يشغل القطاع الزراعي ركناً أساسياً في بناء الاقتصاد الوطني، وهو عامل أساسي في الدخل القومي. من هذا المنطلق تم إحداث وافتتاح المعهد العالي الزراعي بالمرسوم رقم 254 في عام 1960 بهدف إيجاد اختصاصات في الدراسات الزراعية ذات طابع علمي تتماشى مع تطورات القطاع الزراعي، وبعدها بثلاثة أعوام أحدثت كلية الزراعة بالمرسوم التشريعي رقم 84 لتكون واحدة من كليات جامعة دمشق العريقة، لتحل محل المعهد بهدف إعداد مهندسين زراعيين مؤهلين تأهيلاً علمياً زراعياً صحيحاً والقيام بأبحاث زراعية تطبيقية في مختلف ميادين العمل الزراعي.

تطورت كلية الزراعة شأنها شأن جميع الكليات، بشكل ملحوظ وخاصة بعد الحركة التصحيحية؛ حيث افتتحت مبانٍ جديدة للكلية في منطقة أبي جرش عام 1973 بعد أن جهزت المخابر اللازمة للعملية التدريسية والبحوث العلمية، وأصبحت المحاضرات النظرية جميعها ومعظم التطبيقات العلمية والمخبرية في المقر الجديد والمزرعة المحيطة به، بعد أن كانت تجري في المقر القديم في منطقة خرابو (غوطة دمشق).

يبين الدكتور أحمد هدال عميد الكلية أنه وبعد عام 1970 شهدت الكلية تطوراً ملحوظاً في عدد أعضاء الهيئة التدريسية من 7 أعضاء إلى 159 عضواً في الوقت الحالي، إضافة إلى التطور الكبير في المخابر والأبنية والمزارع واستخدام التقانات الحديثة في العملية التعليمية في ظل مسيرة التطوير والتحديث.

كلية الزراعة

العيد الذهبي

احتفلت كلية الزراعة بعيدها الذهبي بتاريخ 2014 وهذا يعني أن عمرها حالياً مئة وستة أعوام، حققت خلالها الكثير من التقدم العلمي والبحثي والخدمي من خلال كوادرها وخريجيها ضمن رؤيتها في تطوير المجالات الزراعية المختلفة مع تعزيز قدرة الطالب على التعلم الذاتي والبحث العلمي التطبيقي الهادف لتكون الكلية مصدراً للكفاءات من الخرجين والباحثين القادرين على المنافسة إقليمياً وعالمياً ومؤهلة لمسايرة حاجات سوق العمل وتحقيق التنمية الزراعية المستدامة والآمن الغذائي والمائي والحيوي.

الرسالة

تهدف الكلية إلى توفير بنية تحتية مادية قادرة على توفير بيئة فعالة وجذابة تسهل التعليم والبحث لأعضاء الهيئة التعليمية والطلاب. لهذا فإن رسالتها، حسب الدكتور هدال، هي الإسهام في التنمية الزراعية المستدامة وخدمة المجتمع بما يلبي حاجات التنمية الزراعية وسوق العمل، وتهيئة بيئة للتميز في البحث العلمي، وتعميق المعرفة ونشرها، وتقديم الخدمات الاستشارية، وتبادل الخبرات، والتواصل مع الشركاء، وتلك بإعداد المتخصصين في مجالات العلوم الزراعية المختلفة القادرين على التعلم الذاتي والمؤهلين علمياً وعملياً للمنافسة في سوق العمل. فهي تخرج سنوياً مئات الطلبة، فعلى سبيل المثال وصل عدد الخريجين لعام 2021 -2022 إلى 3951 طالباً وطالبة. وعدد طلاب الدراسات العليا في الماجستير الأكاديمي لنفس العام 384 طالباً وطالبة قديم، و69 حديث.

ولفت الدكتور هدال إلى أن الكلية تجري الأبحاث العلمية التطبيقية التي تسهم بفاعلية في تحقيق خطة الجولة للتنمية الزراعية مع تنشيط التفاعل الإيجابي بين الكلية والمجتمع محلياً وإقليمياً وعالمياً، وتهيئة بنية جامعية ملائمة لنجاح الطالب وتطوير الأنشطة الطلابية، فقد وصل عدد الأبحاث لعام 2021 – 2022 إلى ما يعادل 63 بحثاً علمياً وهو عدد متقارب بشكل سنوي. إذ يصل عدد من هم في مرحلة الدكتور لنفس التاريخ إلى 118 طالباً وطالبة.

خصوصية علمية

هناك أمور تأخذها كلية الزراعة بعين الاعتبار، حيث تضم تخصصات علمية شاملة للقطاع الزراعي ومدة الدراسة فيها خمس سنوات، ثلاث منها جذع مشترك واثنان تخصص. وتمنح شهادة بالهندسة الزراعية بأحد عشر تخصصاً، ضمن عشرة أقسام هي قسم العلوم الأساسية؛ قسم علوم الأغذية؛ قسم وقاية النبات؛ قسم علوم البستنة؛ قسم المواد الطبيعية المتجددة والبيئة؛ قسم الهندسة الريفية؛ قسم المحاصيل الحقلية؛ قسم علوم التربة؛ قسم الإنتاج الحيواني بشعبتيه: شعبة الدواجن، شعبة المجترات؛ قسم الاقتصاد الزراعي بشعبتيه: شعبة الاقتصاد الزراعي، شعبة الإرشاد الزراعي، توازياً مع التطوير المستمر، وهناك شعبة الدواجن والمجترات وقسم الاقتصاد الزراعي. وهناك مخابر لجميع هذه الأقسام. وتحتضن الكلية في الوقت الحالي حوالي 5200 طالب وطالبة.

ونظراً لهذه الخصوصية، فإن أكبر معاناة اليوم للكلية تتعلق بتقنين الكهرباء، في الوقت الذي يحتاج فيه الطالب لمتابعة جميع الأمور العلمية بشكل عملي، فقد يمر يوم كامل لا يأخذ فيه الطلبة المحاضرات بطرق توضيحية بسبب انقطاع الكهرباء. ولعل ذلك أهم مطلب بالنسبة إلى إدارة الكلية، إضافة إلى بعض المعاناة في موضوع تحديث المخابر. فمنذ عشر سنوات لا يوجد تحديث بسبب الحصار، إلا أنها تعمل جميعها بحسب حالة الكهرباء أو المازوت والغاز.

مزارع إنتاجية

وتوجد في الكلية مزارع إنتاجية ويتم فيها إعادة الاستثمار، بحسب عميد الكلية يوجد منحلة تدريبية إنتاجية، ويوجد مبقرة ومنها الحلوب. ولهذا فإن الأبحاث تأخذ مناحي مختلفة زراعية وحيوانية ومبيدات وتربية وصناعات غذائية. وهناك دخول لأنواع جديدة من الإنتاج الحيواني ومنها مزارع الحبش، وحالياً يتم التعاون مع وزارة الزراعة والمنظمات من أجل مزارع الجمال وفقاً للتغيرات المناخية المتوقعة مستقبلاً، وعليه يتم استباق الأحداث من أجل التوجه لتربية الحيوانات الأهلية التي تتماشى مع المناطق الجافة. وأشار إلى وجود مركز مكافحة حيوانية ومركز تقانة حيوانية ضمن حرم الزراعة. كما توجد خمسة تجمعات. وتوجه الأبحاث عادة لمعالجة مشكلات تواجه الحياة العملية سواء زراعية أو صناعية أو غذائية لإيجاد حلول بحثية. على سبيل المثال غلاء المبيدات، دفع الباحثين في الكلية إلى دراسة إيجاد البدائل. وهناك مشكلات تكون رصيداً للبحث العلمي.

ويمكن القول وفقاً للدكتور هدال إن كلية الهندسة الزراعية أولت أهمية عالية للدراسات العليا والبحث العلمي، فهي تمنح درجة الماجستير في ثلاثة أنواع ( الماجستير الأكاديمي بعشرة تخصصات، ماجستير التأهيل والتخصص بالمكافحة الحيوية للآفات، وتأهيل وتخصص سلامة وحفظ الغذاء) بالإضافة إلى درجة الدكتوراه المسبوق بدرجة الماجستير الأكاديمي.

الامتحانات

تعيش اليوم كلية الهندسة الزراعية مرحلة الامتحانات للفصل الدراسي الأول كما هو الحال في كل الكليات. وعن واقع الامتحانات بيّن عميد الكلية أنه تم تجهيز البرنامج الامتحاني النهائي لطلاب المرحلة الأولى وعُمم ورقياً وإلكترونياً على الطلاب والأقسام من خلال الموقع الإلكتروني. وقد تم تجهيز القاعات الامتحانية لاستقبال ما يقارب 1550 طالباً وطالبة خلال الفترة الامتحانية الواحدة (أكبر عدد متوقع لحضور طلاب خلال فترة امتحانية واحدة) من خلال فرد طاولات وكراسي تؤمن أريحية تامة للطلاب من أجل التقدم للامتحان والتأكد من الإنارة الجيدة والتهوية لما يقارب 40 قاعة امتحانية ضمن ثلاث مراكز امتحانية، مشيراً إلى حاجة الكلية إلى 200 مراقب تقريباً (رئيس قاعة، أمين قاعة، مراقب) متمرسين في التعليمات الامتحانية والمراقبة.

وقال: يومياً وخلال فترة الامتحان (31 يوماً) تجري الامتحانات على فترتين امتحانيتين فقط، كون الكلية بعيدة عن طرق المواصلات، وخوفاً على الطلبة القاطنين في المناطق البعيدة. وتم لصق البوسترات الخاصة بالتعليمات الامتحانية على أبواب المراكز الامتحانية لتنبه الطلاب للمخالفات الامتحانية من أجل عدم الوقوع فيها. وقد تم استقدام مستلزمات العملية الامتحانية من جامعة دمشق، وتزويد قسم الامتحانات والمراكز الامتحانية منها (أوراق امتحانية تقليدي ومؤتمت، المغلفات، الصموغ..إلخ). وعليه فإن الكلية مستمرة في مسيرتها العلمية والبحثية بما يناسب تطورات المجتمع السوري.