لم يعد البحث العلمي في جامعة دمشق مجرد وجهة نظر أو خطوة حُصرت مهامها في تشجيع نقل المعرفة الداخلية بين الباحثين والقطاعات الأخرى، إذ إن رفع تصنيف جامعة دمشق ضمن المعايير المعتمدة عالمياً يأتي في سلم أولويات الاهتمام بالبحث العلمي المقترن بتوسيع مجالات النشر الدولي وربط المعرفة عالمياً من خلال التوجه إلى النشر الخارجي في المجلات التي ترفع التصنيف وتدعم الباحثين.

إن التصنيفات الدورية للجامعات تعطي الأفضلية للمزايا التي تتمتع بها أفضل 200 جامعة، والعديد منها، وتعد جامعة دمشق من أفضل الجامعات السورية في التصنيف العالمي وفقاً للدكتور فراس حناوي نائب رئيس الجامعة لشؤون البحث العلمي، موضحاً أن الجامعة تحرص على ترسيخ ثقافة البحث العلمي ريادياً وإبداعياً، وتعزيز قيمته عند الأساتذة والطلاب على حد سواء، والارتقاء بالمجلات العلمية بما يتوافق مع المتطلبات العالمية في النشر الدولي.

نقلة نوعية

ويشير الحناوي إلى سلسلة من الإجراءات التي اتخذت لهذا الهدف خلال السنوات الأخيرة، ساهمت في إحداث نقلة نوعية في مسيرة البحث العلمي، تكللت بنشر أكثر من 457 بحثاً علمياً خارجياً خلال عام 2021 من خلال سياسة الحوافز وتقديم العديد من الجوائز للنشر العلمي في مجلات معامل التأثير. وأقر مجلس الجامعة مكافآت النشر الخارجي لطالب الدراسات العليا وفق قواعد معينة يستحق الناشر أن يحصل على 500 ألف وحتى 3 ملايين، وسيتم قريباً إقرار مشروع لتكريم الأساتذة الذين ينشرون الأبحاث أيضاً بنفس قيمة المبلغ. ويتم حالياً التحضير لافتتاح وحدة تمكين النشر الدولي بغية مساعدة الباحثين وطلاب الدراسات العليا على إعداد أبحاثهم وتأمين القدرة على النشر الخارجي.

د. فراس الحناوي

ولعل الدعم الذي توليه الجامعة للمشاريع البحثية التي يجريه الأساتذة والطلاب داخل الجامعة يبدو جلياً من إحداث مكتب لبراءات الاختراع لتسهيل وتطوير ثقافة الاختراع بالجامعة والقيام بمعارض ومؤتمرات خاصة ببراءات الاختراع والمشاريع البحثية، وكذلك الاحتفالية الخاصة بتكريم نخبة من الباحثين المتميزين في النشر الدولي من كليات ومعاهد الجامعة بمختلف الاختصاصات العلمية.

أرقام مفتاحية

الدكتور غيث ورقوزق مدير البحث العلمي بجامعة دمشق تحدث حول مديرية البحث العلمي التي تشكل نواة لتطوير مجالات العمل البحثية للوصول إلى مستوى عالٍ بالبحث في جميع القطاعات، بما تحمله من رسالة لدعم الأبحاث في الجامعة مادياً ولوجستياً، مبيناً أهمية ما تقوم به المديرية حالياً من التوسع في مهامها لكي تأخذ دورها في تطوير البحث العلمي بشكل أكبر ضمن ما تمتلكه من كادر إداري مؤلف من 12 موظف موزعين على ثلاث دوائر دائرة البحث العلمي واللجان الخاصة بها ودائرة الإبداع والاختراع ونشر التكنولوجيا، ودائرة النشر العلمي والمكتبات، مقدماً أرقام مفتاحية دالة على عملية تطوير البحث العلمي في جامعة دمشق لعام 2021 والتي تبدأ من وجود أكثر من 1400 عضو هيئة تدريسية، ووجود 909 بحثاً علمياً منجزاً في الدراسات العليا مقسمة إلى 663 ماجستير و264 دكتوراه وموزعة بحسب الكليات والاختصاصات، أما أعداد الأبحاث المسجلة للعام نفسه، فهي 1439 طالب ماجستير ودكتوراه، وقد تم تكريم 60 باحث في النشر الدولي لما قدموه من أبحاث متميزة.

مكتبة

وبين ورقوزق أن الجامعة تعمل على 43 ألف عنوان بـ 239 بلد في العالم تعطي المجال للنشر الخارجي، وهناك أكثر من 5 آلاف نشر إلكتروني، وهي المعادلة الفعالة التي يتم من خلالها عمليات التصنيف. ولفت إلى أن تصنيف نشرات الجامعة تم وفقاً للتصنيف الرابع في التصنيفات العالمية، وكان توزيع الخارطة البحثية جيداً، حيث يتم العمل حالياً على النشر الخارجي المتضمن المجلات العشر الأوائل عالمياً.

توزع الأهمية

لا يوجد بوصلة محددة لتحديد الأهمية، فهناك جوانب عديدة لتوزع أهمية النشر الخارجي؛ إذ قد يكون وفقاً لأهمية المجلة بحد ذاتها، ولهذا يبين مدير البحث العلمي بجامعة دمشق أنهم يعملون على توحيد عملية النشر الخارجي وتوجيهيها ضمن خطة استراتيجية، بحيث يرتفع تصنيف الجامعة تلقائياً بمجرد النشر في هذه المجالات. وقد يكون وفقاً لأهمية البحث بحد ذاته؛ إذ يوجد توزع مقبول بين 98% و67% والأبحاث التي تنشر باسم جامعة دمشق مهمة من حيث النوع، ولهذا فهناك خطة للقيام بورش عمل مستقبلية للاتفاق في استهداف الأبحاث الأكثر أهمية لدى المجلات التي ترفع التصنيف، وخاصة أنه لدينا 1400 طالب دراسات عليا، وفي حال أخذ نصف هذه الأبحاث نحو هذه المجلات، بالتأكيد سوف يرتفع التصنيف الجامعي.

أما أهمية النشر العلمي بالنسبة إلى الجامعة وخاصة الخارجي، فيقدم صورة حسنة واسماً مرموقاً للمؤسسة التعليمية؛ حيث توضع هذه الأبحاث العلمية ضمن إنجازات المؤسسة التعليمية، وهي في المستقبل مهمة لجني الربح من خلال الأبحاث التي تشارك في الجوائز العالمية، وهناك فائدة تعود على الطلاب الباحثين من خلال النشر العلمي في رفع المستوى الثقافي للباحث، وإمكانية تقدمه للبعثات الخارجية، وبالحصول على مكانة أعلى في العمل الوظيفي. وهو يساعد على تحويل أفكار الباحثين إلى مشاريع جديدة. إضافة إلى زرع وغرس الثقة بالنفس بشكل أكثر في حالة نشر أعمال الباحث العلمية في مجلات علمية محكمة باعتبارها لا تقبل أي بحث أو عمل علمي.

معايير

توجد ضوابط لعملية النشر العلمي، فهي إضافة لكونها تحقق للباحث ترقية تأهله للعمل بمراكز عالية، تعود بالفائدة على الباحث والمؤسسة التي تقوم بعملية النشر وعلى الجامعة. وبالتالي فإن الهدف والتوجهات المستقبلية للعملية البحثية وفقاً للدكتور غيث تأتي ضمن شقين وهما يتعلقان بالجامعة نفسها وما تقدمه لهذا الهدف كما هول حال الدواء الذي يصدر بتركيبته الأولى وتركيبته الثانية. فالجامعة تعمل اليوم على رفع قيمة الدعم المالي المقدم من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، وعلى رفع المكافآت للباحثين، وتوجيه الباحثين نحو المجلات ذات التصنيفات العالمية، حتى لا يذهب التعب دون نتائج مؤطرة. في حين لا يطلب من الباحثين في هذا التعاون إلا تشكيل مجموعات بحثية في الكليات والمعاهد وأن تكون مجموعات تطوعية لمساعدة بعضهم البعض وتطوير العمل البحثي.

أكثرها أهمية

تعتبر المجلات العلمية المحكمة من أكثر وسائل النشر التي تحظى بمنصب راقٍ وأكثر استخداماً للنشر العلمي، لأن هذه المجلات تكون تابعة لجهة علمية موثوقة، فالمجلات عبارة عن دوريات كبيرة تقوم بنشر الأبحاث العلمية والأعمال العلمية التي تستحق النشر في مثل هذه المجلات، وذلك من خلال تحكيم ما سيتم نشره من قبل لجنة التحكيم العلمية تضعها المجلات لهذا الاختصاص فقط وهي من تقرر من السماح للأبحاث والأعمال العلمية بالنشر أو رفضها، وذلك بناء على قواعد ومعايير توضع من قبل هذه المجلات، حيث يوجد مجلات علمية متخصصة في نشر نوع ما من مجلات متخصصة لنشر التقارير الطبية، مجلات متخصصة بنشر كل ما هو مندرج تحت تخصص الهندسة، ومجلات علمية تهتم بنشر كل ما يسمى بحثاً علمياً بعيداً عن أي تخصص.