يقول تقرير صادر عن معهد سياسات الطاقة بجامعة شيكاغو إن تلوث الهواء الحالي ينقص ما يزيد على العامين من متوسط عمر الفرد المتوقع العالمي – وهو بذلك يتفوق بنسبة الأذى الذي يلحقه بالبشر على السجائر والكحول والصراعات. ووجد التقرير أن تلوث الهواء بالجسيمات الملوثة – والتي هي مزيج من الملوثات مثل الدخان والأبخرة والغبار - ظل مرتفعاً، حتى مع إبطاء جائحة فيروس كورونا للاقتصاد العالمي والوصول إلى سماء زرقاء في بعض المناطق الأكثر تلوثاً في العالم.

لقد زادت الأدلة على المخاطر الصحية المرتبطة بالتلوث في وقت لا يبدي قادة العالم الكثير من الاهتمام لمعالجة المشكلة بالإلحاح والسرعة التي تستحقه.

قال مايكل جرينستون، مدير معهد سياسة الطاقة في شيكاغو، في بيان صحفي له: "ستعلن حالة طوارئ في العالم في حال وصل المريخيون إلى كوكب الأرض ورشوا مادة تسببت في خسارة الشخص العادي على الكوكب لأكثر من عامين من متوسط العمر المتوقع". وأضاف أن الوضع السائد في أجزاء كثيرة من العالم مشابه لذلك الآن، باستثناء أننا نحن من نرش هذه المادة، وليس غزاة من الفضاء الخارجي".

ينطوي تلوث الهواء على مخاطر كثيرة، منها التسبب بالإصابة بالسكتات الدماغية وأمراض القلب وسرطان الرئة وأمراض الجهاز التنفسي الأخرى، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية.

وبالمقارنة، فإن التدخين يخفض متوسط العمر المتوقع بنحو 1.9 سنة، بينما يؤدي الإدمان على شرب الكحول إلى تخفيض معدل عمر الفرد بمقدار ثمانية أشهر. في حين يؤدي تلوث المياه إلى انخفاض متوسط العمر المتوقع بمقدار سبعة أشهر، وفقاً لـلتقرير، بغض النظر عن الصراعات. وعلى عكس التدخين أو الكحول، فإن تلوث الهواء "يكاد يكون من المستحيل تجنبه.

بسبب المخاطر الصحية المتزايدة، قامت منظمة الصحة العالمية في العام الماضي، ولأول مرة منذ عام 2005، بتحديث إرشاداتها بشأن المستوى المقبول لتلوث الهواء الذي يجب أن يتنفسه البشر؛ حيث يعيش ما يقرب من 97 % من سكان العالم في أماكن يتجاوز فيها تلوث الهواء المستوى الموصى به. وتعتبر منطقة جنوب آسيا هي الأكثر تلوثاً في العالم، والمكان الذي يكون فيه تنفس الهواء أكثر فتكاً. ويأتي ارتفاع مستويات التلوث مع تطور المنطقة وزيادة عدد السكان، ما يؤدي إلى زيادة استخدام الوقود الأحفوري.

إذا استمرت مستويات تلوث الهواء الحالية على ما هي عليه، فمن المتوقع أن يفقد سكان جنوب آسيا حوالي خمس سنوات من متوسط عمرهم.

يعتبر أكثر من 97 % من وسط وغرب أفريقيا بها مستويات غير آمنة من التلوث وفقاً لمعايير منظمة الصحة العالمية. هذا بالمقارنة مع 92.8 في المائة من الولايات المتحدة و 95.5 % من أوروبا تتمتع بجودة هواء أسوأ من الموصى بها.

يقول التقرير إن الولايات المتحدة وأوروبا "نجحتا إلى حد كبير في تطبيق قواعد قوية لمواجهة التلوث"، لكن هناك حاجة إلى تجديد تركيز الحكومة على هذه القضية.

سيؤدي الحد من تلوث الهواء بشكل دائم للوفاء بمبادئ منظمة الصحة العالمية إلى إضافة 2.2 سنة إلى متوسط العمر المتوقع العالمي، ما يزيده من حوالي 72 إلى 74.2 عاماً. يقول التقرير إن سكان العالم سوف يكسبون 17 مليار سنة من العمر إجمالاً. ويستشهد الباحثون بالصين كمثال للدولة التي نجحت في تنظيف هوائها.

بعد أن سجلت الصين بعض أعلى مستويات التلوث في عام 2013، أعلنت حكومتها "حرباً ضد التلوث". وقد تم حظر إنشاء محطات طاقة جديدة تعمل بالفحم في مناطق معينة، وطلب من المحطات القائمة تخفيض الانبعاثات وفرض تقييد المدن الكبيرة لعدد السيارات على طرقها.

ساعدت هذه الإجراءات في تخفيض التلوث بالجسيمات في الصين بنحو 40 في المائة - على الرغم من استمرارها في تجاوز المستوى الموصى به من منظمة الصحة العالمية - وأضافت حوالي عامين إلى متوسط العمر المتوقع هناك.

قال جرينستون لصحيفة واشنطن بوست إنه يتوقع "زيادة متواضعة" في التلوث في السنوات المقبلة؛ حيث تضاعف المزيد من البلدان من الفحم وأنواع الوقود الأحفوري الأخرى استجابة لأزمة الطاقة العالمية.

وقال: "من بين أنواع الوقود الأحفوري، يعتبر الفحم البطل من حيث إنتاج تلوث الهواء بالجسيمات التي تجعل الناس يعيشون حياة غير صحية وقصيرة تترافق مع زيادة معدل تغير المناخ"؛ حيث يربط التقرير بين تلوث الهواء وتغير المناخ، لذا فإن معالجته يمكن أن تضرب عصفورين بحجر واحد.

كتب الباحثون: "يمكن للعمل على تخفيض الاعتماد على الوقود الأحفوري من جعل الناس يعيشون حياة صحية أطول مع التقليل من تكاليف تغير المناخ". لكنهم قالوا إن هذا يتطلب مزيداً من التمويل والإرادة السياسية. وقد جاء في مقدمة التقرير، أن أقل من 45 مليون دولار تنفقها جميع المنظمات الخيرية على تلوث الهواء كل عام على مستوى العالم، وهو ما يمثل 0.1 % من إجمالي المنح السنوية. وجاء أيضاً أنه "يمكن أن يكون للزيادة الصغيرة نسبياً في الدعم تأثيراً كبيراً، وملء الثغرات الأساسية في إدارة جودة الهواء مثل الوصول إلى بيانات مراقبة مستمرة وموثوقة لجودة الهواء".

----

ترجمة عن صحيفة واشنطن بوست