كان فقدان السمع الناجم عن الشيخوخة والضوضاء وبعض أدوية علاج السرطان والمضادات الحيوية، أمراً لا رجعة فيه، لأن العلماء لم يتمكنوا حتى الآن من إعادة برمجة الخلايا الموجودة لتتطور إلى الخلايا الحسية الخارجية والداخلية - الضرورية للسمع - بمجرد موتها.

قام المعهد الوطني للصمم واضطرابات التواصل الأخرى (NIDCD) بتمويل دراستين حديثتين في محاولات للتغلب على هذه المشكلة. تقدم هذه المادة أهم النتائج التي وصلت إليها كلا الدراستين:

وفقاً للدراسة التي أجراها فريق جامعة نورث ويسترن، اكتشف العلماء جيناً رئيسياً واحداً يبرمج خلايا شعر الأذن إلى خلايا خارجية أو داخلية، متغلباً على عقبة رئيسية حالت دون تطور هذه الخلايا لاستعادة السمع. وفقاً لبحث جديد نُشر بتاريخ (4 مايو 2022) ) في مجلة Nature.

عمل الأذن

يقول الباحثون: "لقد تغلبنا على عقبة رئيسية" لاستعادة السمع. قال مؤلف الدراسة الرئيسي جيمي غارسيا أنوفيروس الدكتور وأستاذ التخدير وعلم الأعصاب في قسم طب الأعصاب: اكتشافنا يعطينا أول تبديل خلوي واضح لصنع نوع واحد مقابل الآخر. سيوفر أداة لم تكن متوفرة سابقاً لإنشاء خلية شعر داخلية أو خارجية. لقد تغلبنا على عقبة رئيسية.

يعاني حوالي 8.5 في المئة من البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 55 و64 عاماً في الولايات المتحدة من ضعف السمع المعوق. يرتفع هذا إلى ما يقرب من 25 في المئة ممن تتراوح أعمارهم بين 65 و74 عاماً و50 بالمئة ممن يبلغون 75 عاماً أو أكثر، وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض (CDC).

حالياً يمكن للعلماء إنتاج خلية شعر اصطناعية، لكنها لا تتمايز إلى خلية داخلية أو خارجية، حيث توفر كل واحدة منها وظائف أساسية مختلفة لإنتاج السمع. هذا الاكتشاف هو خطوة رئيسية نحو تطوير هذه الخلايا المحددة. "إنها مثل رقصة الباليه" حيث تنحني الخلايا وتقفز.

غالباً ما يكون موت خلايا الشعر الخارجية التي تصنعها القوقعة هو سبب الصمم وفقدان السمع. تتطور الخلايا في الجنين ولا تتكاثر. تتمدد خلايا الشعر الخارجية وتتقلص استجابة للضغط من الموجات الصوتية وتضخم الصوت وترسله إلى خلايا الشعر الداخلية. تنقل الخلايا الداخلية تلك الاهتزازات إلى الخلايا العصبية التي ترسلها بدورها إلى الدماغ الذي يقوم بتفسير تلك الاهتزازات وتحويلها إلى الأصوات التي نسمعها.

قال غارسيا أنوفيروس برهبة وهو يصف الحركة المتسقة للخلايا الداخلية والخارجية: "إنها مثل رقص الباليه". بعض هذه الشعيرات تنحني القرفصاء وبعضها يقفز ثم يرفع الجزء الداخلي الاهتزازات أكثر نحو الأذن الداخلية. الأذن عضو جميل. لا يوجد عضو آخر في الثدييات حيث يتم وضع الخلايا بدقة. (أعني، بدقة ميكرومتر). وخلاف هذه الآلية الدقيقة لا يحدث السمع.

اكتشف علماء جامعة نورث وسترن لقسم الجينات أن الجين الرئيسي المسؤول عن تشكل خلايا شعر الأذن هو TBX2. عندما يتم التعبير عن هذا الجين، تصبح الخلية خلية شعر داخلية. أما عندما يتم حظر الجين، تصبح عندها هذه الخلية خلية شعر خارجية. قال غارسيا أنوفيروس إن القدرة على إنتاج إحدى هذه الخلايا ستتطلب مزيجاً جينياً. هناك حاجة إلى جينات ATOH1 وGF1 لصنع خلية شعر قوقعة من خلية غير شعرية. ثم يتم تشغيل أو إيقاف تشغيل TBX2 لإنتاج الخلية الداخلية أو الخارجية المطلوبة.

سيكون الهدف هو إعادة برمجة الخلايا الداعمة، والتي يتم ربطها بين خلايا الشعر وتزويدها بالدعم الهيكلي، في خلايا الشعر الخارجية أو الداخلية.

قال غارسيا أنوفيروس: يمكننا الآن معرفة كيفية صنع خلايا شعر داخلية أو خارجية وتحديد سبب كون هذه الأخيرة أكثر عرضة للموت والصمم. وأكد أن هذا البحث لا يزال في المرحلة التجريبية.

الدراسة الثانية التي قامت بها جامعة ميريلاند ركزت أبحاثها حول إن اكتشاف البروتين المسؤول عن هذه العملية حيث أن اكتشافه قد يؤدي إلى تطوير خلايا شعر سمعية جديدة وعلاج فقدان السمع.

وبحثاً عن هذا البروتين أجرى الباحثون في كلية الطب بجامعة ميريلاند دراسة حددت الدور المهم الذي يلعبه البروتين في نمو خلايا الشعر. هذه الخلايا الشعرية ضرورية للسمع؛ حيث تقوم بعض هذه الخلايا بتضخيم الأصوات التي تصل إلى الأذن، والبعض الآخر يحول الموجات الصوتية إلى إشارات كهربائية تنتقل إلى الدماغ.

يعتمد السمع على الأداء السليم لخلايا متخصصة داخل الأذن الداخلية تسمى خلايا الشعر. عندما لا تتطور خلايا الشعر بشكل صحيح أو تتضرر بسبب الضغوط البيئية مثل الضوضاء العالية، يؤدي ذلك إلى فقدان وظيفة السمع.

ركز الباحثون على وصف خطوات النمو التي تؤدي إلى تشكل خلية شعر وظيفية وذلك من أجل توليد خلايا شعر جديدة عند تلف الخلايا القديمة.

لإجراء دراستهم الأخيرة، استخدم فريق البحث طرقاً متطورة لدراسة التعبير الجيني في خلايا الشعر لفئران حديثة الولادة معدلة وراثياً والتي لم تنتج بروتين GFI1. لقد أثبتوا أنه عند غياب هذا البروتين الحيوي فإن خلايا الشعر الجنينية قد فشلت في التقدم في نموها لتصبح خلايا بالغة تعمل بكامل طاقتها. في الواقع، أشارت الجينات التي تعبر عنها هذه الخلايا إلى أنه من المحتمل أن تتطور إلى خلايا تشبه الخلايا العصبية.

تشرح النتائج التي توصل إليها الباحثون سبب أهمية البروتين GFI1 لتمكين الخلايا الجنينية من التقدم إلى خلايا الشعر البالغة العاملة. توضح هذه البيانات أيضاً أهمية GFI1 في البروتوكولات التجريبية لتجديد خلايا الشعر من الخلايا الجذعية. يمكن استخدام طرق التجديد هذه للمرضى الذين عانوا من ضعف السمع بسبب العمر أو العوامل البيئية مثل التعرض للضوضاء الصاخبة.

اكتشف فريق البحث أن ضعف السمع الناتج عن طفرات في بروتين آخر يسمى POU4F3 يبدو أنه ناتج إلى حد كبير عن فقدان بروتين GFI1 في خلايا شعر الأذن. ومنذ ذلك الاكتشاف، تجري دراسات لاكتشاف دور GFI1 والبروتينات الأخرى في السمع. مجموعات بحثية أخرى في هذا المجال تختبر الآن هذه البروتينات لتحديد ما إذا كان يمكن استخدامها كـ "كوكتيل" لتجديد خلايا الشعر المفقودة واستعادة السمع.

يقول أحد الباحثين المشاركين في هذه الورقة البحثية: لقد مرت أبحاث السمع بفترة نهضة، ليس فقط من حيث التقدم في علم الجينوم والمنهجية، ولكن أيضاً بفضل طبيعتها التعاونية الفريدة بين الباحثين. وهذا ما تؤكده هذه المادة التي تمثل خلاصة أبحاث أجرتها جامعتان مختلفتان وفريقا بحث مختلفين وتبادلا النتائج والمعلومات والإحصائيات والبيانات طيلة فترة الاختبارات.

قال إي ألبرت ريس أستاذ وعميد كلية الطب بجامعة ميريلاند: قد يكون تحديد المسارات المعقدة التي تؤدي إلى السمع الطبيعي، هو المفتاح لعكس فقدان السمع لدى ملايين الأشخاص الذين يعانون من هذه المشكلة.

----

ترجمة عن موقع: Sci Tech Daily