اكتشف العلماء "أكبر غابة من الأعشاب البحرية في العالم" عن طريق ربط الكاميرات بأسماك القرش في دراسة جديدة أجريت باستخدام أسماك قرش النمر في جزر الباهاما، وقد وسعت هذه الغابة المكتشفة النطاق الذي تغطيه الأعشاب البحرية العالمية المعروفة أكثر من 40%.

قام العلماء في هذه الدراسة بإصلاح علامات المسجل الحيوي المجهزة بكاميرات على أسماك قرش النمر في جزر الباهاما لرسم خرائط لمروج الأعشاب البحرية في المحيط.

تشتهر أسماك قرش النمر بالشراسة. هذه الحيوانات الضخمة، التي يمكن أن تنمو إلى أكثر من 16 قدماً، هي حيوانات مفترسة لا تعرف الرحمة ولا تخشى شيئاً على الإطلاق. وقد وجدت الأبحاث الحديثة أنه بينما هربت أنواع أخرى من أسماك القرش من المياه الساحلية أثناء العواصف القوية، فإن أسماك القرش النمر "لم تتراجع حتى". لكن مؤخراً أصبح لدى هذه الأسماك دور جديد يمكن أن يساعد في صقل سمعتها: إنهم علماء البحار الجدد.

في محاولة لقياس مدى انتشار مروج الأعشاب البحرية في جزر الباهاما، أرفق الباحثون كاميرات وأجهزة تعقب بالزعانف الظهرية لأسماك قرش النمر لمنحهم إمكانية الوصول إلى ساعات مستمرة من لقطات تصور قاع المحيط.

كشفت البيانات التي تم جمعها عما يقول الباحثون إنه أكبر نظام بيئي معروف للأعشاب البحرية في العالم، حيث يمتد عبر ما يصل إلى 92000 كيلومتر مربع (35000 ميل مربع) من قاع البحر الكاريبي. يوسع هذا الاكتشاف من إجمالي تغطية الأعشاب البحرية العالمية المعروفة بأكثر من 40%، وفقاً للدراسة التي نُشرت في مجلة Nature Communications في شهر نوفمبر الحالي.

قال المؤلف المشارك للتقرير، البروفيسور كارلوس دوارتي، من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا في المملكة العربية السعودية: تظهر هذه النتيجة إلى أي مدى نحن بعيدون عن استكشاف المحيطات، ليس فقط في الأعماق، ولكن حتى في المناطق الضحلة، إلا أنها تعطينا وعداً باكتشاف المزيد من أسرار المحيطات الغامضة.

ظلت مروج الأعشاب البحرية تحت البحث منذ فترة طويلة - وتتراوح تقديرات إجمالي مساحتها العالمية من 160 ألف كيلومتر مربع إلى 1.6 مليون كيلومتر مربع. يمثل رسم الخرائط تحدياً كبيراً: لا يمكن دائماً رصد المروج في المياه العميقة أو في سماء ملبدة بالغيوم بواسطة الطائرات أو الأقمار الصناعية، كما يمكن أن تكون المروج الصغيرة متناثرة أو متشابكة مع النباتات البحرية الأخرى، ما يجعل تحديدها أمراً صعباً للغاية.

وهذا يعني أن مروج الأعشاب البحرية يجب أن تكون "صادرة من الأرض"، أي تم تأكيدها من قبل شخص ما - أو شيء ما - في الموقع. لكن إرسال غواصين بشريين لتصوير مساحات شاسعة من قاع المحيط أمر مكلف، ويشكل تحدياً لوجستياً وبطيئاً للغاية.

أما أسماك قرش النمر فهي قصة مختلفة. يمكن لهذه الحيوانات سريعة الحركة الوصول إلى أعماق كبيرة ولديها نطاق واسع وتقضي الكثير من الوقت في مروج الأعشاب البحرية. كما أن هذه الأسماك غير مثقلة بالقيود البشرية الدنيوية مثل الحاجة إلى قارب، أو الاضطرار إلى العودة إلى السطح بشكل متكرر أو الاعتماد على ظروف المحيط الهادئة.

بين عامي 2016 و 2020 ، قام الباحثون بتثبيت حزم الكاميرا، المجهزة بعلامات الأقمار الصناعية والراديو، على الزعانف الظهرية لسبعة أسماك قرش. قاموا بإمساك الحيوانات باستخدام حبال الطبل ذات الخطاف الدائري، والتي تعلق في فكي الحيوانات. قال أوليفر شيبلي كبير الباحثين في مؤسسة Beneath the Waves ، وهي منظمة غير ربحية في مجال العلوم البحرية، ومؤلف مشارك في التقرير، إنها "الطريقة الأكثر أماناً لصيد أسماك القرش" ولا تسبب أضراراً طويلة المدى.

قام الباحثون بعد ذلك بلف الحيوانات لتثبيتها على الكاميرات في عملية شبّهها شيبلي بعملية "طاقم حفرة ناسكار". استغرق الأمر حوالي 10 دقائق للربط على كل كاميرا برتقالية زاهية باستخدام روابط كبل قابلة للتحلل الحيوي ودوار قابل للذوبان يتم تحريره بمرور الوقت. بعد حوالي ست ساعات، تآكل الدوار في مياه البحر وطفت الحزمة بأكملها على السطح، حيث يمكن للعلماء التقاطها بسهولة.

قال ريتشارد أنسوورث، الأستاذ المساعد في جامعة سوانسي ومؤسس جمعية Project Seagrass الخيرية، إن استخدام الحيوانات البحرية بهذا الشكل يفتح "نافذة واقعية على العالم البحري"، ويمكن أن يساعد في الإجابة عن أسئلة حول أزمات المناخ والتنوع البيولوجي. قال أونسوورث، الذي لم يشارك في الدراسة، إن رسم خرائط للأعشاب البحرية أمر حيوي. وأضاف: إذا كنا لا نعرف مكانها، فلن نستطيع حمايتها.

تعتبر الأعشاب البحرية مشاتل مهمة ومناطق تغذية للعديد من الأنواع البحرية، فهي تدعم مصايد الأسماك التجارية وتوفر حاجزاً ضد تآكل السواحل. كما أنها مصدر مهم لـ "الكربون الأزرق"، حيث تحبس وتخزن كميات هائلة من الكربون في قاع البحر، ما يجعلها أداة حيوية في التخفيف من أزمة المناخ.

ومع ذلك، فهي مهددة من قبل مجموعة متنوعة من العوامل بما في ذلك القوارب والشحن والتنمية الساحلية والطقس القاسي بشكل متزايد. تفقد الكرة الأرضية والمحيطات ما مقداره حوالي 7% من الأعشاب البحرية على مستوى العالم كل عام. حيث فقدت المملكة المتحدة حوالي 90% تقريباً من مروج الأعشاب البحرية على مدى القرون القليلة الماضية.

يأمل الباحثون أن يؤدي اكتشافهم إلى حماية أفضل للأعشاب البحرية ليس فقط في جزر الباهاما - المهددة بالتجريف من أجل التنمية الساحلية بالإضافة إلى عمليات استخراج الأراجونيت - ولكن أيضاً في جميع أنحاء العالم. قال شيبلي إن الأعشاب البحرية والنظم البيئية الساحلية الأخرى هي "على الأرجح واحدة من أفضل الحلفاء والأصول التي نمتلكها من حيث المحاولة الطبيعية للتخفيف من آثار تغير المناخ".

ويتوقع أنه سيكون هناك العديد من المشاريع الأخرى في شراكة مع الحيوانات البحرية لرسم خرائط لموائل المحيطات. "سيأخذنا شركاؤنا الجدد إلى أماكن جديدة لم نكن نعلم بوجودها".

----

بقلم: لورا باديسون

المصدر: The Guardian