يشير مصطلح السيلوسيبين إلى تلك المادّة الفعالة المتواجدة في ما يُسمّى بالفطر السحريّ، وتتميّز هذه المادّة بتأثيراتها التي تتسبّب في حدوث الهلوسة وعدم التركيز، حيث إنّ هناك مجموعةً كبيرةً من أصناف الفطر التي تحتوي على هذه المادّة ذات التأثير المُهلوِس.

يتجاوز عدد أصناف الفطر المائة نوع، أي أن مصطلح الفطر السحري يشير إلى مظلّةٍ تحوي مجموعةً كبيرةً من أنواع الفطر، وبالرغم من أنّ العديد من الأشخاص كانوا يستخدمون هذه الأنواع من الفطر بهدف الحصول على تأثيراتها الذهنيّة، إلّا أنّه لم يتمّ اكتشاف مادّة السيلوسيبين ومعرفة أنّها هي المسؤولة عن هذا التأثير حتى عام 1957 وتمّ البدء بتصنيعها مخبرياً بعد ذلك. وفي عام 1970 تمّ تصنيف هذه المادّة على أنها من المواد التي تتسبّب في الإدمان من قبل جمعيّة مكافحة المخدّرات الأمريكيّة، وبالرغم من ذلك فإنّه تمّ تصنيف مادّة السيلوسيبين من قبل المؤسّسة العالميّة للغذاء والدواء على أنّها من العلاجات الخارقة لعلاج بعض الاضطرابات الذهنيّة والعصبيّة.

ولا يزال هذا المكون النشط للفطر السحري مصنفاً على أنه ليس ذا قيمة طبية كبيرة، على الرغم من النجاح السريري الذي يحققه.

السيلوسيبين، هو دواء خاضع للرقابة من "الجدول 1"، مما يجعل الحصول عليه صعباً ومكلفاً على العلماء. هذا وقد حذر علماء بارزون بعد صدور نتائج رائدة حول استخدام السيلوسيبين لعلاج الاكتئاب، بسبب قواعد الترخيص الصارمة ونقص التمويل العام.

وجدت أحدث تجربة إكلينيكية أن جرعة واحدة من العنصر النشط في الفطر السحري، جنباً إلى جنب مع العلاج النفسي، ساعدت في تخفيف الاكتئاب لدى ما يقرب من ثلث المرضى المصابين بالاكتئاب الشديد. يتبع هذا الاكتشاف نتائج واعدة أخرى تشير إلى أنه يمكن استخدام العقاقير المخدرة في علاج الحالات بما في ذلك القلق واضطراب ما بعد الصدمة والإدمان وفقدان الشهية.

ومع ذلك، قال البروفيسور ديفيد نات، مستشار الأدوية الحكومي السابق ومدير وحدة أبحاث علم الأدوية النفسية والعصبية في إمبريال كوليدج لندن، إنه ما لم تتغير اللوائح والمواقف، فإن العلاجات المحتملة ستبقى "في طي النسيان" أو في مرحلة تجريبية ومتاحة فقط لأولئك الذين يمكنهم دفع التكاليف الباهظة في العيادات الخاصة. وتابع: يُمنع المرضى من الوصول بسبب اللوائح. إن الوضع القانوني يعيق البحث حقاً.

على الرغم مما وصفه البعض بأنه "نهضة مخدر"، قال نوت إنه كان هناك حد أدنى من التمويل العام للبحوث في هذا المجال، إلى جانب المنحة التي تلقاها من مجلس البحوث الطبية لدراسة السيلوسيبين وتمويل من المعهد الوطني لأبحاث الصحة والرعاية.

أضاف البروفيسور نات: لا أعتقد أن هناك أي تمويل آخر. إنهم جميعاً محسنون.. ويمولون من القطاع الخاص. إن هذا الوضع يعكس حقيقة أننا ما زلنا نرى المخدرات غير المشروعة على أنها مخدرات يجب حظرها.

وقال إن البحث العلمي الأساسي أمر حيوي لتطوير علاجات جديدة محتملة. وأضاف: هذه ليست مجرد موجة علنية من قيامة الهبيين. إن العلم قاد العمل السريري في هذا المجال وتوصل إلى نتائج جيدة.

نات هو كبير مسؤولي الأبحاث في Awakn Life Sciences، وهي شركة للتكنولوجيا الحيوية تدير عيادات في لندن وبريستول وأوسلو وتقدم العلاج النفسي بمساعدة الكيتامين لمجموعة من حالات مرضى الصحة العقلية.

يقول البروفيسور نات إنه ليس من المجدي تقديم علاجات تعتمد على السيلوسيبين، على الرغم من الأدلة المتزايدة على إمكاناته الجيدة في تحسين حالات المرضى. وقال: سبب عملنا مع الكيتامين، هو أنه عقار قانوني، لذا يمكننا وصفه بدون ترخيص.

على النقيض من ذلك، فإن السيلوسيبين هو عقار خاضع للرقابة من "الجدول 1" - غير قانوني ولا يعتبر ذا قيمة طبية. إن البحث في مثل هذه الأدوية ينطوي على الحصول على ترخيص وزارة الداخلية وترتيبات أمنية واسعة النطاق. قال نات: يتم التحكم في السيلوسيبين بنفس الطريقة كما لو كان كوكايين الكراك. يستغرق الأمر شهوراً للعثور على مستورد لإحضار السيلوسيبين للتجربة ويكلف عشرات الآلاف من الجنيهات الاسترلينية للحصول على الدواء من أمريكا لأنه دواء من الدرجة الأولى.

وافق الدكتور جيمس روكر، الذي قاد أحدث تجربة على السيلوسيبين، على أن هناك تحديات كبيرة لإجراء البحوث في هذا المجال. وقال: كانت هناك قيود قانونية على هذه المخدرات منذ سنوات. يجب أن يكون لديك ترخيص وزارة الداخلية لإجراء البحوث، وبسبب نقطة الضيق هذه لا أعتقد أن أي شخص كان على استعداد لاستثمار الأموال في هذا المجال رغم أنه يبدو رائداً وواعداً في مجال علاج الاكتئاب.

قال روكر إن البعض داخل الطب النفسي استمروا في اتخاذ موقف "المدرسة القديمة" من الازدراء تجاه إمكانات العقاقير المخدرة كعلاجات للصحة العقلية، لكن هذا الحال كان يتغير بمرور الوقت.

حتى بين أولئك الذين يبحثون عن إمكانات العلاجات الجديدة، هناك مجموعة متنوعة من الآراء حول ما إذا كانت الأدوية المخدرة ستبقى على هامش الطب النفسي أو تصبح خياراً علاجياً سائداً في المستقبل.

"لطالما أراد جزء مني أن أكون مدافعاً عن التقييم العقلاني للعقاقير وتجاهل وضعها القانوني. قال الدكتور رافي داس، عالم الأعصاب في جامعة كوليدج لندن الذي يبحث في إمكانات الكيتامين و DMT (المكون النفسي في آياهواسكا، وهو مشروب مخدر في أمريكا الجنوبية) في علاج اضطرابات الإدمان: لقد كان لدى هذين العلاجين مثل هذه السمعة السيئة تاريخياً... مما يذكرنا ببدايات موسيقى الراب، ثم تحولا تدريجياً ليتم استخدامهما في علاج اضطرابات الإدمان.

ويضيف داس: لكن الآن هناك معسكر معاكس، من المبشرين حول المواد المخدرة ويعتقدون كنتيجة حتمية أنها ستكون الدواء الشافي. لم يتم إثبات ذلك في الأدلة حتى الآن، لذلك يجب كعلماء وباحثين وأطباء ألا نتسرع في إطلاق الوعود المبشرة ولاسيما بسبب صعوبة تنفيذ المزيد من الأبحاث والتجارب على هذا النوع من الأدوية بسبب القيود التي نتحدث عنها.

ومع ذلك، وافق داس على أن المزيد من البحث المستقل كان مطلوباً للمضي قدماً في هذا المجال. وأضاف: تظهر عيادات الممارسة الخاصة هذه في كل مكان للأشخاص الذين يمكنهم تحمل تكاليفها. لا يمكن أن يكون ذلك قائماً على الأدلة، لأن الأدلة قليلة جداً. يريد الناس خيارات العلاج، نعلم أن القدرة على الوصول إليها سيكون أمراً رائعاً. لكن إنه لمن المؤسف أنها تقف وراء هذا الحاجز من ارتفاع التكاليف والأجور.

----

بقلم: هانا ديفيلين

ترجمة عن موقع: The Guardian