منذ انعقاد قمة المناخ العام الماضي في غلاسكو، أخذنا على عاتقنا مهمة تسليط الضوء على كارثة تغير المناخ من معظم الجوانب المختلفة، سواء من حيث الأثار الكارثية الوخيمة على الحياة البرية أو آثار ازدياد انبعاثات غازات الدفيئة على البيئة. كما عرضنا جهود العلماء المستمرة والحثيثة للحد من هذه الآثار والسيطرة على هذه المشكلة أملاً في الوصول إلى حل جذري لها، بما في ذلك الاختراعات المتنوعة التي يسعى بعضها للوصول إلى حلول طاقة مستدامة بينما يسعى الآخر إلى امتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون وغازات الدفيئة الأخرى للتخفيف من آثار الاحترار العالمي.

نحاول أن نسلط الضوء على قمة المناخ التي انعقدت في شرم الشيخ في مصر لنتمكن من رؤية ما يقدمه صانعو السياسة وأصحاب القرار من حلول للكارثة التي تتعرض لها الكرة الأرضية... تغير المناخ. سوف نجد في البداية أن عدد المندوبين الذين لديهم روابط بالوقود الأحفوري قد قفز في قمة الأمم المتحدة للمناخ لهذا العام بزيادة 25% عن الاجتماع الماضي، وفقاً لتحليل مشترك مع بي بي سي.

وجدت مجموعة الحملة "غلوبال ويتنس" أن أكثر من 600 شخص في المحادثات في مصر مرتبطون بالوقود الأحفوري. وهذا أكثر من عدد الوفود المشتركة من الدول العشر الأكثر تأثراً بالمناخ. حيث كان من المتوقع أن يحضر حوالي 35000 شخص قمة COP27 في منتجع شرم الشيخ المطل على البحر الأحمر.

لطالما جذبت هذه المؤتمرات أعداداً كبيرة من صناعات الفحم والنفط والغاز، الذين يحضرون ويحرصون على التأثير في شكل النقاش وفي القرارات التي ستنتج عن مثل هذه المؤتمرات. في قمة العام الماضي في غلاسكو، وجد تحليل مماثل لقوائم الحضور الرسمية أن 503 مندوبين على صلة بالوقود الأحفوري تواجدوا في المؤتمر.

تقول "غلوبال ويتنس" إن هناك 200 من أعضاء جماعات الضغط في الوفود الوطنية. وهناك 436 آخرين في مجموعات تجارية أو هيئات دولية أو منظمات غير حكومية أخرى. وقد ارتفع هذا الرقم هذا العام إلى 636.

قالت راشيل روز جاكسون، من "مسؤولية الشركات"، إحدى المجموعات من النشطاء الذين نشروا البيانات إلى جانب مرصد أوروبا للشركات: يبدو COP27 كمعرض تجاري لصناعة الوقود الأحفوري، بدل أن يكون تجمعاً للبحث عن الحلول والبدائل! نحن في دوامة من الجنون هنا بدلاً من العمل المناخي. صناعة الوقود الأحفوري، أجندتهم، إنها مميتة. دافعهم هو الربح والجشع. إنهم ليسوا جادين بشأن العمل المناخي. لم يكونوا أبداً ولن يفعلوا ذلك أبداً.

أحصى الباحثون عدد الأفراد المسجلين الذين كانوا ينتمون مباشرة إلى شركات الوقود الأحفوري أو يحضرون كأعضاء في الوفود الوطنية التي تعمل نيابة عن صناعة الوقود الأحفوري. تُظهر البيانات أن عدد جماعات الضغط العاملة في مجال الوقود الأحفوري هذا العام أكبر من إجمالي المندوبين من الدول العشر الأكثر تضرراً من تغير المناخ، بما في ذلك باكستان وبنغلاديش وموزمبيق.

أكبر وفد منفرد في COP27 هو من الإمارات العربية المتحدة، والتي ستستضيف COP28 العام المقبل. لديهم 1070 شخصاً على الأرض هنا، ارتفاعاً من 170 فقط العام الماضي. وجد التحليل أن 70 من ذلك الوفد كانوا على صلة باستخراج الوقود الأحفوري. جماعات الضغط الأفريقية تدفع لاستغلال الاحتياطيات.

"إذا لم تكن على الطاولة، فيجب أن تحرص على أن تكون في القائمة". هذا هو رأي الدكتور عمر فاروق إبراهيم، رئيس منظمة منتجي البترول الأفريقيين، في حديث لهيئة الإذاعة البريطانية في COP27. وقال إنه جاء إلى هنا لمحاولة التأثير على المفاوضين لدعم تطوير النفط والغاز في أفريقيا. قال إن هناك 600 مليون شخص في جميع أنحاء القارة لا يحصلون على الكهرباء.

إنه يرفض وبشدة فكرة أن تتخلى أفريقيا عن احتياطياتها الكبيرة من النفط والغاز مقابل التكنولوجيا المتجددة والتمويل من الدول الغنية. وقال لبي بي سي نيوز: لقد فشلنا في الماضي. وليس هناك ما يضمن أنهم لن يخذلونا مرة أخرى.

لكن بدلاً من أن يكون له تأثير قوي، يقول الدكتور إبراهيم إن مجموعته والآخرين يكافحون لإحداث تأثير على أعلى المستويات. يضيف: أضمن لك، حتى لو دفعنا المال للمجيء إلى هنا، فلن يسمحوا لنا بالمجيء لأنهم لا يريدون سماع الصوت الآخر.

هناك بعض الأدلة على أن الحجج التي يسوقها مؤيدو النفط والغاز لها تأثير. كان هناك "اندفاع نحو الغاز" في الآونة الأخيرة بين بعض الدول الأفريقية التي تحرص على استغلال مواردها في وقت يتزايد فيه الطلب في أوروبا وأماكن أخرى.

السنغال هي إحدى الدول الأفريقية التي تريد استغلال احتياطياتها من الغاز المكتشف حديثاً. وقد قال إيدي نيانغ من وفد السنغال: ما يهمنا هو كيف يمكننا استخدام هذه الموارد لتطوير بلدنا وتعزيز اقتصادنا وتصديره إلى الدول الناشئة والمتقدمة.

لكن الآخرين الذين حضروا كانوا واضحين أن الوضع المناخي أصبح الآن خطيراً للغاية، ولا ينبغي أن يكون هناك مكان في أي مؤتمر COP لمن يدعمون الوقود الأحفوري.

قال فيليب جاكبور، وهو من نيجيريا ويعمل مع منظمة المشاركة العامة في أفريقيا: إذا كنت تريد معالجة الملاريا، فأنت لا تدعو البعوض. وقال لبي بي سي نيوز: طالما لدينا لوبي الوقود الأحفوري والآلات عاملة على قدم وساق، فلن نحرز تقدماً على صعيد حل مشكلة تغير المناخ كما كان الوضع في المؤتمرات السابقة حيث لم نحرز تقدماً.

----

بقلم مات ماكغراث

ترجمة عن موقع: BBC News