إن النتائج النهائية لتجربة المجهر المداري تقدم التأكيد الأكثر دقة حتى الآن على أن كل الأشياء تقع بنفس الطريقة تحت تأثير الجاذبية. توفر التجربة التأكيد الأكثر دقة حتى الآن لمبدأ أساسي للنسبية العامة. فقد أكدت تجربة في المدار، بدقة أكبر مائة مرة من كل الجهود والتجارب السابقة، أن كل شيء يقع بنفس الطريقة تحت تأثير الجاذبية.

هذا الاكتشاف هو الاختبار الأكثر صرامة حتى الآن لمبدأ التكافؤ، وهو مبدأ أساسي لنظرية النسبية العامة لآينشتاين. يؤكد الباحثون في البحث الذي نشر في 14 سبتمبر في مجلة Physical Review Letters أن المبدأ يحمل حوالي جزء واحد في الألف تريليون.

يعود مبدأ التكافؤ إلى فكرة كوبرنيك القائلة بوجوب تماثل قوانين الفيزياء في كل مكان ضمن الكون، ثم طورت هذه الفكرة من قبل آينشتاين الذي أكد على أن قوة الجاذبية التي تؤثر بها الأجسام على بعضها محلياً لا يمكن تمييزها عن قوى القصور الذاتي.

يقوم آينشتاين لتوضيح فكرته بتجربة فكرية تقوم على تصور مصعدين أحدهما بحالة مستقرة على سطح الأرض حيث يخضع فقط لقوة الجاذبية الأرضية التي تمنحه تسارعاً أرضياً g في حين يتسارع المصعد الآخر في الفضاء بتسارع g أيضاً من دون أن يكون خاضعاً لأية قوة خارجية، في هذه الحالة يؤكد آينشتاين أن أي مراقب داخلي في أي من هاتين الجملتين المعزولتين عن العالم الخارجي، لا يملك أي وسيلة ليقرر حالة جملته: هل هي تخضع لتسارع نتيجة وقوعه تحت تأثير الجاذبية أم تسارع نتيجة قصوره الذاتي؟ فبالنسبة إليه أي جسم يترك ليسقط بشكل حر ضمن جملته سيتسارع نحو الأسفل بالقيمة g.

يتابع آينشتاين تجربته بتخيل مصدر ضوئي يطلق شعاعاً ضمن المصعد المتسارع نحو الأعلى في الفضاء، فبالنسبة إلى مراقب خارجي على الأرض يستمر الشعاع في مساره المستقيم بينما يستمر المصعد بالارتفاع، لكن المراقب الداخلي الذي يرتفع مع المصعد ومكوناته سيرى الشعاع يقترب من الأرضية، أي بتعبير آخر سيرى الشعاع يسقط كما يسقط أي جسم بفعل الجاذبية، إنها إحدى أهم نتائج مبدأ التكافؤ: الجاذبية تؤثر على الضوء حيث تحرف مساره نحوها.

قد لا تبدو فكرة أن الجاذبية تؤثر على كل الأشياء بالتساوي مفاجئة. لكن أدنى تلميح يمكن أن يساعد بخلاف ذلك في تفسير كيف تتشابك النسبية العامة، النظرية التأسيسية للجاذبية، مع الأنموذج القياسي لفيزياء الجسيمات، الإطار النظري الذي يصف جميع الجسيمات الأساسية للمادة. النسبية العامة هي نظرية كلاسيكية ترى في الكون مكاناً سلساً ومستمراً، في حين أن الأنموذج القياسي هو نظرية كمومية تتضمن أجزاء محببة من المادة والطاقة. كان دمجها في نظرية واحدة لكل شيء حلماً لم يتحقق للعلماء الذين يعودون إلى آينشتاين في كل مرة.

تقول سابين هوسينفيلدر، عالمة الفيزياء في معهد فرانكفورت للدراسات المتقدمة في ألمانيا والتي لم تشارك في الدراسة: إن مبدأ التكافؤ هو أهم حجر زاوية في نظرية النسبية العامة لآينشتاين. نحن نعلم أنه يجب تغييره في النهاية لأنه لا يمكن في شكله الحالي أن يأخذ في الاعتبار التأثيرات الكمية.

للمساعدة في البحث عن التعديلات المحتملة، تتبعت تجربة MICROSCOPE حركة الأسطوانات المعدنية المتداخلة - أسطوانة خارجية تزن 300 غرام وأسطوانة داخلية من البلاتين يبلغ وزنها 402 غرام - أثناء دورانها حول الأرض في حالة سقوط حر شبه مثالي. إن أي اختلاف في تأثير الجاذبية على الأسطوانات المعنية سيؤدي إلى تحركها بالنسبة إلى بعضها البعض. كانت القوى الكهربائية الصغيرة المطبقة لإعادة الأسطوانات إلى المحاذاة قد كشفت عن انتهاك محتمل لمبدأ التكافؤ.

من أبريل 2016 إلى أكتوبر 2018 ، تمت حماية الأسطوانات داخل قمر صناعي لحمايتها من الرياح الشمسية، والضغط الضئيل الذي يمارسه ضوء الشمس والجو المتبقي على ارتفاع مداري يزيد قليلاً عن 700 كيلومتر.

من خلال إجراء التجربة في المدار، يمكن للباحثين مقارنة السقوط الحر لمواد مختلفة لفترات طويلة دون التأثيرات المربكة للاهتزازات أو الأجسام القريبة التي يمكن أن تمارس قوى الجاذبية المتبادلة فيما بينها، كما يقول مانويل رودريغيز، عضو الفريق والفيزيائي الذي قام بتجربة المايكروسكوب مع الفرنسيين. حيث قاموا بالتجربة في معمل الطيران والفضاء ONERA في باليزو. يقول: أحد الدروس التي تعلمتها من تجربة مايكروسكوب هو... أن المساحة هي أفضل طريقة للحصول على تحسين مهم في دقة هذا النوع من الاختبارات.

يشك بعض الفيزيائيين في أن حدود الاختلاف في مبدأ التكافؤ قد لا تظهر أبداً في التجارب، وأن آينشتاين سيثبت دائماً أنه على حق.

يقول كليفورد ويل الفيزيائي بجامعة فلوريدا في غينزفيل، والذي لا ينتمي إلى التجربة، إنه حتى دقة أكبر بمئة مرة من مهمة متابعة MICROSCOPE 2، المخطط لها أن تُجرى مبدئياً في 2030 من غير المرجح أن تكشف عن انهيار مبدأ التكافؤ. ويضيف: لا يزال مبدأ التكافؤ يثبت مرة بعد مرة أنه الفكرة الأساسية التي علمها آينشتاين. ما نراه كقوة الجاذبية هو في الواقع انحناء الزمكان. "أي جسم يتحرك ببساطة على طول المسار في الزمكان للأرض"، سواء كان مصنوعاً من البلاتين الكثيف أو التيتانيوم الخفيف أو أي مادة أخرى.

تقول هوسينفيلدر إنه حتى لو لم يثبت الفيزيائيون أبداً خطأ آينشتاين، فإن التجارب مثل MICROSCOPE لا تزال مهمة. تقول: هذه الاختبارات لا تتعلق فقط بمبدأ التكافؤ. إن العلماء يبحثون ضمنياً عن جميع أنواع الانحرافات الأخرى والقوى الجديدة وما إلى ذلك، التي لا تعد جزءاً من النسبية العامة. وتضيف عن هذا النوع من التجارب: إنها حقاً قياس متعدد الأغراض وعالي الدقة.

الآن وقد اكتملت المهمة، فإن القمر الصناعي MICROSCOPE سوف يخرج ببطء من المدار. يقول رودريغيز: من الصعب المراهنة على مكان سقوطه خلال 25 عاماً. جنباً إلى جنب مع مجموعة مرجعية من الأسطوانات البلاتينية على متنه، "إنها بضعة ملايين من اليوروهات وضعت في البلاتين". ويضيف: "أين سيهبط هذا المعدن البلاتيني الثمين هو تخمين يمكن لأي شخص القيام به، لكن الجاذبية التي تسحبه إلى أسفل ستجذب التيتانيوم الخفيف بنفس القوة، حتى جزء واحد من ألف تريليون على الأقل".

----

بقلم: جيمس ر. ريوردون

ترجمة عن موقع: Live Science