تتوجه الرؤية البحثية اليوم نحو الاهتمام بالطاقة الحيوية في كل المجالات سواء كانت غذائية أو صناعية أو تجميلية. ولعل هذا ما يفسر التقدم الذي حققته الهيئة العامة للطاقة الحيوية ضمن أقسامها ومخابرها من إنجاز استثمارات في البحوث الداعمة للاقتصاد الوطني واقتصاد المعرفة وخاصة في مخبر التقانات الحيوية الصناعية والغذائية.

يوضح الدكتور نزار عيسى مدير عام الهيئة العامة للتقانة الحيوية أن هذا المخبر يهتم بإنتاج مستقل بات أولية وثانوية من الكائنات الدقيقة المفيدة لأغراض صناعية وغذائية كإنتاج الأنزيمات أو الملونات الطبيعية والمواد الحافظة الطبيعية وغيرها، إضافة إلى إنتاج الكتلة الحيوية في الكائنات الدقيقة المفيدة بالصناعات الغذائية والعمل على تحسينها وراثياً. ويبين اهتمام المختبر باستخلاص المواد الطبيعية من مصادر نباتية بغرض التطبيقات الغذائية والصناعية سواء كان منكهات أو مواد حافظة أو ملونات طبيعية. كما يقوم على تطوير وفحوصات تخص مواد غذائية أو تجميلية وغيرها من الصناعات وكذلك إنتاج ما يعرف باسم الأغذية الوظيفية.

يعتمد هذا المخبر كغيره من مخابر الهيئة العامة للتقانة الحيوية المنهج القائم على اقتصاد المعرفة منذ تأسيسه الذي جاء بعد افتتاح الهيئة العامة للتقانة الحيوية في عام 2002. وهو مركز بحثي هام لتخديم القطاع العام والخاص وخاصة البحوث التي تجرى في الجامعة سواء كانت هذه البحوث منجزة من قبل أعضاء الهيئة التدريسية أو البحوث الخاصة بطلاب الماجستير والدكتوراه. إضافة لما يقوم به من دورات تدريبية على تقانات معينة سواء دورات فردية لأشخاص معينين بهدف تعلم التقانة المحددة، أو دورات عامة جماعية للتعرف على محاور المختبر وأهم الأجهزة الموجودة فيه.

خلاصات

خبرات

يؤكد الدكتور نزار عيسى أن تقارير مخابر الهيئة العامة للتقانة الحيوية معتمدة من قبل وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك ووزارة الصحة ومن قبل القطاع العام والخاص. وهي معتمدة للقيام بتحاليل معينة تخص المواد الغذائية والطبية. كما أن الشهادات التي تصدر عن هذا المختبر معترف بها لكونها صادرة عن هيئة بحثية تابعة لوزارة التعليم العالي. وتقدم من قبل كادر بحثي تقني موجود في الهيئة ويقدم استشارات وخبرات ذات قيمة عالية للشركات والجهات العامة والخاصة كافة فيما يتعلق بمادة غذائية معينة أو بمنتج صناعي ودوائي معين. وقد لفت إلى أن المختبر يقوم بتحليل العينات الغذائية بناء على كتاب مسبق وطلب مسبق مسجل بالهيئة العامة للتقانة الحيوية، ويتم تحويل هذا الطلب بشكل رسمي من قبل المدير العام إلى مختبر التقانات الحيوية الصناعية والغذائية لإجراء المطلوب بحسب ما هو وارد بداخله.

العمل البحثي

بالنسبة إلى البحوث التي يقوم بها المختبر، فهي تهتم بإنتاج واستخلاص واستخدام المواد ذات المصدر الطبيعي في عمليات التصنيع الغذائي، ومن أهم هذه البحوث هو الاستخدام الكركومي بشكله النانوي كبديل عن المواد الملونة والمواد الحافظة في الصناعات الغذائية. والبحوث التي تهدف إلى استخلاص الإنزيمات من الكائنات الدقيقة واستخدامها في عمليات التصنيع الغذائي كبديل عن المواد الكيميائية التي تستخدم حالياً. وأيضاً بشكلها النانوي وليس بشكلها التقليدي.

وبحسب مدير الهيئة: يقوم المختبر بدورات تستهدف جميع الطلاب سواء كانوا طلاب دراسات عليا في مرحلة الماجستير أو الدكتوراه أو مرحلة الإجازة. كما أنه يستقبل أي شخص متدرب من القطاع الخاص يطمح لتعلم تقانة جديدة تخدمه في مجال عمله. فعلى سبيل المثال تم تقديم الخبرة والمشورة العلمية بإعداد ستة تركيبات كمواد فعالة ومعقمة لإحدى الشركات كمعقمات سطحية للخضار والفواكه والأدوات والمواد بالمشافي. وقدمت الهيئة الخبرة والمشورة لشركة روح الأرض في مجال أعداد المنتجات الغذائية المعدة للأطفال وكبار السن. ويمكن القول أن الهيئة العامة للتقانة تعمل على تنفيذ عقد مشورة وخبرة للعديد من الشركات الدوائية بهدف التقليل من عملية الاستيراد ودعم المنتج الوطني.

معوقات مؤثرة

رغم أهمية هذا المخبر والمخابر الموجودة في الهيئة، إلا أن هناك معوقات مختلفة تحدث عنها الدكتور نزار والتي تؤثر بشكل كبير على عمل المخابر، وفي مقدمتها عدم وجود تيار كهربائي دائم وإخضاعهم لبرنامج التقنين لساعات طويلة. علماً أن الهيئة تتضمن مواد غالية الثمن تقدر بملايين الليرات، وهي بحاجة للكهرباء للمحافظة عليها من التلف. كما أنها هي الوحيدة التابعة لوزارة التعليم العالي وتقدم جوانب علمية وبحثية كبيرة على المستوى الوطني ككل. ومع ذلك لا تعامل معاملة الكليات والمراكز البحثية والهيئات الأخرى من حيث الإعفاء من تقنين الكهرباء. فعلى سبيل المثال في العام الماضي تم تقديم الدعم البحثي والعلمي إلى 90 طالب دكتوراه وماجستير من مختلف الكليات. قاموا بأبحاثهم في الهيئة في ظروف صعبة من تقنين الكهرباء؛ حيث تم اللجوء إلى تأمين المازوت بصعوبة لتشغيل الأجهزة واستكمال هذه الأبحاث.

أما الإشكالية الأخرى فتتعلق بعدم وجود مقر دائم خاص بالهيئة على الرغم من التوسع الأفقي والعمودي لها. إذ إن البناء المتواجدين فيه حالياً يعود لكلية الزارعة بجامعة دمشق، وهذا يشكل عائقاً أمام عمل ومشاريع جديدة تخدم المجالات البحثية الخاصة بها. علماً أنهم يملكون أرضاً مخصصة لهذا الهدف، وهناك مخططات ودراسات هندسية جاهزة منذ أربع سنوات لتنفيذ بناء المقر.

براءات الاختراع

يعتبر الدكتور نزار عام 2022 عاماً مميزاً ونوعياً بالنسبة إلى عمل الهيئة، فقد تم خلاله إصدار عدة كتب تتعلق بالتقانات الحيوية المختلفة. وتم الحصول على براءتي اختراع؛ واحدة تتعلق بالصناعات الغذائية، وأخرى تتعلق بالصناعات التجميلية الصادرة عن مخبر التقانات الحيوية الصناعية والغذائية. كما أنه كان عاماً مميزاً من حيث النشر الخارجي؛ حيث تضاعف عدد الأبحاث المنشورة خارجياً في مجلات محكمة في العام الماضي ووصل إلى 40 بحثاً نوعياً مقارنة بعام 2021 حيث كان عدد الأبحاث المنشورة 20 بحثاً. إضافة إلى إقامة المؤتمر العام لتقانات الغذاء الذي استقطب جمهرة كبيرة من الباحثين من كافة الجامعات السورية والباحثين العرب والذين عادوا إلى سورية بعد انقطاع طويل خلال فترة الحرب.