكون هذا هو الحال طيلة الوقت. بالنظر من منظور العالم الحقيقي، فإن "اللعبة" أو اللغز هو شيء نواجهه كل يوم: التعامل مع المجهول. على سبيل المثال المجهول في اتخاذ القرار الصحيح (كالزواج مثلاً) أو القرار الخاطئ (مثل ترك العمل) أو عدم اتخاذ قرار على الإطلاق (أي الندم على "ماذا لو"). وفي الوقت نفسه فإن "اللغز" يعد شيئاً معروفاً بوجوده أو أنه شيء ما مخفي لم يتم الكشف عنه بعد. مثل هذه الحالة المعروفة على سبيل المثال ستكون اكتشاف مادة "عجيبة" مثل الغرافين وإمكانياتها العديدة التي لم يتم تسويقها واستخدامها على نطاق واسع. ثم مرة أخرى يتساءل الباحثون ما هو الحد بين "اللغز" و"اللعبة" في سياق حل الألغاز؟

لعبة كاسحة الألغام

في المعهد الياباني المتقدم للعلوم والتكنولوجيا (JAIST) في اليابان، حاول البروفيسور هيرويوكي إيدا وزملاؤه الإجابة على هذين السؤالين في دراستهم الأخيرة المنشورة في مجلة Knowledge-Based Systems. تركز الدراسة البحثية على مساهمتين مهمتين: الأولى تكمن في تحديد قابلية حل اللغز في سياق لعبة ذات لاعب واحد عبر اختبار كانسة الألغام، والثانية هي اقتراح عامل ذكاء اصطناعي جديد (AI) باستخدام التركيب الموحد لأربع استراتيجيات تسمى المحلل PAFG. بالاستفادة من المعلومات المعروفة والمعلومات غير المعروفة لألغاز كانسة الألغام، حقق المحلل المقترح أداءً أفضل في حل اللغز يضاهي أحدث الدراسات.

يوضح الشكل استراتيجيات الذكاء الاصطناعي التي تستخدم استراتيجيات تعتمد على المعرفة للتعامل مع المعلومات غير المعروفة أثناء اعتماد استراتيجيات تعتمد على البيانات لاستخدام المعلومات المعروفة لألغاز كانسة الألغام. تحدد النتائج التي وصل إليها الباحثون الشرط الحدودي لقابلية الحل في أحجية عشوائية للاعب واحد والتي تعتبر أساسية لمشاكل العالم الحقيقي الواسعة.

اعتمد الباحثون عامل الذكاء الاصطناعي المكون من استراتيجيتين تعتمدان على المعرفة واستراتيجيتين أخريين تعتمدان على البيانات لاستخدام المعلومات المعروفة وغير المعروفة للقرار الحالي على أفضل وجه لتقدير القرار التالي الذي يجب اتخاذه. نتيجةً لذلك، يمكن إنشاء الحدود بين أنموذج حل الألغاز ولعب اللعبة للغز العشوائي ذي اللاعب الفردي مثل "كانسة الألغام".

تلعب مثل هذه الحالة دوراً مهماً بشكل خاص في مشاكل العالم الحقيقي، حيث تكون الحدود بين المعروف وغير المعروف عادةً غير واضحة ويصعب تحديدها. كما يلاحظ البروفيسور إيدا: "مع قدرة عامل الذكاء الاصطناعي على تحسين أداء حل الألغاز، تصبح حدود القابلية للحل واضحة. سمح مثل هذا الموقف بتعريف واضح لظروف "الألغاز" و"اللعبة"، والتي توجد عادةً في العديد من مواقف الحياة الواقعية، مثل تحديد الاستثمار عالي الرهان، وتقييم مستوى المخاطرة لقرار مهم، وما إلى ذلك". في الأساس، نعيش جميعاً في عالم كانسة الألغام، نحاول تخمين طريقنا إلى الأمام مع تجنب "القنبلة" في حياتنا.

هناك العديد من أوجه عدم اليقين التي نواجهها مع التقدم السريع للتكنولوجيا الحالية والأنموذج الجديد للحوسبة المتاح (على سبيل المثال، إنترنت الأشياء، والخدمات المستندة إلى السحابة، والحوسبة المتطورة، والحوسبة العصبية، وما إلى ذلك). يمكن أن يكون هذا الشرط صحيحاً بالنسبة إلى الأشخاص من حيث الدعم التكنولوجي، والمجتمع من حيث قبول التكنولوجيا، وثقافة المجتمع ومعاييره، وحتى على المستويات الوطنية (التغييرات في السياسة والقواعد على سبيل المثال).

يرى الباحثون في هذه الدراسة أن الأنشطة البشرية اليومية تتضمن الكثير من ظروف "اللعبة" و"اللغز". ومع ذلك من خلال رسم خريطة لأنموذج القابلية للحل على نطاق واسع، يمكن إنشاء شروط الحدود بين المعروف والمجهول، مما يقلل من مخاطر المجهول ويعظم فائدة المعلوم، تشرح السيدة تشانغ ليو، المؤلف الرئيسي للدراسة: يتم تحقيق هذا الإنجاز من خلال تتويج التقنيات القائمة على المعرفة، وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، وعدم اليقين القابل للقياس (مثل معدل الفوز، ومعدل النجاح، ومعدل التقدم، وما إلى ذلك) مع الحفاظ على متعة اللغز والتحدي.

----

بواسطة المعهد الياباني المتقدم للعلوم والتكنولوجيا

ترجمة عن موقع: SciTechDaily