لا يعد استخدام الليزر في طب الأسنان أمراً مستجداً، إذ إنه يستعان به بالفعل في الكثير من الإجراءات الطبية منذ ثمانينيات القرن الماضي، وقد اتخذه الأطباء خيارات علاجية وتجميلية في هذا المجال. ولكن هل جميع أنواع الليزر يمكن لطبيب الأسنان استخدامها؟ وهل جميع أطباء الأسنان يتقنون الطرق الحديثة والدقيقة في استخدامه؟ وبمعنى آخر هل الجميع يتقن نوع الليزر التي يتوجب استخدامه لكل تطبيق، وكيف؟

يوجد كم هائل من أنواع الليزر، ففي سوق طب الأسنان هناك أكثر من 15 نوعاً من الليزر المختص بهذا الطب، وعليه يسأل الدكتور باسم سليم عميد كلية طب الأسنان بجامعة الأندلس الخاصة وأستاذ مساعد في جامعة تشرين من خلال بحثه حول (تطبيقات الليزر في طب الأسنان) الذي يعتبر محاولة للمكاملة بين طبيب الأسنان والهندسة الطبية المصنعة لهذا الليزر.. ما هي الصعوبات التي تواجهه أثناء التطبيق؟ من أجل تحسين جودة التصنيع والحصول على تطبيقات أفضل ضمن العيادات السنية. وكيف يعرف أن هذا التطبيق هو الذي يجب استعماله لهذا العلاج أو ذاك؟ وبالتالي من المهم معرفة علاقة الليزر مع النسيج السني وفعالية امتصاصه للماء والدم والعلاقة بين طاقة الليزر وفعالية الامتصاص.

اختيار الليزر

عندما يقوم طبيب الأسنان بحفر المينا للوصول إلى العظم، عليه أن يختار ليزراً امتصاصه كامل من قبل النسج الرخوة، وغير ذلك فإن الفعالية ستكون أقل. وبالتالي لا بد من أن يمتلك الطبيب خبرة في أنواع الليزر التي يعمل عليها. وليست المسألة أن هناك ليزر قديم أو جديد، فكل الليزرات قديمة متطورة، وأشهر تطوير حدث مؤخراً هو ما يتعلق بالرؤوس الرفيعة والمرنة التي تدخل ضمن القناة الجذرية وهي مهمة جداً لكونها نقلت الطاقة إلى داخل القنوات الجذرية للسن وساعدت في استئصال العصب واللب وفي تنظيف القناة اللبية. وهنا يؤكد الدكتور باسل سليم أن دور الطبيب يكمن في اختيار الليزر المناسب وأن يكون متمكناً من استخدامه تفادياً لحدوث أي خطورة على المريض.

الليزر

وأشار سليم إلى أهمية هذا الموضوع في الكثير من الدول المتقدمة بحيث لا يستطيع الطبيب استخدام الليزر في عيادته حتى يخضع لثلاث مستويات من التدريب والحصول على شهادة تؤهلك للعمل به واستخدامه على الإنسان. وهو السبب الذي دفعه للتوعية حيال استخدام الليزر وفهم آلية عمله والوصول إلى النتيجة الجيدة للمريض.

خطورة عالية

تختلف أنواع الليزر وتعتمد على الموجات الضوئية المستخدمة فيها وأطوالها وعلى حالته إن كان صلباً أو غازياً ولكن الأمر الجيد وفقاً للدكتور باسم سليم وجود أنواع من الليزر تمتلك طاقة تشغيلية لحفر الأسنان، وبنفس الوقت لقص اللثة، وبالتالي يمكن لطبيب الأسنان شراء ليزر واحد. لكن الحالة الثانية التي تحدث عنها الدكتور باسم والتي لا ينتبه إليها بعض الأطباء، هي وضع الليزر على اللثة دون أن يعرف إن كان الجهاز يمتص الماء والدم أم لا، وفي هذه الحالة سيتابع الليزر طريقه إلى داخل السن دون أن يكون فعالاً على السطح فيحفر تحت اللثة ويشكل خطورة عالية، وهذا يحدث عندما يكون الليزر له امتصاص عال بالعظم ولا يمتص بالماء أو الدم.

أما الحالة الأكثر سوءاً هي حدوث تبعثر للضوء وعدم معرفة التناغم بين النسيج والليزر، فعندما يضع الطبيب شعاع الليزر على النسيج ولا يقوم بالامتصاص أو يعود عليه، فإن ذلك يشكل أذية للمريض والطبيب معاً. وعليه فإنه من الضروري معرفة نوع الليزر وكم هي طول موجته ونمطه، فهل هو مستمر أو نبضي، وكذلك خصائص النسيج المستهدف ومعرفة الواط الذي يحتاجه كل نسيج والوقت الذي يحتاجه. وهي شروط يجب أن تكون متوفرة لدى طبيب الأسنان دفعة واحدة حتى لا يقوم بعمليات تجريبية لمعرفة هذه الخصائص فيكون تطبيق الليزر بشكل اعتباطي ولا يعطي أي فائدة.

ماذا يقدم الليزر

من أهم الأشياء التي تحدث عنها الباحث في ورقة عمله، هو التنبيه إلى استخدام الليزر بشكل بعيد عن النسيج الرخو مما يعطي راحة للطبيب والمريض معاً كما يعطي تعقيماً دائماً أثناء العمل. وهذا يحل ثلاثة أرباع المشاكل التي كان يقع بها طبيب الأسنان فيما يخص التعقيم. إذ من المعروف الكم الهائل من الجراثيم التي تتواجد داخل الفم، وبالتالي كلما كان التعقيم والتخثير جيدين كانت النتيجة مُرضية للجميع. وهذا الدور أصبح من مهام الليزر الحديث إضافة إلى فهم الطبيب آلية استخدامه.

أما الجانب الآخر فهو يتعلق بالدقة والزمن الذي كان يستهلكه طبيب الأسنان في حال تطويل التيجان القصيرة واستخدام طريقة القص التقليدية للثة. فمع وجود الليزر أصبح الأمر أكثر سهولة والقطع أكثر دقة وأقل نزفاً مما يعطي مساحة جيدة للطبيب لرؤية ما يقوم به.

تجاوز المخاوف

أقيمت دراسة كبيرة في بريطانيا حول: ما هو الشيء الذي يخفيك عند طبيب الأسنان؟ وكانت الإجابات تدور حول الحفارة وإبرة التخدير وفي الحالتين الأمر يتعلق بحركة الاهتزاز التي تسببها سنبلة الحفر عندما تلامس المينا. هذا الأمر تم الانتهاء منه بوجود الليزر الذي أصبح يحفر السن دون أي اتصال بين الآلة والسن.

يوضح الدكتور سليم دور الليزر في اختصار مخاوف المرضى بنسبة تصل إلى 50% والأنواع الجديدة التي أعطت سرعة وهدوء داخل العيادات كما أعطت تعقيماً في عملية القطع بدرجة عالية جداً قبل قيام الطبيب بحشو السن. لافتاً إلى أن أي جهاز لا يقدم فائدة كبيرة لا داعي لاستخدامه، وأي طبيب الذي لا يقوم بتعقيم مكان الحشوة قبل وضعها يشكل خطورة على المريض، وعندما يحفر نسيج حي ويبقى المريض يتألم بعدها حوالي أسبوع أو أكثر، هذا يعني أنه لا يوجد تعقيم للمكان. أما في حال تم حفر المكان بالليزر الحديث، فإن المريض لا يتألم لسببين: لأن المنطقة معقمة، ولأن الأقنية العاجية التي تحوي الألياف قام الليزر بصهرها وإغلاقها بشكل كامل وفصلها عن النسيج الحي ما منع حدوث الألم. وأكد الدكتور سليم بأنه لكل ليزر آلية عمل مختلفة، فالذي يستخدم لحفر السن مختلف عن الليزر الذي يستخدم للنسج الرخوة. لكن الجديد في هذا المجال وجود لليزر مشترك يستخدم للغرضين.