توصل العلماء إلى طريقة لمعالجة نفايات الكربون (النفايات العضوية) من المزارع ومياه الصرف الصحي وغيرها من المصادر، وتحويله إلى وقود حيوي عالي الجودة بسهولة أكبر باستخدام خلية تدفق جديدة مطورة من قبل معهد PNNL.

تقوم العملية الجديدة في استخلاص الوقود الحيوي من مياه الصرف باستخدام طريقة خالية من المواد المضافة وتولد الهيدروجين لتزويد عملياتها بالوقود اللازم.

يتمثل الهدف المقدس للباحثين في مجال الوقود الحيوي، في إنشاء عملية ذاتية الاستدامة تحول النفايات الموجودة في مياه الصرف الصحي والناتجة عن المحاصيل الغذائية والطحالب ومصادر الكربون المتجددة الأخرى إلى وقود حيوي مع الحفاظ على نفايات الكربون بعيداً عن بيئتنا ومياهنا. على الرغم من إحراز تقدم كبير في تحويل مثل هذه النفايات إلى وقود قابل للاستخدام، فقد ثبت أن إكمال الدورة باستخدام الطاقة النظيفة صعب التحقيق.

ابتكر فريق من الباحثين في المختبر الوطني شمال غرب المحيط الهادئ التابع لوزارة الطاقة (PNNL) نظاماً يحقق ذلك بالضبط؛ حيث يحول نظام استرداد وقود الأكسدة التحفيزي الكهربائي PNNL ما كان يُعتقد سابقاً أنه غير قابل للاسترداد، والمقصود هنا كربون "النفايات" المخفف إلى مواد كيميائية قيمة بينما ينتج أيضاً هيدروجيناً مفيداً. نظراً لاستخدام الطاقة المتجددة، فإن العملية تكون محايدة من حيث الحاجة للكربون أو حتى من المحتمل أن تكون سالبة تماماً للكربون.

المفتاح لإنجاح كل شيء، هو محفز مصمم بأناقة يجمع بين مليارات الجسيمات المعدنية الصغيرة للغاية والتيار الكهربائي لتسريع تحويل الطاقة في درجة حرارة الغرفة وضغطها.

قال جون لوبيز رويز المهندس الكيميائي في شركة PNNL وقائد المشروع: تتطلب الأساليب المستخدمة حالياً لمعالجة الوقود الحيوي استخدام الهيدروجين عالي الضغط، والذي يتم إنتاجه عادةً من الغاز الطبيعي. يمكن لنظامنا أن يولد هذا الهيدروجين بنفسه بينما يعالج في نفس الوقت مياه الصرف في ظروف قريبة من الغلاف الجوي باستخدام فائض من الكهرباء المتجددة، مما يجعل تشغيله غير مكلف ومن المحتمل أن يكون محايداً للكربون.

نظام متعطش

اختبرت مجموعة البحث النظام في المختبر باستخدام عينة من مياه الصرف الصحي من عملية تحويل الكتلة الحيوية على نطاق صناعي لأكثر من 200 ساعة من التشغيل المستمر دون فقدان أي كفاءة في العملية. كان القيد الوحيد هو أن عينة مياه الصرف الصحي لفريق البحث قد نفدت.

قال لوبيز رويز: "إنه نظام جائع". "يتناسب معدل تفاعل العملية مع مقدار نفايات الكربون الذي تحاول تحويله. يمكن أن تعمل إلى أجل غير مسمى إذا كان لديك مياه الصرف الصحي الكافية".

يحل هذا النظام الذي ينتظر الحصول على براءة الاختراع، العديد من المشكلات التي أصابت الجهود المبذولة لجعل الكتلة الحيوية مصدراً اقتصادياً للطاقة المتجددة وفقاً لـ لوبيز رويز.

قال لوبيز رويز: نحن نعرف كيف نحول الكتلة الحيوية إلى وقود. لكننا ما زلنا نكافح لجعل العملية موفرة للطاقة واقتصادية ومستدامة بيئياً – خاصة بالنسبة إلى المقاييس الصغيرة الموزعة. يعمل هذا النظام بالكهرباء، والتي يمكن أن تأتي من مصادر متجددة. ويولد الحرارة والوقود الخاصين به للحفاظ على استمراريته. لديه القدرة على إكمال دورة استعادة الطاقة.

وأضاف: بينما تبدأ الشبكة الكهربائية في تحويل مصادر طاقتها نحو دمج المزيد من مصادر الطاقة المتجددة، فمن المنطقي أكثر فأكثر الاعتماد على الكهرباء لسد احتياجاتنا من الطاقة. لقد طورنا عملية تستخدم الكهرباء لتحويل الطاقة من مركبات الكربون في مياه الصرف إلى منتجات مفيدة مع إزالة الشوائب مثل مركبات النيتروجين والكبريت.

سد فجوة الطاقة

الإسالة الحرارية المائية (HTL) هي طريقة فعالة للغاية لتحويل نفايات الكربون الرطب إلى وقود. هذه العملية في جوهرها تقصر الوقت اللازم لإنتاج الوقود الأحفوري الطبيعي عن طريق تحويل الكتلة الحيوية الرطبة إلى زيت خام حيوي كثيف الطاقة في ساعات بدلاً من آلاف السنين. ومع ذلك، فإن العملية غير مكتملة بمعنى أن المياه العادمة المتولدة كجزء من العملية تتطلب مزيداً من المعالجة من أجل الحصول على قيمة مضافة مما يمكن أن يكون مسؤولية.

قال لوبيز رويز: لقد أدركنا أن نفس التفاعل الكيميائي - الكهربائي الذي أزال الجزيئات العضوية من مياه الصرف الصحي يمكن استخدامه أيضاً لترقية الخام الحيوي في درجة حرارة الغرفة وضغطها الجوي أيضاً.

هذا هو المكان الذي تدخل فيه عملية PNNL الجديدة. يمكن تغذية الخام الحيوي غير المكرر ومياه الصرف في النظام مباشرةً من تيار إخراج HTL أو أية نفايات رطبة أخرى. تتكون عملية PNNL مما يسمى خلية التدفق حيث تتدفق مياه الصرف الصحي والخام الحيوي عبر الخلية وتواجه بيئة مشحونة ناتجة عن تيار كهربائي. الخلية نفسها مقسمة إلى نصفين بواسطة غشاء.

يحتوي النصف موجب الشحنة، المسمى الأنود، على رقائق تيتانيوم رقيقة مغطاة بجسيمات نانوية من أكسيد الروثينيوم. هنا يخضع تيار النفايات لعملية تحويل تحفيزي، مع تحويل الخام الحيوي إلى زيوت مفيدة وبرافين. في نفس الوقت، تخضع الملوثات القابلة للذوبان في الماء مثل الأكسجين والمركبات المحتوية على النيتروجين، لتحويل كيميائي يحولها إلى غازات النيتروجين والأكسجين - وهي مكونات طبيعية للغلاف الجوي. يمكن إعادة المياه العادمة التي تخرج من النظام بعد إزالة الملوثات مرة أخرى في عملية الإسالة الحرارية المائية HTL.

على النصف السالب الشحنة لخلية التدفق المسمى الكاثود، يحدث تفاعل مختلف يمكن أن يهدرج الجزيئات العضوية (مثل تلك الموجودة في الخام الحيوي المعالج) أو يولد غاز الهيدروجين - وهو مصدر طاقة ناشئ يراه مطورو خلايا التدفق على أنه مصدر محتمل للوقود.

قال لوبيز رويز: نرى منتج الهيدروجين الثانوي الناتج عن العملية على أنه قيمة مضافة صافية زائدة. عند جمعه وإدخاله في النظام كوقود، يمكن أن يحافظ على تشغيل النظام بمدخلات طاقة أقل، ما يجعله أكثر اقتصادية وحيادية من ناحية استخدام المزيد من الكربون للحصول على الطاقة في عمليات تحويل الكتلة الحيوية الحالية.

التحويل الكيميائي

قال لوبيز رويز: لقد أجرينا مقارنة بين المعدلات - وهي السرعة التي يمكننا بها إزالة الأكسجين من الجزيئات العضوية بنظامنا بدلاً من الإزالة الحرارية كثيفة الطاقة. لقد حصلنا على معدلات تحويل أعلى بأكثر من 100 مرة باستخدام النظام الكهروكيميائي في الظروف الجوية مقارنة بالنظام الحراري في ضغوط ودرجات حرارة الهيدروجين الوسيطة.

أحد العيوب المهمة للعديد من التقنيات التجارية في تصنيع الوقود الحيوي هو اعتمادها على معادن الأرض النادرة، والتي يشار إليها أحياناً باسم معادن مجموعة البلاتين. تعتمد سلسلة التوريد العالمية لهذه العناصر بشكل أساسي على تقنيات الاستخراج القديمة التي تستهلك الكثير من الطاقة، وتستخدم كميات هائلة من المياه وتولد نفايات خطرة. وفقاً لوزارة الطاقة، التي جعلت الإمداد المحلي أولوية قصوى، تمثل الواردات 100 % من إمدادات الولايات المتحدة لـ 14 من 35 مادة مهمة وأكثر من نصف 17 مادة أخرى.

يعالج النظام هذه المشكلة من خلال دمج طريقة فريدة لإيداع الجسيمات النانوية للمعادن المسؤولة عن التحويل الكيميائي. هذه الجسيمات لها مساحة سطح كبيرة، مما يتطلب معادن أقل للقيام بعملها. قال لوبيز رويز: وجدنا أن استخدام الجسيمات النانوية المعدنية بدلاً من الأغشية المعدنية الرقيقة والرقائق يقلل من محتوى المعدن ويحسن الأداء الكهروكيميائي.

يتطلب المحفز الجديد معدناً ثميناً أقل 1000 مرة مما هو مطلوب عادة لعمليات مماثلة وهو الروثينيوم في هذه الحالة. على وجه التحديد، يستخدم مفاعل التدفق على نطاق المختبر قطباً كهربائياً يحتوي حوالي 5 إلى 15 ملليغرام من الروثينيوم، مقارنة بحوالي 10 غرام من البلاتين لمفاعل مماثل.

أظهر فريق البحث أيضاً أن عملية PNNL يمكنها التعامل مع معالجة مركبات الكربون الصغيرة القابلة للذوبان في الماء، نقصد المنتجات الثانوية الموجودة في تيار النفايات المائية لعمليات HTL الحالية - بالإضافة إلى العديد من العمليات الصناعية الأخرى. هناك حوالي عشرة من هذه المركبات الكربونية الصغيرة التي يصعب معالجتها بشدة في مجاري المياه العادمة بتركيزات منخفضة. حتى الآن لم تكن هناك تقنية فعالة من حيث التكلفة للتعامل معها. تخضع مركبات الكربون قصيرة السلسلة هذه، مثل حمض البروبانويك وحمض البوتانويك، للتحول إلى أنواع الوقود، مثل الإيثان والبروبان والهكسان، أثناء العملية المطورة حديثاً.

أظهر تحليل أولي للتكلفة أن تكلفة الكهرباء المطلوبة لتشغيل النظام يمكن تعويضها بالكامل عن طريق تشغيل العملية بجهد منخفض، باستخدام البروبان أو البوتان لتوليد الحرارة وبيع الهيدروجين الزائد المتولد.

التكنولوجيا، التي يطلق عليها المعالجة الكهروكيميائية المستدامة النظيفة - أو CleanSET، متاحة للترخيص من قبل الشركات أو البلديات الأخرى المهتمة بتطويرها للاستخدامات الخاصة بالصناعة في محطات معالجة مياه الصرف الصحي البلدية، ومزارع الألبان، ومصانع الجعة، ومصانع المواد الكيميائية، ومنتجي الأغذية والمشروبات.

----

بقلم: كارين هايدي

ترجمة عن موقع: Sci Tech Daily