تشكل المخابر والتجهيزات في كلية الكهرباء والميكانيك بجامعة دمشق أهمية كبيرة في مجال تدريب الطلبة وخاصة طلاب الدراسات العليا وتمكّنهم من تقوية مهارتهم ليكونوا جاهزين لسوق العمل في هذا القطاع الحيوي والهام. ويشكل مختبر الميكانيك الحيوي لفتة هامة تندرج في إطار الخطة الوطنية للبحث العلمي لإنتاج أبحاث حقيقي تحاكي الواقع وتخدم المستقبل قي ظل توفر الكادر البشري من أعضاء هيئة تدريسية وفنيين وتجهيزات.

يأتي الحديث هنا حول مخبر الميكانيك الحيوي في قسم الهندسة الطبية بكلية الهمك بجامعة دمشق الذي تم افتتاحه منذ عدة أعوام كإنجاز علمي بدأت ثماره البحثية في النضوج وتقديم ما يخدم الطلبة والجامعة والمجتمع في وقت واحد. يتحدث الدكتور مصطفى موالدي عميد كلية الهندسة الكهربائية والميكانيكة حول هذا المصطلح الذي بتنا نسمع عنه كثيراً وخاصة في الفترة الأخيرة لدخوله في عدة أمور كثيرة هامة وحيوية في حياتنا، ولكن هناك من يجهل هذا العلم ومجالات استخدامه وكيف يفيد الفرد ويتدخل في حياته. مشيراً إلى بحثه الذي شارك فيه طلبته بقسم الدراسات العليا والمتعلق بدراسة حركة الإنسان وقوى ردود الفعل وزوايا المفاصل واختلاف مفصل الكاحل عن مفصل الورك وعن مفصل الركبة وفقاً للتطبيقات الميكانيكية الحيوية الخاصة بالأطراف الصناعية والأجهزة التقويمية.

القيمة المضافة

ويبين موالدي أن التجهيزات الموجودة حالياً في المختبر تشابه بعملها أجهزة الترقب الدقيق ومحطات الخلوي، وهي تجربة بدأت في بلدان مختلفة لربط الطالب مع سوق العمل، وهي من التجارب الناجحة لتلك الدول من حيث قوة إتقان الخدمة التي تقدم للإنسان الذي اضطر لتركيب طرف صناعي بدلاً من الطرف الطبيعي الذي فقده. فعندما يتم تركيب طرف صناعية أو جهاز تقويم لشخص ما يجب معرفة نوعية هذه الأجهزة وماذا قدمت للمريض وما هي القيمة المضافة التي تحققت له، بالتالي هي تعتمد على القيام بدراسة للمريض قبل إجراء التطبيق وبعده، ويقوم الباحث أو الطبيب عن طريق المخبر بمعرفة انحرافات المشي وما هي التعديلات التي تحققت له، وهل أصبح يسير بشكل صحيح، وهل الجهاز قدم الفعالية المطلوبة لهذا المريض؟

ميكانيك الجسد

وأشار عميد كلية الهمك إلى وجود أطراف صناعية بأشكال مختلفة؛ فعلى سبيل المثال هل تم تركيب الركبة وحيدة المحور (ركبة هيدروليكية أم ركبة هوائية) والمقارنة قبل التركيب وبعده. وكذلك الأمر بالنسبة إلى أنواع الأقدام الصناعية ومعرفة أيهما الأفضل لكل مريض وما يناسبه. وكل ذلك لا يمكن أن يكون إلا عن طريق مخبر الميكانيك الحيوي الذي أصبح يشكل فرصة جيدة لمرضى الشلل الدماغي.

دراسة ميكانيكية

ويبين الدكتور موالدي من خلاله بحثه الفضل الكبير لمخبر الميكانيك الحيوي الذي أصبح يمتلك داتا كبيرة جداً، ويستطيع تحليل الأورام والحركات وقوى المفاصل. وأصبح الطبيب يستطيع تحديد نوع العملية المطلوبة وتظهر معه العضلة الضعيفة التي تحتاج إلى العملية من خلال تحليل المشي بشكل جيد. وذلك بعد أن كان الطبيب يفحص المريض بشكل اعتيادي ويحدد له عملية على سبيل المثال في وتر الكاحل أو عضلة الشدة أو أي أمر يخص العضلات، كان يتم إجراء العملية ويمشي المريض بعدها ليكتشف الطبيب أن الأمور ليست جيدة فهو بحاجة إلى عملية ثانية قد تكون بعضلات مفصل الورك على سبيل المثال، فيعود ويخضع المريض لعملية ثانية. وعليه كان الطبيب يجري للمريض عدة عمليات ليصل إلى الحالة المعقولة.

ويرى الباحث أنه بفضل هذا العلم الجديد تم اختصار جميع هذه المراحل لكونه يشكل دراسة ميكانيكية لحركة الإنسان عن طريق تحليل مشيته gait analysis وتطبيق مبادئ الميكانيك العام على جسمه. إذ يعد الميكانيكا الحيوية علماً من العلوم الطبيعية التي نعرفها جميعاً، مثل الفيزياء والكيمياء، ولكنه يمتاز بكونه علماً قام بتطبيقه مهندسو العوامل البشرية في جنرال موتورز الذين يتمتعون بمعرفة كبيرة في مجال الميكانيك الحيوي وعلم النفس والأبحاث الكميّة والهندسية.

تحليل مفصل للحركة

يوضح الدكتور موالدي بعض الأمور المتعلقة بهذا العلم، مبيناً أن فهم المبادئ الأساسية في الميكانيك الحيوي ضرورية جداً عند التعامل مع مرضى البتر وخصوصاً في مرحلة تدريب المشي على الطرف، ويساعد أيضاً في فهم ميكانيكية تشوهات المشي وطرق الحل لهذه التشوهات وميكانيك Mécanique ومعناها علم الميكانيك، أي القوانين الميكانيكية الثابتة التي تحد من الحركة. والميكانيك الحيوي علم يدرس حركة الإنسان في المجال الرياضي، وهو من العلوم الواسعة التي تهتم بحركة الأجسام ومسبباتها. ويتفرع من هذا العلم فروع أخرى مثل الميكانيكا الحيوية في الرياضة الذي يقدم تحليلاً مفصلاً للحركات الرياضية؛ وذلك من أجل تقليل مخاطر الإصابة وتحسين الأداء الرياضي، وهناك مجال العلوم المعني بتحليل آليات حركة اللاعب، حيث يشير إلى الوصف والتحليل التفصيلي وتقييم الحركة البشرية أثناء الأنشطة الرياضية. ويشير إلى أن تخصص هندسة الميكانيك الحيوي هو أحد تخصصات الهندسة الميكانيكية التي تعمل على دمج علم الأحياء والطب السريري مع ميكانيكا الهندسة والتصميم، حيث يتم التركيز فيه على الميكانيكا الحيوية العصبية العضلية والهيكلية والأوعية الدموية وأجهزة الاستشعار الحيوية.