يواجه الأطفال صعوبة في تركيز انتباههم، الأمر الذي قد يكون مفيداً في بعض الأحيان. وهم يتمتعون بقوة سرية تسمح لهم بالهروب من "فخ التعلم" الذي قد يقع فيه الكبار غالباً: فهم ببساطة لا يستطيعون تركيز انتباههم.

استخدمت الأبحاث الحديثة تقنية تتبع العين لإثبات أن انتباه الأطفال يتجول في جميع أنحاء شاشة الكمبيوتر أثناء محاولتهم أداء مهمة ما - على الرغم من أن البالغين أدركوا على الفور أنهم يستطيعون إنهاء المهمة بشكل أكثر كفاءة من خلال التركيز على أشياء معينة. لكن وجود عين شاردة ساعد الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 4 و 5 سنوات عندما تغيرت المهمة فجأة - ولاحظوا تفاصيل مهمة على الشاشة، كانت بالنسبة إلى البالغين في عداد المفقودين.

قال فلاديمير سلوتسكي، المؤلف المشارك للدراسة وأستاذ علم النفس في جامعة ولاية أوهايو: إن قدرة البالغين على تركيز انتباههم عادة ما تكون مفيدة جداً في الحياة اليومية. ولكن في بعض الأحيان يكون من المفيد رؤية العالم كطفل وملاحظة الأشياء التي قد لا تبدو مهمة أو ذات صلة في ذلك الوقت.

تعاون سلوتسكي في الدراسة جنباً إلى جنب مع ناثانيال بلانكو باحث ما بعد الدكتوراه، وبراندون تيرنر أستاذ علم النفس في ولاية أوهايو. وقد نشرت الدراسة مؤخراً في مجلة Journal of Experimental Child Psychology.

اشتمل البحث على 30 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 4 و 5 سنوات و 38 بالغاً، وتم تجهيز كلا الفريقين بأجهزة تتبع العين التي يمكن أن تشير إلى المكان الذي حدقوا فيه على شاشة الكمبيوتر أثناء إجراء الاختبارات.

ثم قدم الباحثون للفريقين صوراً ملونة لمخلوقات ذات سبع سمات يمكن تحديدها، بما في ذلك الرأس والذيل وقرون الاستشعار. تم إبلاغ المشاركين أن هناك نوعين من المخلوقات تسمى "فلوربس" و"جاليتس"، وكان عليهم معرفة وتحديد كل من هذين النوعين.

كانت إحدى السمات مختلفة دائماً في نوعي المخلوقات - على سبيل المثال، قد يكون لـ "جاليتس" ذيل أزرق ولـ "فلوربس" ذيل برتقالي. بالإضافة إلى ذلك، تم إخبار الأطفال والبالغين أن معظم (وليس كل) الـ "فلوربس" لديها نوع معين من الميزات، مثل الهوائيات الوردية على سبيل المثال.

لم يتم ذكر إحدى السمات مطلقاً في التعليمات ولم تختلف بين نوعي المخلوقات. كان هذا ما أسماه الباحثون "الميزة غير ذات الصلة".

بعد التدريب، عُرض على المشاركين سلسلة من الصور للمخلوقات على شاشة الكمبيوتر وقيل لهم أن يحددوا نوع المخلوقات سواء كانت Flurp أو Jalet.

خلال الجزء الأول من التجربة، سرعان ما تعلم البالغون الميزة التي تحدد دائماً ما إذا كان الكائن هو Flurp أو Jalet، وأظهر متتبع العين أنهم بعد ذلك ركزوا كل انتباههم تقريباً على هذه الميزة. كان الأطفال أبطأ في معرفة الميزة الأكثر أهمية في تحديد أي مخلوق كان - وأظهر متتبع العين أنهم استمروا في النظر في جميع ميزات المخلوقات، حتى تلك التي لم تكن ذات صلة.

قال سلوتسكي: لم يكن الأطفال فعالين مثل الكبار في التعلم بسرعة. ظلوا ينظرون حولهم حتى عندما لم يكونوا بحاجة إلى ذلك. لكن في منتصف التجربة، أجرى الباحثون تحولاً غير معلن: أصبحت الميزة غير ذات الصلة - جزء الجسم الذي لم يكن له تأثير في السابق على نوع المخلوق - هي الميزة التي ستحدد ما إذا كان المخلوق Flurp أو Jalet. هذه الميزة، التي كانت هي نفسها لكلا المخلوقين قبل التبديل، أصبحت الآن مختلفة لكل منهما.

بعد التبديل، كان الكبار غافلين عن أهمية الميزة الجديدة أكثر من الأطفال. بدلاً من ذلك، كانوا يعتمدون على الميزات الأقل أهمية التي تم تعلمها سابقاً. من ناحية أخرى، كان الأطفال يهتمون بكل شيء منذ البداية، لذلك لاحظوا بسرعة أكبر أن القواعد قد تغيرت.

قال سلوتسكي: كان الكبار يعانون من عدم الانتباه المكتسب. لم يهتموا بالميزات التي لم تكن مهمة خلال الجزء الأول من التجربة، لذلك فاتهم الوقت الذي أصبحت فيه هذه الميزات مهمة. وتابع: إن أدمغة الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 4 و 5 سنوات ليست ناضجة بما يكفي لتركيز الانتباه كما يفعل الكبار. قد تساعدهم هذه الحقيقة على تعلم المزيد أثناء استكشافهم للعالم. وإن البالغين بالتأكيد لديهم القدرة على توزيع انتباههم على نطاق واسع كما فعل الأطفال في هذه الدراسة - لكنهم غالباً ما يختارون الانتباه الانتقائي لأنه مفيد أكثر في تحقيق الكفاءة. إن الدرس الذي يجب أن يتعلمه الكبار هو إدراك أن الانتباه الانتقائي، مع زيادة كفاءة التعلم والأداء، يمكن أن يؤدي أيضاً إلى فخ التعلم في بعض المواقف.

نعلم أن التركيز هو جزء مهم من التعلم أو من إنجاز مهمة ما... لكنه قد يكون فخاً يحول دون الانتباه إلى كافة التفاصيل أو رؤية اللوحة كاملة.

عندما تعرف شيئاً جيداً حقاً أو يبدو حل مشكلة ما واضحاً، فقد يساعد ذلك في توسيع نطاق انتباهك، والبحث عن أدلة قد لا تبدو ذات صلة في البداية – يرى الباحثون عند هذه النقطة أنه من المفيد التفكير كطفل مرة أخرى، ومحاولة رؤية العالم بعيون طفل ينقل نظره بين كل التفاصيل دفعة واحدة.

----

ترجمة عن موقع: Sci Tech Daily