باتجاه سدَّي الطبقة والفرات شمال سورية وعلى أطراف بحيرة الأسد والرستن وتلبيسة بريف حمص، كنتَ ترى العشرات من مربي النّحل يوزعون مناحلهم في الحقول الخضراء الكبيرة على مدِّ النّظر لليانسون وحبّة البركة، واختلف الوضع بعد الحرب وزادت التحديات أمام مربيه في مواجهة الأمراض.

بعد الحرب أصبحَ الشّمال السوري وخاصّةً على ضفاف السدود والبحيرات منه خارجَ دائرة الاهتمام الزراعي، ويستحيل وصول النّحالين إليه، بالإضافة إلى محافظة إدلب الخضراء والغوطة الشرقية بمحافظة ريف دمشق، فانحسرت تربية النحل رويداً رويداً حتى رُصِدَ أنه مهدداً بالانقراض.

تتجسد صعوبات تربيته بعدَ الحرب، وكما حدثنا أحد مربيه "غدير أبو ثمره" من محافظة "حمص": غياب الوقود وغلاءه -إن توّفر- لنقل النحل من منطقة إلى أخرى. فقبل الحرب كان المربي وبتكلفة لا تتعدى الخمسة آلاف ليرة سورية يستطيع نقله من حمص إلى حلب، والآن هو بحاجة إلى دفع ما يقارب الـ 500 إلى 700 ألف ليرة سورية، ومن جهةٍ أخرى فقدان أدوية النحل بنسبة 90 % بسبب الحصار الخارجي المطبق على سورية، فالأمراض فتكت بخلايا النحل المتوافرة حتى باتَ مهدداً بالانقراض.

خلايا نحل

وتحدث عن المداومة بتربيته وفقَ الظروف: ما نحتاجه كمربين هو حقول من صنفي اليانسون وحبة البركة على وجه الخصوص، ولهذا وجدَ بعض المزارعين أنهم قادرون على زراعتها والاهتمام بها وتلبية متطلباتها من سقاية كبيرة وسماد مربح لهم، فأنا أضع قسماً من نحلي في أحد حقول اليانسون ضمن مدينة حمص نفسها وفي أحد ضواحيها ذي المساحة الكبيرة وليس في الأرياف، عند أحد المزارعين، وبإيجار يُقدَّر لكل ثلاثة أسابيع مبلغ مئة وخمسون ألفاً ليرة سورية.

مواجهة الأمراض تقليدياً

مع نقص الأدوية الحاصل، استقدم المربون طرقاً تقليدية في العلاج وأضحت منهجاً معمماً على الجميع، وحدثنا "بسام جحواني" نحّال وعضو بجمعية نحّالين "حمص"، عن كيفية مواجهة أغلب الأمراض الشّائعة كالتالي:

_لمواجهة مرض الفاروا: لجأ المربي لتطبيق عدّة زيوت عطرية بشكلٍ تقليديّ، أو المعالجة باستخدام نبات الثوم كمعقم للخلية وقاضٍ على المرض، وأثبتت الطريقتين فعالية جيّدة.

_ مرض النوزيما: تمت مقاومته باستخدام أعشاب طبيعية كنبتة الشّيح، التي يتم تطبيقها كخلطة ومداواة الخلية والنحل بها.

_مرض إسهال النحل: عند البحث بالتركيب الكيميائي لدواء إسهال النحل والذي كان متوافراً قبلَ الحرب وُجدَ أنّه مطابق بنسبة 70% للتركيب الكيميائي لدواء إسهال الأطفال وهو متوافر وله بدائل، لذا استخدمه المربي مع تمديد تركيزه بالماء.

_التعفن الحضني: كانَ له دواء كيميائي وفُقِد، فلجأ المربي إلى استمرارية مراقبة خلايا النحل، وفور ملاحظة ظهور المرض يحرق (البرواظ) الذي به هذا المرض للمحافظة على سلامة باقي (براويظ) الخلية.

أنواع سلالات النّحل

1_النحل الأصفر: السلالات الإيطالية والسّورية والأردنية والقبرصية.

2_النحل السّنجابي: تتبعه السلالات الكرنيوليّة والوادي الجديد المصري والقوقازي.

3_النّحل الأسود: الهولندي والألماني.[1]

العوامل التي تؤثر في وضع الملكة للبيض

-سلالة الملكة: كلما كانت الملكة من سلالة ممتازة، كانت أقدر على وضع البيض، فملكات النحل الكرنيولي والقوقازي والإيطالي تتفوق على ملكات السلالات الأخرى.

-عمر الملكة: مع تقدم الملكة في السّنّ يقلّ وضعها للبيض.

-عدد الشغالات بالخلية: الشغالات هي التي تحضن البيض وتغذي اليرقات، فالملكة لا تضع بيضاً إلّا بمقدار ما يمكن أن تعتني به الشّغالات الموجودة في الخلية، فيقلّ وضع البيض كلما قلَّ عدد الشّغالات.

-قوة بناء جسم الملكة وسلامتها من الأمراض أساس لزيادة مقدرتها على وضع البيض.

-كمية الغذاء المتوفرة: كلما زادت كمية العسل وحبوب اللقاح بالخلية، زاد وضع الملكة للبيض، وقد تتوقف الملكة عن البيض عند انعدام حبوب اللقاح بالخلية.

-العوامل البيئية: يتوقف مقدار ما تضعه الملكة من البيض على درجة الحرارة والرطوبة التي تختلف باختلاف فصول السنة، فتنشط الملكة في الربيع وتضع كميات كبيرة من البيض، ويقل البيض عند ارتفاع درجة الحرارة عن معدلها، بينما تتوقف عن البيض في الشتاء البارد.

-تمتنع الملكات عن البيض عند حدوث التطريد الطبيعي.[2]

ما هي الشّغالات؟

أصغر الأفراد حجماً وتكون العدد الأكبر في الطائفة، ويصل عدد الشّغالات في الطائفة القوية إلى 60 ألفاً، وقد يزيد عن ذلك في السلالات الممتازة ذات الملكات البياضة.

هي إناث عقيمة ولكن تضع بيضاً أحياناً في غياب الملكة وتسمى بالأمهات الكاذبة، ويقسم العمل بين شغالات الطائفة وفق نظام دقيق، يضمن لكل واحدة منها عملاً حسب عمرها، ويتوقف قصر أو طول العمر إلى ما تبذله من جهد وما تقوم به من عمل.

فالشغالات التي تظهر في الربيع والصيف تبذل مجهوداً كبيراً، لذا لا تعيش أكثر من 4-6 أسابيع، أما التي تظهر في نهاية الخريف فتعيش لعدة شهور لقلة جهدها في الشتاء. تقوم بجمع الرحيق وحبوب اللّقاح، كما تقوم بجمع اليروبوليس من براعم الأشجار لاستخدامه في سدّ الشّقوق وصقل العيون السّداسية قبل وضع الملكات البيض فيها. كما أنّها تقوم بجمع الماء لتجفيف العسل وتغذية اليرقات وتبريد الجوّ داخل الخليّة.[3]

----

المراجع

[1] النحل، إعداد قسم وقاية النبات والحجر الزراعي، الهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية، 1986.

[2] المرجع السابق.

[3] المرجع السابق.