أصبحت الأنابيب النانوية الكربونية من الأمور الشائعة في يومنا الحالي في مجال الأبحاث الطبية العالمية، حيث تركزت عليها الأبحاث العلمية في تخصصات توصيل الدواء، وطرق الاستشعار الحيوي لعلاج الأمراض وضبط الصحة. أظهرت الأنابيب النانوية الكربونية أنها تتمتع بالقدرة على تغيير وتحويل عملية توصيل الدواء وسبل الاستشعار الحيوي لما هو أحسن وأفضل من الوضع القائم في أيامنا الحالية، ومن ثم، فقد حازت الأنابيب النانوية الكربونية تركيز الاهتمام في مجالات الطب المختلفة.

إن استخدام الأنابيب النانوية الكربونية في مجال توصيل الدواء والاستشعار الحيوي يحمل القدرة على إحياء وانعاش الثورة الطبية مرةً أخرى. فقد أثبتت وظيفية الأنابيب النانوية الكربونية أحادية الجدار أنها قادرةٌ على زيادة المحلولية والسماح بالقدرة على استهداف الأورام أو توصيل الدواء بصورة كافية. كما أن الوظيفية تمنع الأنابيب النانوية الكربونية أحادية الجدار من أن تصبح مسممةً للخلايا أو تغير من وظيفة الخلايا المناعية.

ونلاحظ أن السرطان، وهو مجموعة من الأمراض التي تنمو فيها الخلايا بصورة غير منتظمة، كان واحداً من الأمراض التي تم تفحصها بمراعاة كيفية استجابتها لعملية توصيل الدواء من خلال استخدام الأنابيب النانوية الكربونية. في حين نلاحظ أنه في يومنا هذا، فإن علاجات السرطات تشتمل أساساً على الجراحة، العلاج الإشعاعي، والعلاج الكيماوي. إلا أنه يجب الوضع في الاعتبار أن تلك الطرق العلاجية تحمل في طياتها آلاماً كثيرةً، فهي مؤلمة للغاية، وتقتل العديد من الخلايا بالإضافة إلى إنتاج تأثيرات جانبية متعددة. ولحل هذه المشكلة عمل العلماء على تطوير تقنيات الأنابيب النانوية مع العمل باستمرار على تطوير دقتها وتحسين سماكتها. إلى أن تمكن فريق جامعة جونز هوبكنز من الوصول إلى مرادهم؛ حيث من المحتمل أن تنقل أصغر أنابيب السباكة في العالم الأدوية إلى خلايا بشرية فردية.

من خلال العمل على أنابيب مجهرية لا يزيد عرضها عن جزء من المليون من شعرة الإنسان، ابتكر باحثو جامعة جونز هوبكنز طريقة لحماية أصغر خطوط الأنابيب هذه من حتى أصغر التسريبات.

إن الأنابيب الخالية من التسرب المصنوعة من الأنابيب النانوية ذاتية التجميع والإصلاح والتي يمكن أن ترتبط بهياكل حيوية مختلفة تعد خطوة كبيرة نحو تطوير شبكة أنابيب نانوية قد تحمل يوماً ما الأدوية والبروتينات والجزيئات المتخصصة إلى خلايا محددة في جسم الإنسان. تم نشر القياسات عالية الدقة مؤخراً في مجلة Science Advances.

"تشير هذه الدراسة بقوة إلى أنه من الممكن بناء أنابيب نانوية لا تتسرب باستخدام هذه التقنيات السهلة للتجميع الذاتي، حيث نمزج الجزيئات في محلول ونتركها تشكل الهيكل الذي نريده" قالت ريبيكا شولمان، زميلة أستاذة في الهندسة الكيميائية والجزيئية الحيوية التي شاركت في قيادة البحث. "في حالتنا، يمكننا أيضاً ربط هذه الأنابيب بنقاط نهاية مختلفة لتشكيل شيء مثل شبكة السباكة".

استخدم العلماء أنابيب يبلغ طولها عدة ميكرونات، أو ما يقرب من حجم جزيء الغبار، ويبلغ قطرها سبعة نانومتر، أي حوالي مليوني مرة أصغر من النملة.

تعتمد هذه التقنية على تقنية سابقة موجودة تقوم بإعادة استخدام شظايا الحمض النووي لتكون بمثابة لبنات بناء لتنمو وتقوم بإصلاح الأنابيب مع السماح لها بالبحث عن هياكل معينة والاتصال بها.

تم إنشاء هياكل مماثلة في تجارب سابقة لإنشاء هياكل أصغر تُعرف باسم nanopores. تركز هذه التصميمات على قدرة المسام النانوية للحمض النووي على تنظيم نقل الجزيئات من خلال الأغشية الدهنية المزروعة في المختبر والتي تشبه أغشية الخلايا.

ومع ذلك، إذا كانت الأنابيب النانوية مثل الأنابيب التي نعرفها، فإن المسام النانوية تشبه تركيبات الأنابيب القصيرة التي لا يمكنها الوصول إلى الأنابيب أو الخزانات أو المعدات الأخرى بمفردها. لحل هذه الأنواع من المشكلات، يتخصص فريق شولمان في تقنية النانو المستوحاة من الأحياء.

قالت شولمان: إن بناء أنبوب طويل من المسام يمكن أن يسمح للجزيئات ليس فقط بعبور مسام الغشاء الذي يحمل الجزيئات داخل غرفة أو خلية، ولكن أيضاً لتوجيه هذه الجزيئات بعد مغادرة الخلية. لقد تمكنا من بناء أنابيب تمتد من مسام أطول بكثير من تلك التي تم بناؤها من قبل والتي يمكن أن تجعل نقل الجزيئات على طول "الطرق السريعة" للأنابيب النانوية أقرب إلى الواقع.

تتكون الأنابيب النانوية باستخدام خيوط الحمض النووي المنسوجة بين حلزونات مزدوجة مختلفة. تحتوي هياكلها على فجوات صغيرة مثل مصائد الأصابع الصينية. بسبب الأبعاد المتناهية في الصغر، لم يتمكن العلماء من اختبار ما إذا كانت هذه الأنابيب قادرة على نقل الجزيئات لمسافات أطول من دون تسريب أو ما إذا كانت الجزيئات يمكن أن تنزلق عبر فجوات جدارها.

قام يي لي وهو خريج دكتوراه من قسم الهندسة الكيميائية والجزيئية الحيوية بجامعة جونز هوبكنز والذي شارك في قيادة الدراسة، بتغطية نهايات الأنابيب بـ "سدادات" DNA خاصة، وقام بتشغيل محلول من جزيئات الفلورسنت من خلالها لتتبع معدلات التسرب والتدفق.

من خلال قياس شكل الأنابيب بدقة، وكيفية ارتباط جزيئاتها الحيوية بمسام نانو محدد، ومدى سرعة تدفق المحلول الفلوري، أوضح الفريق كيف تحرك الأنابيب الجزيئات إلى أكياس صغيرة مزروعة في المختبر تشبه غشاء الخلية. انزلقت الجزيئات المتوهجة من خلاله مثل شلال من الماء.

قال لي: الآن يمكننا أن نسمي هذا أكثر من نظام السباكة لأننا نوجه تدفق مواد أو جزيئات معينة عبر مسافات أطول بكثير باستخدام هذه القنوات. نحن قادرون على التحكم في وقت إيقاف هذا التدفق باستخدام بنية DNA أخرى ترتبط على وجه التحديد بتلك القنوات لإيقاف هذا النقل، والعمل كصمام أو سدادة.

يمكن للأنابيب النانوية للحمض النووي أن تساعد العلماء على اكتساب فهم أفضل لكيفية تفاعل الخلايا العصبية مع بعضها البعض. يمكن للباحثين أيضاً استخدامها لدراسة أمراض مثل السرطان ووظائف أكثر من 200 نوع من الخلايا في الجسم.

بعد ذلك، سيجري الفريق دراسات إضافية على الخلايا الاصطناعية والحقيقية، وكذلك مع أنواع مختلفة من الجزيئات.

----

ترجمة عن موقع: Live Science