زادت السمنة في العالم بأكثر من الضعف منذ عام 1980. في عام 2014 كان أكثر من 1.9 مليار بالغ، من سن 18 عاماً فأكثر، زائدي الوزن. وكان أكثر من 600 مليون شخص منهم مصابين بالسمنة. في عام 2014 كان 39% من البالغين في سن 18 عاماً فأكثر زائدي الوزن، وكان 13% منهم مصابين بالسمنة.

تعيش غالبية سكان العالم في بلدان تفتك فيها زيادة الوزن والسمنة بعدد من الأرواح، أكبر مما يفتك بها نقص الوزن.

يعرَّف الوزن الزائد والسمنة بأنهما تراكم غير طبيعي أو مفرط للدهون قد يلحق الضرر بالصحة. ومنسوب كتلة الجسم هو مؤشر بسيط لقياس الوزن إلى الطول يشيع استخدامه لتصنيف الوزن الزائد والسمنة لدى البالغين. وهو يُعرَّف بأنه وزن الشخص بالكيلوغرام مقسوماً على مربع طوله بالمتر (كغ/ متر2).

خلايا بنية

السمنة مشكلة يمكن الوقاية منها. وفي محاولات للبحث عن حلول جذرية لمشكلة السمنة عند المرضى الذين لا تجدي معهم الطرق التقليدية في إنقاص الوزن، عمل الباحثون في جامعة بون على إنجاز بحثهم هذا مستندين إلى أبحاث ودراسات سابقة في هذا المجال. واكتشف الباحثون جزيئاً جديداً يرسل إشارات معينة تجبر الخلايا الدهنية ذات اللون البني على استهلاك المزيد من الطاقة. نشرت هذه الدراسة في مجلة Nature.

نعلم أن إن BAT المعروفة أيضاً باسم الدهون البنية تساعد الجسم على حرق الدهون العادية، ويتم تنشيطها عن طريق البرد. عادةً ما تخزن الخلايا الدهنية الطاقة. ومع ذلك يتم فقدان الطاقة كحرارة في الخلايا الدهنية البنية، مما يجعل الدهون البنية بمثابة سخان بيولوجي. هذه الآلية موجودة عند معظم الثدييات. عند البشر تحافظ الدهون البنية على الدفء عند الأطفال، وعند البالغين يرتبط تنشيط الدهون البنية بشكل إيجابي بصحة القلب وعمليات الأيض.

يوضح البروفيسور الدكتور ألكسندر بفايفر من معهد علم الأدوية والسموم بجامعة بون قائلاً: في الوقت الحاضر، نحن نشعر بالدفء الكافي حتى في فصل الشتاء. لذلك لم تعد هناك حاجة إلى أفران أجسامنا بعد الآن.

نحن نتحرك أيضاً أقل بكثير مما كان عليه الحال مع أسلافنا أثناء تناول نظام غذائي يزود أجسامنا بطاقة كثيفة. تتسبب هذه العوامل في تسمم الخلايا الدهنية البنية: تتوقف تدريجياً عن العمل بالكامل وتموت. من ناحية أخرى فإن عدد الأفراد الذين يعانون من زيادة الوزن في العالم مستمر في الارتفاع كما بينت الإحصاءات أعلاه. يقول بفايفر: تبحث المجموعات البحثية حول العالم عن مواد تحفز الدهون البنية، وبالتالي تزيد من حرق الدهون.

وجدت الدراسة أن الخلايا الدهنية المحتضرة تزيد من احتراق الطاقة لدى جيرانها. وبالتعاون مع مجموعة من الزملاء، فقد حدد فريق جامعة بون الآن جزيئاً رئيسياً يسمى إينوزين قادراً على حرق الدهون.

"من المعروف أن الخلايا المحتضرة تطلق مزيجاً من جزيئات الرسول التي تؤثر على وظيفة جيرانها" تشرح الدكتورة بيرت نيمان من فريق بحث الدكتور بفايفر. وبالتعاون مع زميلتها الدكتورة ساسكيا هوفس- بروسبيرج خططت وأجرت التجارب المركزية للدراسة. وعلقت شارحة: أردنا معرفة ما إذا كانت هذه الآلية موجودة أيضاً في الدهون البنية.

لذلك قام الباحثون بدراسة الخلايا الدهنية البنية المعرضة لضغط شديد، بحيث كانت الخلايا تموت فعلياً. تقول نيمان: وجدنا أنها تفرز إينوزين البيورين بكميات كبيرة.

ومع ذلك كان الأمر الأكثر إثارة للاهتمام هو الطريقة التي تفاعلت بها الخلايا الدهنية البنية السليمة مع الصرخة الجزيئية للمساعدة: حيث تم تنشيطها بواسطة إينوزين (أو ببساطة عن طريق الخلايا المحتضرة في جوارها). وهكذا قام إينوزين بتهوية الفرن بداخلها. وتحولت الخلايا الدهنية البيضاء أيضاً لتصبح مثل أشقائها الخلايا الدهنية البنية. وجدت الدراسة أن الفئران التي تم إعطاؤها نظاماً غذائياً عالي الطاقة وعلاج إينوزين في نفس الوقت بقيت أكثر نحولاً من الحيوانات الضابطة وكانت محمية من الإصابة بمرض السكري.

وجدت الدراسة أن ناقل الإينوزين يلعب دوراً مهماً في هذا السياق: ينقل هذا البروتين الموجود في غشاء الخلية الإينوزين إلى الخلية، مما يقلل من مستوياته خارج الخلية. وكنتيجة لذلك يفقد الإينوزين قدرته على تعزيز الاحتراق، مما يضعف أداء الإينوزين وقدرته على حرق الدهون.

تثبيط ناقل الإينوزين

يقول بفايفر وهو أيضاً عضو في مجالات البحث المتعددة التخصصات "الحياة والصحة" و"المستقبل المستدام" في جامعة بون: هناك دواء تم تطويره بالفعل لاضطرابات التخثر، ولكنه يمنع أيضاً ناقل الإينوزين ويثبط تأثيره على حارق الدهون المكتشف. لقد أعطينا هذا الدواء للفئران، ونتيجة لذلك قامت هذه الفئران بحرق المزيد من الطاقة. ويضيف: إن البشر لديهم أيضاً ناقل إينوزين. عند اثنين إلى أربعة في المائة من جميع الناس، يكون أقل نشاطاً بسبب الاختلاف الجيني. يوضح بفايفر: قام زملاؤنا في جامعة لايبزيغ بتحليل جيني لـ 900 فرد. هؤلاء الأشخاص الذين لديهم ناقل إينوزين أقل نشاطاً، كانوا أصغر حجماً بشكل ملحوظ في المتوسط.

تشير هذه النتائج إلى أن الإينوزين ينظم أيضاً توليد الحرارة في الخلايا الدهنية البشرية. لذلك يمكن أن تكون المواد التي تتداخل مع نشاط الناقل مناسبة لعلاج السمنة. يمكن أن يكون الدواء الذي تمت الموافقة عليه بالفعل لعلاج اضطرابات التخثر بمثابة نقطة انطلاق. يقول بفايفر: ومع ذلك هناك حاجة إلى مزيد من الدراسات على البشر لتوضيح الإمكانات الدوائية لهذه الآلية.

كما أنه لا يعتقد أن حبوب منع الحمل وحدها ستكون الحل لوباء السمنة المتفشي في العالم. حيث أكدت دراسات مختلفة دور هذه الحبوب في إنقاص الوزن. ويؤكد أن "العلاجات المتاحة ليست فعالة بما يكفي في الوقت الحالي". لذلك نحن بحاجة ماسة إلى الأدوية لإعادة توازن الطاقة لدى مرضى السمنة.

كما وصلت دراسة سابقة إلى أن الدهون البنية التي تحرق الطاقة بمساعدة جزيء الإينوزين المكتشف تكون أقل نشاطاً عند الأولاد المصابين بالسمنة – وقاد هذا الاكتشاف إلى الدراسة الحالية بحثاً عن علاجات جديدة لظاهرة السمنة المفرطة ولا سيما عند الأطفال.

يكمن الأمل الواعد في هذه الدراسة حسب ما يؤكد الباحثون: هو أنه إذا تمكنا من فهم أعمق لأفضل التقنيات المتاحة التي تلعب دوراً في عمل الخلايا الدهنية البنية تحت الضغط وكيفية محاكاة آثارها أو تحفيزها، فقد تقدم لنا علاجات جديدة لداء السمنة.

بالإضافة إلى مساعدة العائلات على تحسين التغذية والنشاط البدني والنوم، لدينا القليل من العلاجات لمساعدة الأطفال والمراهقين المصابين بالسمنة. هناك أدوية جديدة مستخدمة لدى بعض المراهقين تقلل الشهية. إن هذا البحث يحمل الأمل في تطوير فئة جديدة من الأدوية تزيد من كمية الطاقة التي تحرقها خلايا الـ BTA وتثبط عمل ناقل الإيموزين الذي يعيق آلية حرق الدهون ويمنعها.

وقد قدمت هذه الدراسة بالفعل أفكاراً تدعو للتفاؤل حول إمكانية تطوير أدوية جديدة اعتماداً على هذا الجزيء الجديد المكتشف للوصول إلى حلول لمشكلة السمنة المفرطة.

----

ترجمة عن موقع: Sci Tech Daily