تشير الدراسات العالمية إلى أن واحدة من كل ثماني سيدات معرضة للإصابة بسرطان الثدي، المرض الأكثر انتشاراً حول العالم. ولكن بالمقابل هناك دراسات كثيرة تشير إلى أن الممارسات الصحية تخفض من احتمال تشكل السرطان أو تساعد على الاستشفاء منه والحفاظ على صحة وجمال الثدي.

هذا بشكل عام، ولكن ماذا تقول الدراسات المحلية وكيف كانت نتائج الحملة الوردية في سورية؟ بداية ووفقاً للرابطة السورية لأمراض الثدي، إن سرطان الثدي يشكل 40% من السرطانات المسجلة عند النساء في إحصائية عام 2020. ولهذا تطلق سنوياً الحملة الوردية في شهر تشرين الأول للتوعية بالكشف المبكر عن سرطان الثدي لتشجيع النساء على إجراء الفحوصات والكشف المكبر عن الإصابة به، وهي الحملة التي شملت غالبية المحافظات السورية وارتبطت بمراكز دائرة الصحة الإنجابية بوزارة الصحة.

90% نسب الشفاء

تتحدث الدكتورة ألاء عرقسوسي رئيسة دائرة الصحة الإنجابية بوزارة الصحة عن برامج الدائرة وتبين أن خدمات الصحة الإنجابية متوفرة طوال السنة وليست حكراً على يوم أو على الشهر الوردي، وإنما خلال هذا الشهر يتم تكثيف الجهود حول أهمية التوعية والكشف المبكر نظراً للانتشار الكبير لهذه السرطان في سورية. ولهذا فإن أهم الخدمات التي يقدمها البرنامج هي خدمات ما بعد الولادة وخدمات تنظيم الأسرة والكشف المبكر عن الأمراض ومعالجتها وخاصة الأمراض المنقولة عن طريق الجنس، وأيضاً الكشف المبكر عن أمراض الثدي وهما أمران أساسيين لهما علاقة بالأنثى (ورم عنق الرحم وسرطان الثدي).

حملة للكشف المبكر عن السرطان

وأشارت عرقسوسي إلى برنامجين أساسيين، الأول يتعلق بسرطان عنق الرحم وإحالة السيدات عالية الخطورة إلى المراكز والمشافي المختصة. والثاني يتعلق بخدمات الكشف المبكر عن سرطان الثدي بالتركيز على موضوع التوعية وتعليم السيدات الفحص الذاتي وفحص الثدي السريري. ولفتت إلى أن الكشف المبكر يجعل الإنذار أحسن، حيث تصل نسبة الشفاء إلى فوق الـ 90% ومن الممكن أن تصل إلى 95%.

وقائع وأرقام

واقع السرطان وفقاً لتقرير منظمة الصحة العالمية في آذار لعام 2022، هو أحد الأسباب الرئيسية للوفاة في العالم، وخلال عام 2020 تم إزهاق أرواح 10 ملايين شخص نتيجة السرطان. وللأسف الشديد فقد تمت ملاحظة أن 30% من هذه الوفيات كان بسبب نمط الحياة غير الصحية الذي تتبعه السيدات. وهذا الموضوع جزء من الموضوعات التي تركز عليه خدمات الحملة الوردية وهو التركيز على أهمية نمط الحياة الصحية. كما لاحظوا أن حالات العدوى المسببة للسرطان قي التهاب الكبد كانت مسؤولة عن 30% من حالات السرطان وبالتالي منظومة الكشف المبكر لها دور كبير لكي يكون العلاج أفضل.

وعلى الرغم من أن تقارير منظمة الصحة العالمية تشير إلى أن هناك 6 أنواع سرطان هي الأكثر انتشاراً على مستوى العالم ويسجل سرطان الثدي الدرجة الأولى حتى عام 2020 من حيث نسب الانتشار إذ يمكن أن تصاب به سيدة من بين 8 سيدات، وهذا ضمن فترة عمرها الكامل حتى تصل إلى عمر 90 سنة، ولكن بفضل برامج التوعية والكشف المبكر أصحبت في الوقت الحالي تصاب به سيدة من بين كل 12 سيدة. هذا ما تضمنته أحد الدراسات لمديرية الأمراض السارية في وزارة الصحة السورية التي تمت عام 2019 على عينة كبيرة. كما أوضحه أيضاً السجل الوطني للسرطان في سورية، حيث شكل سرطان الثدي نسبة 32% بين الأورام المسجلة ضمن السجل عند السيدات، بينما عند الرجال كانت نسبة سرطان الرئة 18% ضمن نفس العينة وللعام نفسه.

أحدث النتائج

تبين رئيسة دائرة الصحة الإنجابية بوزارة الصحة: أن خدمات الكشف المبكر عن سرطان الثدي متواجدة في وزارة الصحة وأصبح الجميع يعرفها، وأولها توعية السيدات حول عوامل الخطورة وتوعيتهم في كيفية إجراء الفحص الذاتي للثديين، ومتى يتم القيام به، ومتى يجب على السيدة القيام بالفحص السريري، وحول طرق التقصي وتقديم الخدمات التي هي متوفرة طيلة أيام السنة بشكل مجاني. مشيرة إلى وجود كادر صحي مدرب ومؤهل، ووجود تجهيزات كاملة من تصوير شعاعي وتصوير إيكو، ووحدات عناية بالثدي في غالبية المحافظات. كما أن عملية التدريب مستمرة ويرافقها توثيق للداتا وفقاً لنظام معلومات خاص بالصحة الإنجابية.

وأوضحت عرقسوسي أنهم توصلوا إلى داتا خاصة بسرطان الثدي خلال الحملات التي أقيمت في عام 2017 و2018 و2019 و2021 إضافة إلى الداتا الخاصة بحملة عام 2022 للأسبوع الثالث في عدة محافظات. وقد تم التوصل إلى نسبة كبيرة من خدمات فحص الثدي ضمن الأسابيع الثلاثة الأولى من الحملة والتي تمت ضمن المراكز الصحية وفي بعض الجولات الميدانية للمراكز المتنقلة، وكان الدور الأكبر للحسكة حيث سجلت أكبر خدمة فحص ثدي ومن بعدها طرطوس واللاذقية. وأكثر السيدات اللواتي تم إجراء فحص ثدي لهن كنّ من عمر أقل من 40 سنة. وعليه وصل عدد خدمات فحص الثدي إلى 417121 خدمة، وعدد خدمات تصوير الثدي الشعاعي الماموغرافي 13925 وعدد خدمات الفحص بالأمواج فوق الصوتية الإيكوغرافي 5374.

دليل شامل

اهتمام ملحوظ حول سرطان الثدي خلال السنوات الأخيرة مترافق مع حملات الشهر الوردي، ومنها دليل شامل يجيب عن أهم الأسئلة التي يمكن طرحها بخصوص سرطان الثدي من حيث كيف يتشكل، وما هي أعراضه، وهل هو مرض وراثي، وما دور حبوب منع الحمل أو مزيلات التعرف في حدوثه، وهل هناك صلة بين عمليات تجميل الثدي وحدوثه، وما هو الماموغراف؟ وطبعاً ذلك يأتي ضمن المنشورات التوعية المخصصة للحملة التي يتم إطلاقها سنوياً من قبل وزارة الصحة والتي تصل إلى غالبية المحافظات والمناطق السورية للتوعية حول الكشف المبكر والاهتمام بالصحة.