إن أهم مخرج بالنسبة إلى المحاسبين، هو التقرير المالي الذي تنشره الشركات في نهاية كل عام، وبالتالي فالمصارف هي أكبر كتلة مالية في الأسواق، وعليه يتم قياس جودة التقرير المالي الذي تخرجه هذه الشركات، من خلال قياس ملاءمة قيمة المعلومات المحاسبية المتمثلة بربحية السهم والقيمة الدفترية لحقوق الملكية والتدفقات النقدية التشغيلية.

هناك أبحاث كثيرة اهتمت في الآونة الأخيرة بقياس ملاءمة القيمة للمعلومات المحاسبية، والتي تعتبر أول خاصية من الخصائص الأساسية في مفهوم المحاسبة، وفقاً لما أكدته الباحثة سجى هاشم طالبة الماجستير بجامعة تشرين في بحثها حول اختبار أنموذج أولسون المعدل للتدفقات النقدية في سوق دمشق للأوراق المالية، والذي تم اختياره من بين العديد من الأبحاث الناجحة في هذا المجال.

ملاءمة القيمة

يعتمد البحث على دراسة الارتباط بين ثلاثة متغيرات مستقلة، هي ربحية السهم، والقيمة الدفترية، والتدفقات النقدية التشغيلية للسهم الواحد، وذلك بعد ضبط مجموعة من المتغيرات المتمثلة بالحجم والرافعة المالية ونسبة النمو للسهم، وذلك لقياس ملاءمة القيمة للمعلومات المحاسبية بما يساعد المستثمر على اتخاذ قراره انطلاقاً من المعلومات الملائمة التي تساعده في الشراء أو البيع أو الاحتفاظ بسعر السهم. تشير الهاشم إلى أن البحوث المتعلقة بملاءمة قيمة المعلومات الخاصة بالمحاسبة، لفتت انتباه كل من الممارسين والأكاديميين منذ بداية الأزمة المالية العالمية والتداعيات الخطيرة للانهيار العالمي الذي أصاب المؤسسات المالية على مستوى العالم، ومن ثم التراجع في الأسواق المالية والأسهم في البلدان العربية ومنها سورية؛ حيث تبحث دراسات ملاءمة القيمة في العلاقة التجريبية بين القيم السوقية للأوراق المالية والأرقام المحاسبية المختلفة، بغرض تقييم منفعة هذه الأرقام في تقييم حقوق الملكية.

سوق دمشق للأوراق المالية

منهجية معتمدة

تبحث الدراسة في اختبار ملاءمة قيمة الربحية والقيمة الدفترية والتدفقات النقدية التشغيلية لأسهم الشركات المدرجة في سوق دمشق للأوراق المالية، باستخدام أنموذج أولسون المعدل، بهدف تقديم دليل تجريبي إضافي عن قدرة أنموذج أولسون المعدل على تفسير التغيرات في أسعار الأسهم للمصارف المدرجة في سوق دمشق. وقد أوضحت الباحثة سجى أنه تم اتباع استراتيجية المسح باستخدام أسلوب الحصر الشامل والبيانات الثانوية الكمية المستمدة من التقارير السنوية للمصارف المتوفرة على الموقع الرسمي لهيئة الأوراق المالية السورية، ومن نشرات التداول الشهرية المتوفرة على الموقع الرسمي لسوق دمشق للأوراق المالية السورية. ويتمثل مجتمع الدراسة من المصارف المدرجة في دمشق، وهي عبارة عن 14 مصرفاً للفترة الممتدة من عام 2011 حتى 2020 وتم استبعاد المصارف الإسلامية، وذلك لعدم توافر نشرات التداول الشهرية لها. وتم إجراء الاختبارات الإحصائية باستخدام برنامج الحزمة الإحصائية للعلوم الاجتماعية لتحليل البيانات باستخدام أنموذج أولسون.

تبين الباحثة سجى أن المتغير التابع لأنموذج أولسون المعدل، هو متوسط سعر السهم الذي سيتم استخدامه لقياس قيمة السهم، لعكس المعلومات المحاسبية في القوائم المالية نهاية الفترة السابقة، ثم يتم احتساب متوسط سعر السهم للأشهر الثلاثة الأولى من السنة ،أن الشركات المدرجة في سوق دمشق للأوراق المالية تنشر تقاريرها المالية خلال الأشهر الثلاثة الأولى من السنة التالية لسنة التقرير المالي. أما المتغيرات الأخرى، فهي المتغيرات الضابطة، ومنها الحجم؛ حيث يعتبر أحد المتغيرات التي يمكن أن تؤثر على قيمة الشركة ويقاس باستخدام لوغاريتم إجمالي. ومنها أيضاً الرافعة المالية، ولها عدة مقاييس، أهمها: إجمالي الالتزامات، وإجمالي حقوق الملكية.

آلية الأنموذج المعدل

يهتم الباحثون في مجال ملاءمة القيمة بدراسة كيفية تأثير المعلومات المحاسبية على القيم السوقية للأسهم، وذلك من خلال دراسة ما إذا كان جزء معين من المعلومات المحاسبية يرتبط معنوياً مع القيمة السوقية للسهم، ويمكن الإجابة عنه من خلال دراسة مستوى المعنوية لمعاملات الانحدار أو دراسة مقدار المعلومات المحاسبية التي تفسر التباين في قيم الأسهم. وعادة ما تختبر هذه المسائل باستخدام تحليل الانحدار، ويمكن الإجابة عنه من خلال دراسة القوة التفسيرية لأنموذج الانحدار. ووفقاً للباحثة فإن معامل التباين في تحليل الانحدار يقيس القوة التفسيرية أو ببساطة نسبة التباين في المتغير التابع الذي يفسره المتغير المستقبلي. وعليه فقد تم اختيار المجتمع الإحصائي للبحث ومحدداته من خلال سوق دمشق للأوراق المالية الذي يضم 14 مصرفاً مدرجاً في السوق، بينها 3 مصارف إسلامية تم استبعادها من المجتمع الإحصائي للدراسة الحالية، لأن أغلبها قد تم إدراجه في السوق في عام 2014 وفترة الدراسة الحالية تمتد من عام 2011 لغاية 2020، وبناء على ما سبق تم اختبار الأنموذج على 11 مصرفاً في هذه السوق.

النتائج والتوصيات

تبين الهاشم مما سبق أن أنموذج أولسون المعدل بالتدفقات النقدية التشغيلية ربحية السهم والقيمة الدفترية لحقوق الملكية والتدفقات النقدية التشغيلية ملائمة لتفسير التغيرات في أسعار الأسهم للمصارف المدرجة في سوق دمشق للأوراق المالية. وهذه النتيجة تتفق مع الدراسات التي تقول إن ملاءمة القيمة تتأثر بمتغيرات الضابطة (حجم الشركة والرافعة المالية ونسبة النمو للسهم الواحدة)، وتكون ملائمة للقيمة الربحية للسهم والقيمة الدفترية لحقوق الملكية والتدفقات النقدية التشغيلية معاً بشكل أعلى، بعد استبعاد تأثير المتغيرات الضابطة. وبالتالي فإن هناك تحسناً ملحوظاً في فترة الأنموذج. وعليه توصي الباحثة بضرورة إعادة اختبار الأنموذج وقياس ملاءمة المعلومات المحاسبة في فترات لاحقة، وإجراء المقارنات بين فترتي قبل الأزمة السورية وبعد الأزمة، وضرورة إجراء المقارنات بين سوق دمشق للأوراق المالية والأسواق العربية الأخرى من حيث ملاءمة قيمة المعلومات المحاسبة.