درس الرسم على يد الرسام الفرنسي "دوفال"، وشارك منذ وصول "جان سوفاجيه" إلى دمشق عام 1923 في دراسة الأبنية الأثرية والفن الإسلامي في بلاد الشام، وعمل مدرساً للفنون في دار المعلمين، وأستاذاً لتاريخ الفن الإسلامي في كلية الفنون الجميلة، ومفتشاً للآثار في المتحف الوطني بدمشق.

جمع بين الفن والبحوث العلمية والأثرية، فغلبت الواقعية التسجيلية على أعماله، فبريشته وثق المكان بأدق التفاصيل، وبعدسته وثق مدينة دمشق فوتوغرافياً، فقدم رؤية فنية خاصة لتوثيق التراث المعماري الذي عكس النقوش والزخارف التي زينت بها البيوت الدمشقية في تلك الفترة من الزمن، بالإضافة إلى الأزياء الشعبية والصناعات والحرف اليدوية التي جسدت هويتنا التراثية، ما جعل لوحته التشكيلية والفوتوغرافية في أيامنا هذه وثيقة مهمة عكست مرحلة تاريخية لفترة ما من تراثنا السوري، ويعتبر أرشيفه مرجعاً لا غنى عنه لكل من يهتم بالحضارة العربية في سورية.

هو خالد عبد الرزاق معاذ. ولد في دمشق بعام 1904م، وتوفي عام 1989 م. درس في مدرسة التجهيز بدمشق (مكتب عنبر) وفي إنطاكية وحلب، وانتسب إلى المعهد الفرنسي للآثار والفنون الإسلامية التابعة لجامعة السوربون بباريس الذي تأسس في قصر العظم عام 1922.

درس الرسم على يد الرسام الفرنسي "دوفال"، وشارك منذ وصول "جان سوفاجيه" إلى دمشق عام 1923 في دراسة الأبنية الأثرية والفن الإسلامي في بلاد الشام، وعمل مدرساً للفنون في دار المعلمين، وأستاذاً لتاريخ الفن الإسلامي في كلية الفنون الجميلة، ومفتشاً للآثار في المتحف الوطني بدمشق.

هو من مؤسسي الجمعية السورية للفنون الجميلة التي كانت الدعوة الأولى لتأسيسها من منزله، واختير عضواً في الهيئة الدولية لحماية الآثار في مدينة دمشق القديمة، وشارك "عبد الوهاب أبو السعود" بمعرض في القصر لرسوم القيشاني الدمشقي. في العام التالي وصل إلى دمشق جان سوفاجيه الباحث المستشرق الذي ترك مؤلفات هامة عن الفن الإسلامي والآثار السورية، فشاركه خالد معاذ في دراسة الأبنية الأثرية والفن الإسلامي في بلاد الشام، وبالأخص دمشق.

نشر أول بحث له عام 1929 عن تربة (ابن المقدم)، وفي عام 1936عمل معاذ في مصلحة تنظيم المدن، إلا أنه ترك الوظيفة بعد ذلك نتيجة خلافه مع ميشيل إيكوشار حول تخطيط مدينة دمشق، فافتتح مشغلاً لصناعة الأثاث من تصميمه وبزخارف عربية تحت اسم الفن الإسلامي عام 1938، وذلك لتقديم تطبيقات عملية بنماذج جديدة على الزخارف الإسلامية، فقد جسد الروح الدمشقية بتصاميمه بما يتوافق مع متطلبات الحياة، كما عمل كمرمم في المتحف الوطني وشارك في وضع بوابة قصر الحير الغربي على بوابة متحف دمشق الوطني، في عام 1944 عين خبيراً في مديرية الآثار ثم أصبح مفتشاً عاماً للآثار عام 1950، وفي نفس العام نشر مع د. سليم عادل عبد الحق كتاباً تحت عنوان (مشاهد دمشق الأثرية) ضم مخططاً مفصلاً لمدينة دمشق.

ألف خالد معاذ العديد من المصنفات الفنية في تاريخ الفن الأموي والعباسي والفنون الحرفية وفهارس بأسماء الملابس والخط والخطاطين. اهتم بدراسة الخط العربي في المساجد وشواهد المدافن، ونشر كتاباً مع "سولانج أوري" عن الكتابات العربية على شواهد القبور في مقبرة الباب الصغير عام 1977. وأتم الخريطة الأثرية والتاريخية لمدينة دمشق التي تعتبر الأولى من نوعها، شارك بالعديد من المعارض.

نذر حياته للبحث النظري والعلمي في التراث، حيث أعد خريطة علمية وأثرية لدمشق وأمضى سنوات طويلة يجمع المعلومات ويتفقد الأمكنة، وتعتبر الأولى من نوعها، كما تميز بأسلوبه التسجيلي حيث وثق المعالم التاريخية، والمشاهد الحياتية اليومية، والأحياء الشعبية وما فيها من زخارف ونقوش، وما يحتويه ريفنا من معالم وأزياء. كما ربط بين الفن والتراث الشعبي، وما خلفه القدماء من تراث معماري وصناعات يدوية وزخارف مختلفة وحاجات ولباس شعبي، لذلك غلبت الواقعية التسجيلية على رؤيته، فرسم بريشته الأوابد التاريخية والأحياء الشعبية، وكانت صياغته الفنية برؤيته للبحوث الأثرية والتاريخية تسجل أدق التفاصيل سواءً بالقلم أو الحبر الصيني أو بالألوان المائية والزيتية.

عمل على توثيق دمشق فوتوغرافياً. ويعد الأرشيف الفوتوغرافي والتشكيلي الذي تركه من أهم الوثائق التاريخية التي سجلت الحياة اليومية بدمشق في فترة حياته، كما اهتم بدراسة الخط العربي في المساجد وشواهد المدافن. وله كتاب صادر عن المعهد الفرنسي للآثار عن شواهد القبور في مدفن الباب الصغير بدمشق، وكتاب "مشاهد دمشق الأثرية"، وكتاب "صور من الوطن الخالد"، و"دمشق أيام الغزالي"، و"دمشق أيام ابن عساكر"، "الكتابات العربية بدمشق"، كما ألف العديد من المصنفات الفنية في تاريخ الفن الأموي والعباسي والفنون الزخرفية، وفهارس بأسماء الملابس والخط والخطاطين، كما افتتح مشغلاً باسم "الفن الإسلامي"؛ لتقديم تطبيقات عملية عن الزخارف الإسلامية. نال العديد من الجوائز على أعماله الفنية من وزارة الثقافة، وقُلد وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى لجهوده المبذولة في توثيق التراث السوري بتفاصيله الدقيقة.

حتى إن الكاتب والباحث الفرنسي "أندريه ريمون" قال عن مجموعة خالد معاذ الفنية والعلمية إنها تُمثل ذخائر لا غنى عنها لكل من يهتم بالحضارة العربية في سورية.

----

المراجع

[1] الموسوعة الموجزة /245/ الموقف الأدبي. عدد خاص لشهري أيلول وتشرين الأول عام 1976.

[2] مجلة الفنانين التشكيليين العرب بتاريخ 27/2/2017.

[3] الموسوعة الموجزة 2/192، السجل الذهبي للعظماء 173.

[4] مشاهد دمشق الأثرية. المؤلف سليم عادل عبد الحق 27 تشرين الأول، مطبعة الترقي بدمشق 1950.