تترافق شيخوخة الجلد عادة مع فقدان مظاهر الشباب، وتتميز بترهل الجلد وظهور التجاعيد وخاصة في الوجه والمناطق المكشوفة من الجلد. فالإنسان ليس قادراً على الهروب من الشيخوخة لكونها حقيقة من حقائق الحياة; الجميع سيواجهها عاجلاً أم آجلاً. إذ يرى الأطباء أن الشيخوخة الجوهرية هي العملية التي تحدث على مر السنين بغض النظر عن التأثيرات الخارجية.

بعد سن الثلاثين يبدأ الإنتاج الطبيعي من الكولاجين بالانخفاض السريع، وتصبح ألياف الإيلاستين أكثر سمكاً وأقل تنظيماً، ما يؤدي في نهاية المطاف إلى التجاعيد والترهل.

أمام هذه الحقيقة يتحدث أطباء التجميل عن أعمار مختلفة لأشخاص تبدأ لديهم شيخوخة الوجه، منهم ما قبل عمر الثلاثين عاماً؛ حيث تقل الرطوبة من الأدمة إلى البشرة نتيجة تباطؤ الخلايا الدهنية التي تبدأ في الانكماش مع بداية سن الأربعين عاماً بالتزامن مع نقص إنتاج الكولاجين. وبشكل تدرجي يتغير شكل الوجه ويقلب الهرم الوجهي رأساً على عقب وتكون الشيخوخة واضحة جداً على الجلد.

تجميل الوجه

في هذا الجانب هناك إجراءات طبية وعلاجية مختلفة تتعلق بمعالجة شيخوخة الوجه تحدث عنها الدكتور ثائر نصر الله أخصائي جراحة تجميلية وترميمية وأخصائي جراحة عامة، وعضو الرابطة السورية لجراحي التجميل، مبيناً أنه لا يمكن أن تأخذ الشيخوخة منحى واحد لدى جميع الناس، وهناك مفاتيح علاجية للتقليل من التجاعيد وشيخوخة الوجه. فمن باب التبويب العلمي والأكاديمي الخاص بشيخوخة الوجه، لا بد من التأكيد على التشخيص الصحيح للحالة والتوجيه نحو الإجراءات العلاجية المناسبة لتجنب الأخطاء وحدوث التشوهات في ظل الفوضى المتواجدة في عمليات التجميل ووجود أشخاص غير أخصائيين يمارسون هذه العمليات على المرضى بشكل غير صحيح.

مقاربات معرفية

من المهم التعرف كيف يشيخ الإنسان وأسباب هرم الوجه وما هي المقاربات العلاجية لكل الحالات، فقد تكون الإصلاحات متعددة لمشكلة واحدة موجودة في الوجه، وهناك إصلاح لبعض المشاكل التجميلية التي ليس لها علاقة بالشيخوخة والتي تكون في مرحلة الشباب، فليس فقط الكبار بالعمر يُقدمون على عمليات التجميل. وعليه يرى الدكتور ثائر أن التشخيص الصحيح للمشكلة هو الحجر الأساس في عملية التصحيح. وهناك قواعد أساسية لذلك تعتمد على اختيار أبسط إجراء، يعطي أعلى نتيجة، ويكون بأقل رض جراحي ممكن وأن يكون بأقل مدة استشفاء وأقل تكلفة على المربض. وهنا يجب أن يكون الطبيب عارفاً بتفاصيل شيخوخة الوجه وتشريح الوجه وأعصابه وترويته وكيف يمكن اختيار الإجراء العلمي المناسب.

وأوضح الدكتور ثائر أن الشيخوخة تبدأ من الخلايا وما تتعرض له من مشكلات وأثار بدءاً من النواة وصولاً إلى جدار الخلية والنسيج الخليوي، حيث نجد الكثير من النساء يذهبن إلى الصيدليات وأطباء التجميل بحثاً عن الكولاجين، وهن يقصدن بهذا إعادة الكولاجين الذي تفقده البشرة مع مرور الزمن. أما المؤشرات الأخرى المتعلقة بالشيخوخة فهي نقص الإفراز الدهني والعرقي ومشكلة نقص الترطيب مع مرور الوقت. وتراجع المستوى الشحمي وهو المستوى الثاني من طبقات الجلد؛ حيث ينقص الشحم في الوجه بشكل تدريجي مع تقدم العمر. فأي شخص عندما ينظر إلى صوره عندما كان في بداية الشباب يلاحظ أن وجهه كان مدوراً وممتلئاً في المنطقة الصدغية والخدود، ولكن أين ذهب هذا الشكل؟ إنه بسبب التراجع الشحمي الذي فقده الوجه مع الزمن وهذا ما يعمل أطباء التجميل على إصلاحه وتعويضه. تأتي بعد ذلك مشكلة الصفاق العضلي، وهي الطبقة التي تحت الشحم، ويكون ترهل صفاق العضلات ناتجاً عن فقد الكولاجين مع عوامل أخرى تؤدي لهبوط الوجه نحو الأسفل.

أسباب أخرى

هناك أسباب أخرى لهرم الوجه، ليس فقط التقدم بالسن هو الذي يؤدي إلى شيخوخة البشرة، فقد تجد شخصين من نفس العمر ويعيشان ظروفاً اجتماعية تقريباً متشابهة، ولكن من حيث الشكل نجد أن شخصاً يظهر أنه شاب أكثر من الشخص الآخر، فإن ذلك يعود للتعرض للشمس. فالأشخاص الذين يتعرضون كثيراً للشمس تبدأ لديهم الشيخوخة بشكل أسرع بسبب تأثير الأشعة فوق البنفسجية على كل الطبقات التي تم ذكرها وخصوصاً البشرة والأدمة. وعلى سبيل المثال، نلاحظ أن هناك شخصاً مسناً يسوق شاحنة ونرى أن شيخوخة الوجه لديه من الجانب اليساري أكبر منها في الجانب اليمينن وذلك أن الجهة اليسارية معرضة لأشعة الشمس طوال الوقتن فيكون هذا النصف من وجهه مجعداً أكثر من النصف الثاني.

والأمر الآخر وفقاً للدكتور نصر الله هي تأثيرات الجاذبية الأرضية؛ حيث يتعرض الإنسان بشكل يومي إلى ما يعادل 16 ساعة من الجاذبية التي تسحبه نحو الأسفل. هذا الأمر يعني أن هناك شداً للنسج كلها نحو الأسفل، فيكون تأثر ذلك على الشخص الذي يعمل لفترات طويلة خارج المنزل كبيراً، بينما يكون أقل بالنسبة إلى الشخص المرتاح وليس لديه تعب أو شقاء حيث يبدو أصغر سناً. إضافة إلى عوامل وتأثيرات بيئية متعلقة بالتلوث والأغذية والتدخين والأشعة تحت الحمراء التي تولد الجذور الحرة، والكحول ونقص النوم وطبيعة الطعام وغيرها من المؤثرات التي تجعل الشيخوخة متواجدة لدى أفراد من نفس العمر ولكن بنسب مختلفة وفقاً لعاداتهم في الطعام والشراب والنوم وغيرها.

شكل الوجه

مع أن الشيخوخة قدر حتمي، إلا أن هناك علاجات مثل الميزو ثيرابي والبي آر بي البلازما الغنية بالصفائح الدموية وجهاز الهايفو التي تعتبر مطلوبة لإعادة الوجه إلى مراحل معينة من الشباب. وبحسب الدكتور ثائر فإن للمواد المالئة عملاً كبيراً في تصحيح الهرم الشيخي، لأن الإنسان عندما يكون فتياً وشاباً، يكون وجهه على شكل هرمي قاعدته نحو الأعلى ورأسه نحو الأسفل، ولكن مع التقدم بالسن والتأثيرات البيئية والجاذبية، يدور الهرم ليصبح بالعكس، وتصبح القاعدة في الأسفل. وبالتالي تكون إجراءات إعادة الهرم الوجهي الشبابي بحسب الحالة التي يبدو عليها المريض فقد يكون بحاجة لإجراءات بسيطة تقلب الهرم مرة ثانية وقد يحتاج إلى جراحة صغرى. أما في حال كان المريض أكبر سناً فهناك إجراءات أكبر، وهنا تبدأ الحلول الجراحية مثل شد الجبهة والأجفان وشد العنق الجراحي وشد الوجه.

إجراءات غير جراحية

لا يوجد إجراء سحري أو إجراء واحد يصحح كل هذه المشكلات التي حدثت عبر الزمن، فقد يقدم إجراء واحدة خدمة مهمة، وقد يحتاج المريض إلى عدة إجراءات للحصول على نتيجة في منطقة واحدة في الوجه. وعليه يقدم الدكتور ثائر توضيحاً حول الإجراءات العملية والطبية التي تُتخذ بدء من معالجة الدرجات البسيطة؛ حيث تكون الحلول غير جراحية وغير معقدة وهي عبارة عن حق المواد المالئة لتعويض النسج الشحمية المفقودة، فيتم استخدام البوتكس الذي يخفف من التجاعيد في بعض المناطق، والبي آر بي للأدمة وهي بلاسما غنية بالصفيحات تحقن في الأدمة لتعويض الإيلاستين والكولاجين. ويبين أن كل منطقة من مناطق الوجه يمكن أن تكون هدفاً للمعالجة، فمن غير المنطق أن يأتي المريض ويطلب من الطبيب حقن البوتكس أو تسمين الوجه من دون أن يقوم الطبيب بتشخيص الحالة وتحديد العلاج المناسب.

تعابير الوجه

جميع الأشخاص يعرفون أن التجاعيد هي ناتجة عن التقدم في العمر فقط، ولكن وفقاً لدراسة الحالات فهناك تجاعيد حركية وتجاعيد سكون. يبين الدكتور نصر الله أن شخصاً يقوم بحركة تعبيرية معينة طوال حياته، فلا بد من حدوث تجاعيد مبكرة ناتجة عن هذا التعبير، وعندما يقوم بحركته التعبيرية تظهر التجاعيد بشكل أكبر، حيث يتطور الموضوع مع مرور الزمن وإهمال الحالة، ليصبح لدى المريض تجاعيد السكون. وفي هاتين الحالتين نجد أن العلاج بالبوتكس يأتي بنسب مختلفة، فالمريضة التي لديها تجاعيد الحركة تستفيد بنسبة 100% بينما المريضة التي لديها فقط تجاعيد السكون، فإن الفائدة تكون بين 60 و80%، وعليه وإجابة على السؤال الرئيسي الذي يطرحه الناس دائماً، في أي عمر يجب إجراء التجميل؟ يكون الجواب متعلقاً بالتشخيص وليس بالعمر، لأن البيئة وطبيعة العمل تلعب دوراً كبيراً في موضوع السن. فالذين يعملون بالزراعة وتحت الشمس تكون التجاعيد لديهم كبيرة، وهناك حالات تكون الترهلات أصبحت عميقة وراسخة، وبالتالي الإجراءات المتعلقة هنا بالبوتكس أو الميتوكسين هي علاجات ومضادات استطباب وليست تجميلاً.