تعد الجمعية السورية لمكافحة السل من أعرق الجمعيات السورية، فقد أشهرت عام 1953 إلا أن جذورها تمتد إلى عشرينيات القرن الماضي؛ حيث عملت منذ تلك الفترة على إنشاء مصح الشام لمرضى السل، والذي افتتح عام 1943 وليعرف لاحقاً باسم مشفى ابن النفيس وليكون باكورة إنجازاتها.

قدم الدكتور محمد حازم بقلة رئيس مجلس الإدارة، لمحة عن بدايات تاريخ الجمعية السورية لمكافحة السل والأمراض التنفسية وعن أعمالها خلال ما يقارب المئة عام من عمرها. وقال إن اسم الجمعية عدل عام 1988 ليصبح الجمعية السورية لمكافحة السل والأمراض التنفسية، وذلك بسبب الانتشار الواسع للأمراض التنفسية نتيجة التدخين وتلوث البيئة وقلة الوعي الصحي والذي شكل مناخاً مناسباً لزيادة هذه الأمراض.

وأوضح الدكتور بقلة أن الجمعية في عام 2021 شهدت ترتيباً لبيتها الداخلي والتواصل مع الجهات العامة والمنظمات المعنية بالشأن الصحي، وإعادة بناء مؤسسات الجمعية، تمهيداً لانطلاقة جديدة على أسس أكثر حداثة. فعلى الصعيد الإداري تم توسيع الهيئة العامة للجمعية من 40 عضواً إلى 57 عضواً من خلال رفدها بعدد من الخبرات والكفاءات الوطنية، وتم تحديد العقارات والأراضي الخاصة بالجمعية، وإزالة جميع التعديات عليها، بعد أن قدمت الجمعية جزءاً من عقاراتها منحة لمنظمة الهلال الأحمر في منطقة حرستا. وقد تم العمل على ترميم مستوصف الجمعية في منطقة باب السريجة والمعروف باسم مستوصف شمس الدين ابن اللبودي، والذي افتتح منذ عام 1972 ليغدو مجمعاً طبياً متكاملاً ومركزاً تثقيفياً حول السل والأمراض التنفسية. كما قاموا بإنجاز أعمال الترميم والإكساء الكامل للمركز التدريبي والتثقيفي للجمعية في حي الوعر بحمص، والذي تعرض للتخريب الكبير في الأحداث الأخيرة؛ حيث يتم استخدام قاعاته التدريبية من قبل الجمعية ومن المؤسسات والمنظمات الراغبة بإجراء دورات تدريبية ومحاضرات وورشات عمل فيه. في الوقت نفسه يتم التخطيط لتحويل مركز الجمعية في حي الدبلان بحمص إلى مستوصف خاص بالأمراض الصدرية ومكافحة التدخين.

مرض السل

طابع خاص

نظراً للعودة القوية لأمراض السل خلال السنوات الأخيرة وللتعريف بالجمعية التي تقدم خدماتها الصحية مجاناً لمرضى السل كما تقدم لهم مبالغ مالية مساعدة لهم ريثما يتم الشفاء، فقد قام مجلس الإدارة بإجراءات لإصدار طابع خاص بالجمعية بعد أن حصلوا على موافقة وزارة الصحة والمالية. وتم استحداث موقع على شبكة التواصل الاجتماعي للقيام بالتوعية حول هذا المرض القديم والمتجدد وتاريخه والمستجدات الطبية وأخبار الجمعية. كما تم إعداد قسم للمتطوعين الشباب ووضع منهج تدريبي لهم للقيام بالأنشطة التثقيفية حول التوعية بالأمراض التنفسية ومكافحة التدخين بكافة أشكاله وخاصة النرجيلة التي باتت منتشرة بشكل كبير وسط جميع الشرائح. يرافق ذلك برنامج علمي لمحاضرات توعية شهرية.

مجلة في أربعين دولة

انطلاقاً من أهمية التثقيف الصحي في مكافحة السل، قامت الجمعية السورية لمكافحة السل بإصدار المجلة التي تعنى بشكل عام بالصحة العامة، وبالأخص طرق مكافحة مرض السل الذي مع الأسف كان اسمه مرعباً جداً عبر التاريخ؛ ولكن عبر التثقيف الصحي والتصدي لهذا المرض، انخفض عدد المصابين به. فقد أكد الدكتور محمد منير أبو شعر رئيس تحرير المجلة أنهم في الجمعية يصدرون هذه النشرات الصحية، ويقومون بإعطاء كل مريض مصاب بالسل معاشاً شهرياً حتى يتم شفاؤه، وتقوم وزارة الصحة بذلك مشكورة، في الوقت الذي لا توجد دولة في العالم تقدم علاج السل مجاناً مثل سورية. لذلك وعبر التعاون بين الوزارة والجمعية تم تحجيم الإصابة بهذا المرض، بل تراجعت نسبته في كافة المحافظات، بالرغم من الحصار الجائر على سورية، وأصبح المرض في حالة انحسار.

وبيّن الدكتور أبو شعر أن هذه المجلة توزع في أربعين دولة على مستوى العالم وهي توزع مجاناً، ويكتب فيها كبار الأطباء والمختصون والكتاب من الخبرات المحلية والعربية. وهي صحية شاملة لجميع أنواع الأمراض وليس للسل فقط.

التزام بالهدف

تعمل الجمعية منذ إنشائها وفقاً لاستراتيجية وطنية، فهي تشارك في اجتماعات اللجنة الوطنية للسل المقاوم وفي اجتماعات اللجنة الوطنية لمكافحة التدخين وفي مناقشة الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الإيدز، وكذلك في مناقشة ومتابعة ومعالجة المخالطين لمرض السل وفي جميع الورش والندوات المتعلقة بهذه الجوانب. وقد أكد الدكتور محمد منير أبو شعر أن الجمعية تعمل على صرف تعويضات مالية لمرضى السل طوال فترة علاجهم وتعويضات مرة واحدة في العام لمرضى الجذام، كون هذه الأمراض مكلفة جداً. وهي ملتزمة بدليل العمل الوطني للقضاء على السل. ولفت إلى أن أهم مكونات المكافحة هي الوقاية منه بإعطاء اللقاح المضاد منذ اليوم الأول للولادة والتشخيص المبكر والمعالجة الفعالة والتقيد بالضوابط الإدارية والبيئية والتنفسية المتعلقة بمكافحة العدوى.