يمكن أن تحفز المقاومة للأمراض بواسطة أنواع معينة من المسببات المرضية أو غيرها من المعاملات، بحيث أن النبات المحرض قادر على مقاومة الإصابة بمسببات الأمراض الشرسة وغيرها من الآفات، بسبب تعزيز القدرة على التعبير عن الدفاعات بسرعة ضد العدوى، وفي بعض الحالات زيادة في الدفاعات التي تم التعبير عنها في الاستجابة لمعاملات التحريض.

تحفيز مقاومة المحاصيل للأمراض من أهم المواضيع المطروحة حالياً في الزراعة، وفقاً لما أكده الأستاذ الدكتور أحمد محمد مهنا من كلية الزراعة بجامعة دمشق في مشروعه البحثي تحت عنوان: "اختبار كفاءة الكائنات الدقيقة في تحسين مقاومة وإنتاجية محاصيل القمح والشعير والعدس والذرة"، والذي حصل على تمويل واستحسان ضمن مجموعة الأبحاث التي تم التعاقد عليها في الهيئة العليا للبحث العلمي. إذ يهدف هذا المشروع إلى تحسين توافر المواد المغذية للنباتات وزيادة مقاومة النبات للعديد من المسببات المرضية والإجهادات غير الحيوية كالجفاف وزيادة ملوحة التربة. خاصة بعد أن تبين خلال العقدين الماضيين أن استخدام سلالات بكتيرية Plant Growth Promoting Rhizobacteria PGPR وفطرية Plant Growth Promoting Fungi PGPF من أجل الزراعة المستدامة قد زاد بشكل كبير في أجزاء مختلفة من العالم. وقد تم الإبلاغ عن زيادة كبيرة في نمو وإنتاجية المحاصيل المهمة رداً على التلقيح مع PGPRو PGPF مراراً وتكراراً.

دواع بحثية

يوضح الدكتور مهنا دواعي مشروعه انطلاقاً من اعتماد الزراعات في تغذيتها ومكافحة أمراضها على استخدام الكثير من الأسمدة المعدنية والمبيدات الكيميائية، والتي لها أثار سلبية متعددة سواء على البيئة أو الإنسان، إضافة إلى تكلفتها العالية، في الوقت الذي يتوجه العالم نحو الزراعة النظيفة. وكذلك بسبب الارتفاع الكبير لأسعار المنتجات الزراعية الغذائية والعلفية عالمياً ومحلياً. كما أن هناك اتجاه جدي نحو تخفيف تكاليف الإنتاج وزيادة الإنتاجية بالتوافق مع الزراعة النظيفة، نتيجة الأضرار التي ألحقها الاستخدام الكثيف للمركبات الكيميائية، إضافة إلى أنه يوجد على مساحة الوطن العربي العديد من المحاصيل الاستراتيجية والتي لها أدوار اقتصادية هامة في الدخل القومي والأمن الغذائي والتي لا بد من العمل على تخفيض تكاليف إنتاجيتها وزيادة الإنتاجية، خاصة في ظل الظروف المناخية الجديدة وشح الأمطار وما رافقه من أزمة غذائية تزداد يوماً بعد يوم، وهذا دافع كبير لتضافر الجهود للحد من هذه الأزمة والوصول إلى الاكتفاء الذاتي كحد أدنى.

الدكتور أحمد محمد مهنا

أهداف مُلحة

لا توجد دراسات محلية كافية حول تأثير فطر البيري مع بعض أنواع السلالات البكتيرية على المحاصيل والأشجار المثمرة في وقايتها وزيادة إنتاجيتها مع تطبيق تلك الكائنات الدقيقة، وكذلك ما هو الأثر المتبقي لها على المحاصيل اللاحقة في الدورة الزراعية. ويرى الباحث أنه لا بد من التقليل من استخدام الأسمدة والمبيدات ضمن برامج التسميد والوقاية، وزيادة مقدرة النبات على تحمل الجفاف ومقاومة ملوحة التربة، حيث تشير العديد من الدراسات الحديثة إلى كفاءة هذا الأسلوب في ذلك. ولا بد من الحد من ارتفاع الأسعار الناجمة عن زيادة تكلفة الإنتاج وزيادة دخول المزارعين من خلال تبني هذا الأسلوب في الوقاية والتسميد، والمساهمة في تحقيق المزيد من الاستقرار في المجتمعات العربية من الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية، ودعم البحث العلمي في مجال المقاومة المحرضة والبحث عن كائنات أخرى من البيئة المحلية من أجل توفير مصادر متنوعة من هذه الكائنات الدقيقة واختبارها على أنواع نباتية مختلفة ضمن بيئات متنوعة. والعمل على معرفة الأثر المتبقي لهذه الكائنات في التربة من حيث تحسين خواص التربة وأثرها على المحاصيل اللاحقة في الدورة الزراعية.

بين العام والخاص

يتلخص البحث في تحسين وقاية النبات وبشكل خاص المحاصيل الاستراتيجية من الأمراض والآفات التي تصيبها وتهدد نموها وزيادة تحملها للجفاف والملوحة، إضافة إلى العمل على تحسين إنتاجيتها من خلال دور هذه الكائنات الدقيقة في تحسين خصوبة التربة. أما الأهداف الخاصة، وفقاً للدكتور أحمد مهنا، فهي: اختبار كفاءة الـ BTH في وقاية محصولي القمح والشعير وتحسين إنتاجيتهما وتقسية فسائل النخيل، واختبار كفاءة السلالتين البكتيريتين Pseudomonas chlororaphis MA342 و Bacillus subtillis FZB27 في وقاية محصولي القمح والشعير وتحسين إنتاجيتهما، واختبار كفاءة فطر البيري في وقاية محصولي القمح والشعير وتحسين إنتاجيتهما، واختبار كفاءة مزائج من المعاملات الحيوية المختبرة والتحري عن تأثيرها التضافري، ودراسة المفعول طويل الأمد للكائنات المختبرة.

أساليب حديثة للوقاية

ووفقاً لما أكده الباحث، فإن الأهمية الاقتصادية للمشروع تنبع من وقاية وتحسين إنتاجية العديد من المحاصيل الغذائية والعلفية والأشجار المثمرة، وذلك ضمن ظروف الإجهادات الحيوية واللاحيوية مع انخفاض قيمة التكلفة التطبيقية. فهو يشكل مساهمه حديثة في تطوير أساليب الوقاية وتحسين إنتاجية العديد من المحاصيل وفي إنتاج فسائل من النخيل مقاومة للإجهادات الحيوية واللاحيوية، وسيساهم في التغلب على الصعوبات في نقل التكنولوجية الحديثة في وقاية النبات، في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها المنطقة العربية، والتي تحتاج لمزيد من العمل للوصول إلى الاكتشافات والاستنباطات العلمية التطبيقية ذات التأثير المباشر وغير المباشر في زيادة الإنتاجية. وأشار الباحث إلى الناحية التطبيقية التي ستساعد المزارع على إيجاد طرق تمكنه من تطبيق هذا الأسلوب بسهولة، عن طريق تغليف البذور بالكائنات الدقيقة التي تثبت كفاءتها وإنتاج هذه الكائنات على شكل دقائق صغيرة سهلة الاستخدام.

ثقافة زراعية

يتوقع الباحث أن تكون نتائج المشروع إيجابية تماماً من حيث زيادة الإنتاجية ووقاية المحاصيل المدروسة من خلال نشر وتوطين ثقافة استخدام الكائنات الدقيقة بعد تحديد التراكيز الأفضل والفترات الأمثل والطرق الأسهل لكل محصول لتطبيقها من قبل المزارعين. وهذا بدوره سيهسم بشكل كبير في تقليل تكاليف الإنتاج، ويخفف من استيراد المبيدات والأسمدة الكيماوية والتوفير في استخدامها، وبالتالي سيسهم في زيادة الإنتاج والحد من الفجوة الغذائية ورفع دخل المزارعين وزيادة في الناتج المحلي، ما ينعكس إيجاباً على الدخل القومي والمستوى الاجتماعي والصحي.

متابعة وتقييم

نظراً لما يحققه المشروع من تخفيض تكاليف الإنتاج وزيادة دخل المزارع بما ينعكس بشكل مباشر على الحياة الاجتماعية والصحية والتعليمية على المجتمع ككل، هناك متابعة وتقييم له من قبل الفريق العلمي المؤلف لهذا المشروع ولكل محصول، وتقييم نتائج كل تجربة مخبريه وحقلية كل على حدة في نهاية كل سنة، وسيتم نشر نتائج جميع الأبحاث في مجلات عربية ودولية محكمة.