هذا التطور الهائل، في رأي الباحثين، سيساعد في النهاية على إدراك الإمكانات الهائلة لخلايا وقود الهيدروجين بشكل كامل. توقف تسويق الوقود الصديق للبيئة لعقود من الزمن بسبب ارتفاع تكلفة البلاتين، ولكن تشير إحدى الدراسات إلى أن المحفز منخفض التكلفة قد يكون بديلاً مجدياً.

لسنوات عديدة، كان العلماء يبحثون عن محفز من شأنه أن يقلل بشكل كبير من سعر إنتاج خلايا وقود الهيدروجين. يمكن أن تنجم ثورة الطاقة الخضراء عن هذا الاختراق، حيث تستخدم أجهزة الكمبيوتر المحمولة والقطارات على حد سواء الوقود الذي ينتج الماء فقط كمنتج ثانوي. قد يقترب الباحثون من تحقيق هذا الهدف، وفقاً للنتائج الأخيرة التي نقدمها في هذه المادة والتي وصلت إليها وبوقت متزامن كل من جامعتي بوفالو (UB) الأمريكية وأمبريال بريدج البريطانية.

ونبدأ بالبحث الذي قام به فريق من جامعة (UB)، حددت وزارة الطاقة الأمريكية (DOE) الكفاءة والمتانة والقدرة على تحمل التكاليف باعتبارها الأهداف الرئيسية الثلاثة لأبحاث خلايا الوقود. في دراسة نُشرت مؤخراً في Nature Energy شرح العلماء كيف يمكن دمج الحديد مع النيتروجين والكربون لإنتاج محفز يلبي المعايير الثلاثة.

يقول المؤلف الرئيسي للدراسة جانج وو الحاصل على درجة الدكتوراه وأستاذ الهندسة الكيميائية والبيولوجية في كلية الهندسة والعلوم التطبيقية في جامعة بافالو: كانت هذه سنوات في طور الإعداد. نعتقد أن هذا إنجاز مهم سيساعد في النهاية على إطلاق العنان للإمكانات الهائلة لخلايا وقود الهيدروجين.

وعد خلايا الوقود

وفقاً لوزارة الطاقة، تعمل خلايا الوقود بشكل مشابه للبطاريات، ولكنها لا تفقد الطاقة ولا تحتاج إلى إعادة الشحن. إنها تولد الحرارة والطاقة طالما يتم توفير الوقود مثل الهيدروجين. نظراً لأنها تنتج انبعاثات أقل أو معدومة مقارنة بمحركات الاحتراق، فقد أثارت هذه الخلايا اهتمام العلماء ودعاة حماية البيئة وغيرهم منذ فترة طويلة. بالإضافة إلى ذلك تمتلك الخلايا مجموعة متنوعة من الاستخدامات، بما في ذلك مباني الطاقة ومحطات الطاقة والسيارات وأنظمة أخرى.

ومع ذلك، فإن عدم وجود تسويق واسع النطاق لخلايا الوقود يرجع، من بين أمور أخرى، إلى التكلفة العالية للعوامل المحفزة باهظة الثمن اللازمة لتسريع عمليات خلايا الوقود الرئيسية.

أظهرت مجموعة من ستة معادن ثمينة تعرف باسم معادن مجموعة البلاتين أنها أكثر المحفزات فعالية. في حين أن هذه المعادن فعالة وطويلة الأمد، إلا أنها مكلفة للغاية بسبب ندرتها. نتيجة لكل ذلك يبحث العلماء عن خيارات أقل تكلفة.

التغلب على العوائق

أحد هذه البدائل كان المحفزات القائمة على الحديد. الحديد جذاب لأنه متوفر بكثرة وغير مكلف. لكنه لا يؤدي أداءً جيداً مثل البلاتين، خاصةً لأنه يفتقر إلى المتانة لتحمل البيئات شديدة التآكل والأكسدة داخل خلايا الوقود.

للتغلب على هذا العائق، ربط فريق البحث أربع ذرات نيتروجين بالحديد. ثم قام الباحثون بدمج المادة في طبقات قليلة من الجرافين "مع التحكم الذري الدقيق في الهياكل الهندسية والكيميائية المحلية" كما يوضح وو.

الهيكل الناتج هو محفز محسن إلى حد كبير. وقد أبلغ فريق البحث عن هذا المحفز في تقريرهم: يُعتقد أنه أكثر المحفزات القائمة على الحديد كفاءة التي تم إنتاجها حتى الآن، متجاوزاً هدف وزارة الطاقة لعام 2025 من حيث كثافة التيار الكهربائي. حصلت المحفزات الجديدة على تصنيف متانة يقترب من محفزات مجموعة البلاتين.

كل هذا كما يقول وو، يشير إلى قدرة المحفز القائم على الحديد في صنع خلايا الوقود، وخاصة خلايا وقود الهيدروجين، بأسعار معقولة للاستخدام التجاري.

وفي الجانب الآخر من الكوكب قام فريق من جامعة إمبريال كوليدج- لندن، بتطوير خلية وقود هيدروجين جديدة تستخدم الحديد أيضاً بدلاً من البلاتين النادر والمكلف، ما يتيح استخداماً أكبر لهذه التقنية.

كما ذكرنا سابقاً فإن خلايا وقود الهيدروجين تعمل على تحويل الهيدروجين إلى كهرباء باستخدام بخار الماء فقط كمنتج ثانوي، ما يجعلها بديلاً صديقاً للبيئة للطاقة المحمولة، خاصة في مجال السيارات وأنواع المركبات الأخرى. والعائق ما زال باستخدام البلاتين باهظ الثمن كمحفز ضروري لعمل هذه الخلايا. الآن قام فريق أوروبي بقيادة باحثين من إمبريال كوليدج- لندن بإنشاء محفز باستخدام الحديد والكربون والنيتروجين فقط - وهي مواد رخيصة ومتوفرة بسهولة - وأظهر أنه يمكن استخدامها لتشغيل خلية وقود بطاقة عالية. وقد نُشرت نتائجهم في مجلة Nature Catalysis، بالتزامن مع نتائج البحث الذي قاده فريق علماء (UB).

قال كبير الباحثين البروفيسور أنتوني كوتشيرناك ، من قسم الكيمياء في إمبريال: حالياً، حوالي 60% من تكلفة خلية وقود واحدة هي للبلاتين كعامل محفز. ولكن لجعل خلايا الوقود بديلاً حقيقياً قابلاً للتطبيق للمركبات التي تعمل بالوقود الأحفوري نحتاج إلى خفض هذه التكلفة بنسبة كبيرة.

إن تصميمنا للمحفز الأرخص يجب أن يجعل هذا الأمر حقيقة واقعة، كما يجب أن يسمح بنشر المزيد من أنظمة الطاقة المتجددة التي تستخدم الهيدروجين كوقود، مما يؤدي في النهاية إلى تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري ووضع العالم على مسار صافٍ للانبعاثات.

كان ابتكار كل من الفريقين يعتمد على إنتاج محفز حيث يتم تشتيت كل الحديد على هيئة ذرات مفردة داخل مصفوفة كربون موصلة كهربائياً. إذ يحتوي الحديد أحادي الذرة على خصائص كيميائية مختلفة عن الحديد الكتلي، حيث تتجمع كل الذرات معاً ما يجعلها أكثر تفاعلاً.

تعني هذه الخصائص أن الحديد يعزز التفاعلات اللازمة في خلية الوقود، ويعمل كبديل جيد للبلاتين. في الاختبارات المعملية، أظهر الفريق الأوروبي أن محفز الحديد أحادي الذرة له أداء يقترب من أداء المحفزات القائمة على البلاتين في نظام خلايا الوقود الحقيقي.

بالإضافة إلى إنتاج محفز أرخص لخلايا الوقود، فإن الطريقة التي طورها الفريق لابتكار هذه الخلايا يمكن تكييفها مع محفزات أخرى لعمليات أخرى، مثل التفاعلات الكيميائية باستخدام الأكسجين الجوي كمفاعل بدلاً من المؤكسدات الكيميائية باهظة الثمن، وفي معالجة مياه الصرف الصحي. إنها ثورة تكنولوجية حقيقية أن نتمكن من استخدام الهواء لإزالة الملوثات الضارة.

قال المؤلف الأول الدكتور أسد محمود من قسم الكيمياء في إمبريال: لقد طورنا نهجاً جديداً لصنع مجموعة من المحفزات ذات "الذرة الواحدة" التي توفر فرصة للسماح بمجموعة من العمليات الكيميائية والكهروكيميائية الجديدة. على وجه التحديد، استخدمنا طريقة تركيبية فريدة تسمى التحويل المعدني، لتجنب تكوين مجموعات الحديد أثناء التخليق. يجب أن تكون هذه العملية مفيدة للعلماء الآخرين الذين يتطلعون إلى إعداد نوع مماثل من المحفزات.

تعاون الفريق الأوروبي مع شركة جونسون ماثي المصنعة لمحفز خلايا الوقود في المملكة المتحدة لاختبار المحفز في أنظمة مناسبة ويأملون في توسيع نطاق محفزهم الجديد بحيث يمكن استخدامه في خلايا الوقود التجارية. في غضون ذلك، ما زال الفريقان يعملان على تحسين استقرار المحفز، بحيث يتطابق مع البلاتين في المتانة وكذلك الأداء، في خطوة هامة لاعتماده على نطاق تجاري واسع.

----

ترجمة عن موقع: Sci Tech Daily