نعلم جميعاً أن غاز الفريون المستخدم في البرادات ومكيفات الهواء، هو العدو اللدود الأول لطبقة الأوزون، وفي محاولات العلماء لتخفيف آثاره المدمرة على هذه الطبقة التي تحمي الكوكب من الإشعاعات الضارة، وجدوا نهجاً جديداً رائعاً للتبريد يمكن أن يحل محل المواد الكيميائية الضارة.

تستخدم الطريقة الجديدة الملح والمذيب العضوي لتغيير نقطة انصهار المادة. فقد طور العلماء في مختبر لورانس بيركلي الوطني وسيلة جديدة محتملة للتبريد البديل: التبريد الأيوني. حيث تتضمن هذه الطريقة استخدام ذرات أو جزيئات (أيونات) مشحونة كهربائياً تغير درجة انصهار مادة صلبة، في عملية تشبه إلى حد بعيد إضافة الملح إلى الطرق قبل أن تغير عاصفة شتوية كيفية تشكل الجليد. استخدموا في تجربتهم في إثبات المبدأ مادة الملح المصنوع من اليود والصوديوم إلى جانب مذيب عضوي بهدف تحقيق تبريد موفر للطاقة، وفقاً لورقة بحثية حديثة نُشرت في مجلة Science.

قال المؤلف المشارك درو ليلي: إن طبيعة المبردات مشكلة لم يتم حلها، حيث لم ينجح أحد حتى الآن في تطوير حل بديل يجعل الأشياء باردة، ويعمل بكفاءة ، وبطريقة آمنة، ولا يضر بالبيئة. نعتقد أن الدورة الأيونية لديها القدرة على تلبية كل هذه الأهداف، إذا تم تحقيقها بشكل مناسب.

هناك تاريخ طويل من العلماء الذين يبحثون عن بدائل أفضل للتبريد، بما في ذلك ثلاجة صممها الفيزيائيان ألبرت آينشتاين وليو تسيلارد. حدث الدافع لتعاون الرجلين في عام 1926، عندما أبلغت الصحف عن وفاة مأساوية لعائلة بأكملها في برلين بسبب أبخرة الغاز السامة التي تسربت في جميع أنحاء المنزل أثناء نومهم - نتيجة كسر ختم الثلاجة. كانت مثل هذه التسريبات تحدث بوتيرة تنذر بالخطر، حيث استبدل المزيد من الناس صناديق الثلج التقليدية بالثلاجات الميكانيكية الحديثة، والتي اعتمدت في ذلك الوقت على الغازات السامة مثل كلوريد الميثيل والأمونيا وثاني أكسيد الكبريت كمبردات. تأثر آينشتاين بشدة بالمأساة، وأخبر تسيلارد أنه يجب أن يكون هناك تصميم أفضل.

ركز آينشتاين وتسيلارد اهتمامهما على ثلاجات الامتصاص، حيث يتم استخدام مصدر حرارة - في ذلك الوقت، لهب غاز طبيعي - لدفع عملية الامتصاص وإطلاق المبرد من محلول كيميائي، بدلاً من الضاغط الميكانيكي. تم تقديم نسخة سابقة من هذه التكنولوجيا في عام 1922 من قبل المخترعين السويسريين، ووجد تسيلارد طريقة لتحسين تصميمهم، بالاعتماد على خبرته في الديناميكا الحرارية. قاد مصدر الحرارة الخاص به مزيجاً من الغازات والسوائل من خلال ثلاث دوائر مترابطة: الأمونيا المضغوطة والبيوتان والماء، من دون الحاجة إلى الكهرباء لتشغيل الجهاز (اعتماداً على اختيارك لمصدر الحرارة) وعدم وجود أجزاء متحركة.

يحتوي أحد الجوانب على قارورة مملوءة بالبيوتان (المبخر)، والتي تم حقنها بواسطة بخار جديد (الأمونيا) فوق البوتان مباشرة، ما أدى إلى إنشاء هذا التفاضل المهم للغاية. سيؤدي ذلك إلى تقليل درجة حرارة الغليان، ومع غليان الماء السائل، سوف يستنفد ويستهلك الطاقة من محيطه، ما سوف يؤدي إلى تبريد المقصورة في هذه العملية. لم يصبح مفهوم ثلاجة آينشتاين وتسيلارد أبداً منتجاً تجارياً ولم يحقق أي انتشار، ظل حبيس المتبرات لعقود. فقد أثبت إدخال غاز التبريد غير السام، الفريون، في عام 1930 أنه أكثر اقتصاداً.

لكن الفريون ومركبات الكربون الهيدروفلورية الأخرى المستخدمة في ثلاجات اليوم تنتج انبعاثات تساهم في الاحتباس الحراري. لهذا السبب هناك اهتمام كبير باستكشاف ما يسمى بدائل التبريد "السعرات الحرارية"، والتي يتم فيها التلاعب بالمواد الصلبة عن طريق قوى مغناطيسية أو كهربائية أو ميكانيكية لجعلها تمتص الحرارة أو تطلقها. وقد وجد العلماء أن هناك عدة طرق مختلفة لتحقيق ذلك. إنها تشبه إلى حد كبير دورة كارنو (المبدأ الأساسي الكامن وراء الثلاجات)، حيث تستبدل الزيادات والنقصان في الضغط بالزيادات والنقصان في المجالات المغناطيسية أو الكهربائية أو الطاقة الميكانيكية. على سبيل المثال، يستغل التبريد المغناطيسي مبدأ التأثير المغناطيسي؛ حيث ترتفع درجة حرارة مادة التبريد عند تطبيق مجال مغناطيسي، ما يؤدي إلى إعادة امتصاص هذه الحرارة عند إزالة هذا المجال المغناطيسي.

التأثير الكهربي هو أيضاً مرشح لتبريد السعرات الحرارية، وكذلك المحركات الحرارية الصوتية. في الواقع، في عام 2004، احتفل متجر آيس كريم بن وجيري في مدينة نيويورك بيوم الأرض من خلال الكشف عن أنموذج أولي لـ "مبرد حراري صوتي" باستخدام الموجات الصوتية بدلاً من ضغط البخار. إن التأثير الأساسي للموجات الصوتية معروف منذ أكثر من 100 عام منذ أن لاحظ نافخو الآلات الموسيقية الزجاجية في القرن التاسع عشر أن النغمات تولدت عن طريق المصابيح الزجاجية الساخنة المتصلة بأنبوب بارد؛ حيث تنتقل الموجات الصوتية عن طريق ضغط وتوسيع الغاز (الهواء) الذي تتولد فيه. ويمكن استخدام هذه الطاقة الميكانيكية لتبريد وتسخين أكوام الصفائح المعدنية في مسار الموجة الصوتية. البعض يصبح أكثر سخونة، والبعض الآخر يصبح أكثر برودة، والنتيجة هي أن الاختلاف الحرج في درجات الحرارة هذه، سوف يؤدي إلى طاقة قابلة للاستخدام. تؤدي إضافة اثنين من المبادلات الحرارية إلى إنتاج غرفة تبريد.

أما التبريد الأيوني فإنه يتخذ نهجاً مختلفاً، وذلك عن طريق استخدام الأيونات بشكل أساسي لإحداث تغيير في طور المادة من الحالة الصلبة إلى الحالة السائلة. يؤدي تطبيق تيار كهربائي إلى تحريك الأيونات وتغيير نقطة انصهار مادة التبريد. عندما يذوب المبرد، فإنه يأخذ الحرارة من البيئة المحيطة. تؤدي إزالة الأيونات إلى إعادة تصلب المادة وإعادة امتصاص تلك الحرارة.

يكمن الهدف في تحقيق التوازن بين إمكانات الاحتباس الحراري (GWP) لغاز التبريد، وكفاءة الطاقة للنظام، وتكلفة المعدات.

العالم الذي يقود هذه التجربة "ليلي" وشريكه في التأليف، رافي براشر، عملا أولاً على الحسابات النظرية لدورة الأيونات. كانت النتائج واعدة، مما يشير إلى أن الدورة يمكن أن تساوي أو تتجاوز كفاءة الثلاجات الغازية الحالية. ثم اختبروا النظرية بتجربة باستخدام الملح وكربونات الإيثيلين، التي توجد عادة في بطاريات الليثيوم أيون. قال ليلي: هناك احتمال لوجود مبردات ليست فقط ذات قدرة احترار عالمي صفرية، ولكنها سلبية في إحداث الاحترار العالمي أيضاً. يمكن أن يكون استخدام مادة مثل كربونات الإيثيلين في الواقع ذا أثر إيجابي على وجود الكربون في طبقات الجو، لأنك تنتج كربونات الإيثيلين باستخدام ثاني أكسيد الكربون كمدخل، ما يمنحنا مكاناً لاستخدام ثاني أكسيد الكربون واحتجاز الكربون، بدل إطلاقه في الجو.

في تجربتهما الأولى، حقق ليلي وبراشر تغيراً في درجة الحرارة بمقدار 25 درجة مئوية، وهو ما تطلب أقل من فولت واحد لتحقيقه. يعد هذا الإنجاز تحسناً كبيراً عن بدائل السعرات الحرارية الأخرى للتبريد. يعني تغيير طور مادة التبريد من الحالة الصلبة إلى السائلة أيضاً، إمكانية ضخها عبر النظام، ما يسهل إزالة الحرارة أو إعادتها.

تتمثل الخطوة التالية في تطوير أنموذج أولي بناءً على طلبهما للحصول على براءة اختراع مؤقتة. يتوقع المؤلفون التطبيقات المحتملة في تسخين المياه أو التدفئة الصناعية، وكذلك التبريد. قال براشر: لدينا هذه الدورة الديناميكية الحرارية الجديدة تماماً وإطار العمل الذي يجمع عناصر من مجالات مختلفة، وقد أظهرنا أنه يمكن تحقيق هذا الهدف. "حان الوقت الآن لإجراء التجارب لاختبار مجموعات مختلفة من المواد والتقنيات لمواجهة التحديات الهندسية".

----

بقلم: جينيفر أويليت

ترجمة عن موقع: Ars Technica